الثلاثاء 25 فبراير 2020 / 12:27

أردوغان في سوريا..خياران أحلاهما مرّ

قال الصحافي بيبي اسكوبار، في تقرير بموقع "آسيا تايمز"، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يدعم في الواقع فلول تنظيم القاعدة الإرهابي في سوريا، ويواجه خيارين أحلاهما مر، إما الانسحاب المُهين أو الحرب الشاملة ضد الجيش السوري.

ثمة ثلاثة احتمالات ربما تكون وراء إصرار أردوغان على التصعيد والخداع

ويُشير الصحافي إلى أن الأمور كلها رهن برقعة الشطرنج الفوضوية البطيئة التطور في إدلب؛ إذ يتعين على دمشق السيطرة على الطريق السريع m5 بين دمشق وحلب وكذلك الطريق السريع m4 بين اللاذقية وحلب، لاسيما أن استعادة هذين المحورين الأساسيين ستقود في نهاية المطاف إلى تهميش مذكرة تفاهم سوتشي التي تم توقيعها بين روسيا وتركيا في سبتمبر (أيلول) 2018.

أنقرة لم تلتزم تعهداتها
وعلى الرغم من قلق الغرب حيال مدى التزام دمشق، إلا أن أنقرة هي التي لم تلتزم تعهداتها في مذكرة التفاهم بحماية المرور المدني على كلا الطريقين السريعين، ولم تلتزم أيضاً بطرد الجماعات الإرهابية المتطرفة من المنطقة المجردة من السلاح.

وبحسب التقرير، أخلت أنقرة بشكل خاص بالنقطة رقم 8 في مذكرة التفاهم التي كانت تنص على استعادة حركة المرور على طول المحورين m4 وm5 قبل نهاية 2018، من أجل ضمان الحرية للسكان والبضائع المحلية واستعادة الروابط التجارية والاقتصادية.

ومن الناحية الواقعية تسيطر هيئة تحرير الشام، ذراع لتنظيم القاعدة في سوريا داخل منطقة الطريق الدائري، على مساحات شاسعة في إدلب. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة صنفت هيئة تحرير الشام بأنها "منظمة إرهابية"، إلا أن أردوغان يعمد إلى دعمها وتسليحها، وعندما يرد الجيش السوري على هجمات هذه المنظمة الإرهابية، يثور أردوغان ويهدد بالحرب.

الدعاية التركية
وينتقد الصحافي الغرب الذي يستجيب للدعاية التي تروج لها أنقرة وتدين استعادة الجيش السوري للمحاور الأساسية التي كانت تحت سيطرة المعارضة منذ 2012. والأدهى من ذلك أن أردوغان يُمتدح ويندد الناتو بالهجمات على القوات التركية.

ويقول التقرير إن "التفسير الرسمي لأنقرة لوجودها العسكري في إدلب يتوقف على تقديم تعزيزات إلى مراكز المراقبة، ولكن هذا هراء وغير حقيقي. والواقع أن أنقرة تطالب الجيش السوري بالابتعاد عن مواقع بعيدة من إدلب كان يشغلها قبل أشهر. ولن تلتزم دمشق بذلك لأن القوات التركية هي بالفعل قوة احتلال تحميالمعارضة المسلحة التي سبق أن استبعدتها موسكو وأنقرة بشكل حاسم من مذكرة اتفاق سوتشي".

ويورد الصحافي عدداً من الحقائق وأبرزها أن موسكو ودمشق تسيطران على المجال الجوي فوق إدلب، وتقوم طائرات "سو 34" بدوريات في جميع الأجواء السورية الشمالية الغربية؟ وعلاوة على ذلك، تنشر موسكو سفناً حربية محملة بصورايخ كروز في شرق البحر المتوسط. وتعكس هجمات الجيش السوري على مدى الأشهر القليلة الماضية لتحرير الأراضي السورية التعاون الدقيق مع موسكو في التخطيط والتنفيذ وتوفير الخدمات اللوجيستية.

مناورة أردوغان

ومن المرجح، بحسب التقرير، أن يقوم الجيش السوري بتطويق القوات التركية من الشمال والشرق والجنوب، وبذلك، سيكون هناك طريق واحد للأتراك وهو المعبر الحدودي في باب الهوى، للعودة إلى تركيا. وفي مواجهة هذه الكارثة المؤكدة، لا عجب في أن يضطر أردوغان إلى الحديث عن التصعيد مع بوتين يوم الثلاثاء.

ولكن الخطوط الحمراء من جانب موسكو تظل ثابتة؛ إذ سيتم تحرير الطرق السريعة، وفق اتفاقية سوتشي، وبالطبع لا يستطيع السلطان العثماني الجديد شن حرب مع روسيا.

ويرى الصحافي أن ثمة ثلاثة احتمالات ربما تكون وراء إصرار أردوغان على التصعيد والخداع، أولها أن واشنطن تجبره على ذلك وتتعهد بتقديم الدعم الكامل لحليفتها في الناتو، وثانيها أن القوات التركية تحاول حفظ ماء الوجه، وثالثها أن أردوغان يفعل ذلك لتفادي انتقام المعارضة المسلحة.

ويبدو الاحتمال الأول الأكثر منطقية، برأي الصحافي، رغم أن أردوغان لديه عقود مهمة للغاية مع موسكو تتعلق بالاقتصاد والطاقة. وفي الوقت نفسه هو يدرك جيداً أن مجموعة من الإرهابيين المسلحين وستة آلاف جندي تركي فقط، لن يكونوا قادرين على مواجهة قوات الجيش السوري والقوات الجوية الروسية.

ويقارن التقرير المأزق التركي الحالي بتحالف عصابات بقايا الجيش السوري الحر مع القوات التركية عندما حاربت الأكراد في عفرين، ولكن تركيا في ذلك الوقت كانت تسيطر على المجال الجوي ولديها ميزة مدفعية هائلة من جانبها على الحدود. والوضع الآن يختلف حيث تسيطر دمشق وروسيا على المجال الجوي ولا يمكن أن تدخل المدفعية التركية إلى إدلب، فضلاً عن أن خطوط الإمداد مروعة.

هزيمة العثمانيين الجدد

ويضيف الصحافي "إذا كان الوضع على هذا النحو، إذا ماذا يفعل أردوغان؟ واقع الأمر أن شبكة الإخوان المسلمين الخاصة بأردوغان هي التي تدير إدلب على أرض الواقع، وهي مناورة رائعة لضمان أن يظل أردوغان الرجل القوي الذي يتعين على الرئيس السوري بشار الأسد التحدث معه عندما يحين الوقت المناسب".

يدرك أردوغان جيداً أن دمشق فازت في الحرب الأهلية التي استمرت تسع سنوات، وتستعيد الآن سيطرتها على كل أراضيها ولا مجال للتراجع عن ذلك، ولكنه يطمح في أن "يبيع" للأسد فكرة أنه كان مسؤولاً في نهاية المطاف عن التخلص من الجهاديين في هيئة تحرير الشام والجيش السوري الحر.

ويشير الصحافي إلى محاولات أردوغان استعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية وأن شرق الأناضول لم ينته عند الحدود مع العراق وسوريا ولكنه يمتد حتى الموصل، وسوريا هي البوابة الذهبية التي من خلالها سوف تتمكن تركيا من استعادة الشرق الأوسط، ولكن كل هذه الخطط قد تبددت الآن.

وتصر الولايات المتحدة بكل الوسائل على منع الوحدة الأوروبية الآسيوية والشراكة الاستراتيجية الروسية الصينية من الوصول إلى الطرق البحرية، خاصة في شرق البحر المتوسط عبر سوريا وإيران.

ويختم التقرير "الصورة الواقعية الآن هي أن أردوغان يحاول جاهداً التأكد من أن قواته في سوريا لن تتعرض للهزيمة على أيدي قوات الجيش السوري".