الثلاثاء 25 فبراير 2020 / 11:54

إيران زوّرت الانتخابات.. وخسرتها!

يرى كريستيان أوليفر، محرر بارز لدى مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، أن هدف الانتخابات البرلمانية التي جرت في إيران يوم الجمعة، والتي سمح فقط للمتشددين بالترشح لها، كان توفير فوز سهل للنظام المتهالك بقيادة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

سيؤدي اتهام أمريكا لإيران بتعمد التستر على المرض إلى مفاقمة الغضب الشعبي بشأن تكرار كذب الحكومة الإيرانية حول قضايا عدة،

ولكن التصويت المدبر عكس تخبطاً في سياق تعزيز شرعية النظام. وتأكدت تلك الحقيقة في تسجيل أدنى مشاركة في تاريخ الجمهورية الإسلامية، وقلق متزايد من تقليل الحكومة حجم انتشار فيروس كورونا الذي أودى بـ11 شخصاً في البلاد، وهي أعلى حصيلة وفيات خارج الصين.

تبادل اتهامات
واتهمت وزارة الخارجية الأمريكية طهران بتعمد تقليل حجم انتشار الفيروس، ونشر معلومات مضللة. وفي المقابل، أبدى خامنئي الذي طالب الإيرانيين بالإقبال على الانتخابات، استياءه من استخدام دول معادية لبلاده، للفيروس كحملة دعائية، وزعم بتوجيه رسائل عبر الإنترنت بقصد تخويف الناس من التوجه للتصويت.

وحسب كاتب المقال، ترددت طهران، منذ ليلة الجمعة، في إصدار"الحصيلة الرسمية" لنسبة المشاركة في انتخاب المجلس المكون من 290 عضواً. ولكن وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فاضل، أشار يوم الأحد إلى أن نسبة الإقبال كانت دون نسبة 42%. وتقل تلك النسبة بكثير عن 62% في  2016، وحوالي 69% عام 2000 . كذلك بلغت نسبة المشاركة في آخر انتخابات رئاسية عام 2017، 73% عندما هزم حسن روحاني منافسه المتشدد إبراهيم رئيسي.

وحسب وزير الداخلية الإيراني، لم تزد نسبة المشاركة في انتخابات يوم الجمعة عن 25.4% في طهران. وأشار مسؤولون يوم الاقتراع، لتسجيل أرقام متدنية في مختلف المناطق الإيرانية. ويُعرف عن النظام قدرته على نقل الموالين بواسطة حافلات للمشاركة في مناسبات كبيرة، كما مددت مواعيد إغلاق مراكز الانتخاب في يوم الجمعة في محاولة لرفع نسبة المشاركة.

فرصة لخامنئي
ويرى الكاتب، أن الانتخابات مثلت فرصة بالنسبة لخامنئي كي يعيد تجميع صفوف قاعدته من المتشددين بعد أشهر من الأزمة، والتي نجمت عن قتل قواته مئات من المنتفضين في نوفمبر(تشرين الثاني)، وإسقاط طائرة ركاب أوكرانية، الشهر الماضي، مما أدى لوفاة 176 ضحية. واستغنت السلطات الإيرانية في العام الجاري عن مظاهر المنافسة المفتوحة، فحظرت مرشحين ليسوا متحالفين بشكل وثيق مع النظام. واستبعد مجلس صيانة الدستور الذي يدقق في أوراق المرشحين، حوالي 7000 من أصل 14.000 مرشح. ووصف وزير الخارجية الأمريكي عملية الانتخاب بأنها "صورية".

وأظهرت النتائج النهائية لفرز أصوات المقترعين سيطرة شبه مطلقة للتيار المحافظ(221 مقعداً) على البرلمان المقبل في مقابل 16 مقعداً للإصلاحيين و34 للمستقلين.

ومن المقرر أن تحسم الجولة الثانية المقررة يوم 18 أبريل( نيسان) المقبل المقاعد المتبقية، وعددها 19.

ووفقاً لقائمة أسماء الفائزين عن دائرة طهران الكبرى، فقد فاز أعضاء لائحة "مجلس التحالف للقوى الثورية" بقيادة عمدة طهران الأسبق محمد باقر قاليباف، بجميع مقاعد العاصمة، وعددها 30 من بين 290 مقعداً.

وكان خامنئي أمل في أن يكون "الإقبال الواسع" في الانتخابات دليلاً على "إيمان الإيرانيين بثورتهم، وصورة تعبر عن تحدي الأعداء في الخارج" وهو ما يعني عادة الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية.

حملة واسعة

ولكن حسب الكاتب، تعمد مسؤولون إيرانيون للضغط على الناخبين كي يقبلوا على التصويت رغم وجود أدلة على أن تفشي فيروس كورونا في البلاد أكثر حدة، مما كان معلناً.

وبالفعل أعلنت إيران، بعد انتهاء عملية التصويت مباشرة، عن حملة واسعة لوقف انتشار المرض. فقد أغلقت السلطات المدارس والجامعات والمراكز الثقافية ودور السينما. وأغلقت تركيا وباكستان وأرمينيا وأفغانستان حدودها مع إيران.

وباعتقاد الكاتب يطرح رد الفعل الواسع بشأن كورونا عبر البلاد، تساؤلات فورية بشأن سبب امتناع طهران عن تأجيل التصويت لدواع صحية عامة، وخاصة عندما اتضح في يوم الانتخاب بأن الفيروس انتشر في مناطق مختلفة، كمدينة قم وساحل بحر قزوين.

ومن هذا المنطلق، سيؤدي اتهام أمريكا لإيران بتعمد التستر على المرض إلى مفاقمة الغضب الشعبي بشأن تكرار كذب الحكومة الإيرانية حول قضايا عدة، ومنها دورها في إسقاط الطائرة الأوكرانية.

ورغم ذلك، حيا خامنئي حماسة الناخبين في مدينة قم المحافظة، التي يبدو أنها كانت مركز تفشي كورونا. وقال: "رغم أن سكان قم كانوا في وسط هذا المرض، كانت الدوائر الانتخابية في هذه المدينة من أكثر المراكز ازدحاماً في إيران".