الإثنين 24 فبراير 2020 / 12:25

أردوغان يراوغ.. عودته إلى الحضن الغربي ليست مجانية!

بعدما طلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من نظيره الأمريكي دونالد ترامب تزويده بصواريخ باتريوت المضادة للطائرات لمواصلة قتاله في شمال غرب سوريا، حذر بوبي غوش، كاتب رأي لدى موقع "بلومبرغ" الاقتصادي، من أن تلك خديعة لا يجب أن تنطلي على ترامب، وأن دعم واشنطن لأنقرة في نزاعها مع موسكو سيكون له ثمن باهظ.

على أردوغان الدخول في محادثات سلام مع قوات كردية حليفة لأمريكا في شمال شرق سوريا، ويتوقف عن التهديد بإطلاق مزيد من موجات اللاجئين نحو أوروبا

ويرى الكاتب بأنه بالنظر لميل أردوغان لممارسة ألاعيب سياسية، من الصعب معرفة جدية طلب تركيا من أمريكا بشأن نشر بطاريات صواريخ باتريوت الدفاعية عند حدودها الجنوبية مع سوريا. وقد أحيل الطلب في الأسبوع الماضي على جيمس جيفري، المبعوث الأمريكي إلى سوريا.

ومن الناحية الظاهرية، يقصد من الحاجة إلى صواريخ باتريوت ردع – أو معاقبة- الطيران الروسي، الذي يوفر غطاءً جوياً للجيش السوري في تكثيف المعركة في إدلب.

خديعة
لكن حسب الكاتب، هناك احتمال قوي أن يكون الطلب عبارة عن خديعة، وأن القصد إيصال رسالة إلى موسكو، لا إلى واشنطن. ويحتمل أن أردوغان يوحي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن العلاقة الروسية – التركية الجديدة حول إدلب في خطر.

وبرأي كاتب المقال، يصعب إخفاء تلك الرمزية. فقد كان قرار أردوغان في العام الماضي بشراء منظومة صواريخ S-400 الدفاعية الروسية عوضاً عن نظام باتريوت الذي عرضته الولايات المتحدة مؤشراً على ابتعاد تركيا عن حلفائها في حلف شمال الأطلنطي، وتحولها نحو خصمهم. ولربما يريد أردوغان أن تصدق موسكو بأن عملياتها في إدلب قد تجبر تركيا على العودة إلى الكتلة الغربية.

ويجزم الكاتب بأنها خديعة، وأنه لا يتوقع أن تنطلي على ترامب، ويفترض بالولايات المتحدة أن تؤكد هذه الحقيقة.

ومن جانب آخر، يدرك الزعيم الروسي أنه يصعب على أردوغان انتزاع نفسه من علاقة استثمر فيها رأسمالاً سياسياً ضخماً. وعلى نفس القدر من الأهمية، باتت روسيا فعلياً شريكاً اقتصادياً هاماً، في مجالات تبدأ بالطاقة وصولاً إلى السياحة.

تجاهل
وإلى هذا اليوم، تجاهل بوتين خطاب أردوغان العدواني بشأن إدلب. وتواصل مقاتلات روسية قصف مواقع تخضع لسيطرة تركيا وحلفائها من المتمردين السوريين. وحسب تقديرات أنقره، بات حالياً قرابة 40 ألف من المتمردين محاصرين في إدلب – فضلاً عن 20 ألف من المقاتلين الإسلاميين المرتبطين بالقاعدة. ولا تفرق روسيا بين الفريقين، وتقول إنهم مدعومون بالمدفعية التركية.

وإلى جانب سقوط قتلى من قوات تحارب بالوكالة عن تركيا، قتل جنود أتراك في القتال الدائر في إدلب.

وقد أعربت الولايات المتحدة عن دعمها للموقف التركي، ولكن إدارة ترامب لم تلتزم بتقديم أية قوة نارية أمريكية، سواء في الجو أو على الأرض. وقال ترامب في بداية الأسبوع الأخير: "نعمل معاً على رؤية ما يمكن القيام به".

طلب صعب
وفي مطالبته الولايات المتحدة بنشر صواريخ باتريوت، يعني ذلك، حسب كاتب المقال، أن تركيا تدعو فعلياً لوجود قوات أمريكية وسط النزاع. ويعتبر ذلك مطلباً صعباً في أوج دورة انتخابية جديدة يركز فيها ترامب على" نجاحه" إلى حد كبير في خفض الوجود الأمريكي في سوريا. ولربما لا تتطابق مزاعم الرئيس مع الإحصاءات، ولكن صداها يتردد مع قاعدته الشعبية.

لكن الكاتب يرى أن ترامب يحب أردوغان على ما يبدو، وتجاوب مع طلباته، وخاصة عندما قدمت له مباشرة، أي من رئيس لرئيس. ويستطيع ترامب تجاهل طلب للحصول على باتريوت قدم عبر مبعوثه جيفري. ولكن من أجل الرد على استمرار عملية روسية ضد تركيا ووكلائها، وفي حال اتصل أردوغان نفسه بالبيت الأبيض ٠٠٠ يصبح أي شيء ممكناً.

شروط
وحسب الكاتب، في حال تحقق ذلك الأمر، ينبغي أن يضع ترامب شروطاً بشأن بطاريات باتريوت. إذ يفترض أن تحتفظ تركيا بأنظمة S-400 داخل مخازن مقفلة – أو يفترض إعادتها لمصدرها- مع الموافقة على عدم طلب المزيد منها. كما ينبغي أن يتعهد أردوغان بالدخول في محادثات سلام مع قوات كردية حليفة لأمريكا في شمال شرق سوريا، ويتوقف عن التهديد بإطلاق مزيد من موجات اللاجئين نحو أوروبا.

ويرى كاتب المقال أنه في حال ثبت أن الطلب التركي بالحصول على صواريخ باتريوت خدعة حقيقية، سيرفض أردوغان تلك المطالب. وعندها يجب عليه أن يبقى في المستنقع الذي صنعه بيديه في سوريا.