شعار الجزيرة.(أرشيف)
شعار الجزيرة.(أرشيف)
الإثنين 24 فبراير 2020 / 17:58

رئيس الموساد في الدوحة... تطبيع حلال!

ربما حان الوقت لأن تعيد الجزيرة النظر في شعارها وفي خطابها وتعلن أنها قناة موجهة لخدمة دور سياسي، وأن مليارات الدولارات التي تنفق عليها ليست تمويلاً بريئا يخدم حق الانسان في المعرفة

للمرة الثانية في ستة أشهر يقوم رئيس الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين بزيارة قطر، ويحل ضيفاً على حكومتها في الدوحة التي تستضيف أيضاً قيادة حماس.

هذه الزيارة العلنية – السرية لم تحظ بالتغطية الإعلامية التي تستحقها وخاصة في الإعلام القطري وفي الأذرع الإعلامية التي تملكها وتمولها قطر وتديرها الكوادر الإعلامية في جماعة الإخوان وعدد من المنقلبين على ذواتهم والذين خرجوا من تنظيمات وأحزاب يسارية ليشاركوا في حمل الرسالة "التوعوية" الجديدة التي أطلقتها قناة الجزيرة بأسلوب يعتمد بدرجة كبيرة على كي الوعي العربي وتأسيس "الفوضى العقلية الخلاقة" لكي تفقد الصدمات السياسية قدرتها على الإدهاش وتفجير الأسئلة الصعبة.

مرت الزيارة دون عناوين مثيرة، وبلا شعارات مقاومة للتطبيع، ولم نعرف شيئاً عن طبيعتها، ولم تسرب الجزيرة فحوى ومضامين اللقاءات التي أجراها كوهين مع المسؤولين القطريين، ولم نعرف إن كان المسؤول الأمني الإسرائيلي الأول قد التقى أحداً من قيادات حماس في العاصمة القطرية، أم أن مفاضات غير مباشرة تمت بين الطرفين برعاية قطرية.

لم نعرف أيضاً سبب تجاهل الأدوات الإعلامية التابعة للدوحة لهذا الخبر الخطير، وقد يأخذنا الظن مثلاً إلى أن مدير الجزيرة أو مدير غرفة الأخبار في القناة قد أدى صلاة الاستخارة قبل قراره تجاهل الخبر، مثلما فعل رئيس مجلس السيادة السوداني قبل لقائه مع نتانياهو متجاهلاً مزاج الشارع السوداني وموقف مواطنيه الرافضين للتطبيع مع إسرائيل.

في كل الأحوال ذهب كوهين إلى الدوحة وعاد إلى تل أبيب، وتحركت قطر على الفور وأرسلت حقيبة الخمسة عشر مليون دولار إلى غزة. ولم تصدر حركة حماس بياناً ضد الزيارة وإن كانت تؤكد كل يوم تجريمها للتطبيع.

من جهتها، صمتت السلطة الفلسطينية أيضاً ولم تصدر بياناً ضد استقبال الدوحة لكوهين، وكأن الأمر لا يعنيها، ولا يخدم التأسيس لفرض صفقة القرن التي تعلي السلطة صوتها في رفضها الشفهي، وتواصل في الوقت نفسه التنسيق الأمني مع الاحتلال.

نعرف أن إسرائيليين آخرين يزورون عواصم عربية غير الدوحة، لكن هذه الزيارة تحديداً مثيرة للأسئلة ناهيك عن الاستفزاز لأن كوهين هو رئيس الموساد وليس رئيس شركة لتصنيع مواد التجميل.

نعرف أيضاً أن قوى وأحزاباً سودانية مشاركة في تحالف ما يسمى قوى الحرية والتغيير لم تعترض على لقاء برهان- نتانياهو أو اعترضت بخجل، لكننا نعرف أيضاً أن إسلاميي السودان كانوا أول من تفهم خطوة برهان، ولم تشر الجزيرة إلى هذا "التفهم" بل اكتفت بعرض مواقف القوى الأخرى.
هذه الانتقائية في التغطية مفهومة ومبررة لأن الجزيرة، وإن كانت ترفع شعار الرأي والرأي الآخر، هي في الحقيقة قناة الرأي الواحد الذي يتماهى مع الدور القطري، ويخدم التوجه المعلن للدوحة سواء في شأن الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي أو في الملفات الأخرى في المنطقة كمشروع تقسيم سوريا بالتعاون مع الأتراك وتخريب العراق بتوظيف كل شياطين الأرض.

ربما حان الوقت لأن تعيد الجزيرة النظر في شعارها وفي خطابها وتعلن أنها قناة موجهة لخدمة دور سياسي، وأن مليارات الدولارات التي تنفق عليها ليست تمويلاً بريئاً يخدم حق الانسان في المعرفة، ولا هي منحة لتطوير الأداء الإعلامي.

هذا ما أصبح معروفاً لدى الجمهور، لكن ما نعرفه حتى الآن، وننتظر فتوى إخوانية في شأنه، يتعلق بجواز أو حرمة التطبيع، وهل هناك تطبيع حرام وتطبيع حلال؟!