الثلاثاء 25 فبراير 2020 / 15:52

إيران ترجئ ولا تلغي.. المصالحة مع الغرب

في سياق تحليلها لنتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة في إيران، ترى غولنار موتيفالي، كاتبة مستقلة لدى موقع "بلومبرغ"، أن فوز المتشددين يسلم البرلمان إلى أشخاص عازمين على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء في ما يتعلق بالمصالحة مع الغرب.

في نهاية المطاف، يتوقع أن تعيد الدولة القديمة حساباتها بشكل عملي كي تضمن الحفاظ على وجودها

وتتوقع موتيفالي أن يحصل تراجع عن التزامات في الصفقة النووية المفرغة من محتواها، فيما ينزف الاقتصاد الإيراني بسبب حملة أقصى ضغط التي تنفذها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وفي هذا الإطار، قال عدنان طبطبائي، محلل إيراني ومشارك في تأسيس مركز للأبحاث التطبيقية في الشراكة مع الشرق، ومقره في بون إن "ما نشهده من نتائج في الانتخابات البرلمانية هو تجسيد أساسي لما كان يجري منذ بداية صيف العام الماضي، عندما بدأت إيران في اتخاذ نهج أكثر صدامية. وهذا ما يجعل حماية الصفقة النووية أكثر صعوبة".

حسابات استراتيجية
وفي الوقت نفسه، ولأنه أصبح للمحافظين تأثير قوي على الحكومة، يقول علي الفائز، مدير مشروع إيران لدى مجموعة الأزمات الدولية: "ستكون المحادثات مع واشنطن مسألة حسابات استراتيجية، وليس توازن قوى محلية. وذلك يعني أن التعامل مع الغرب سيكون أكثر صرامة".

وفي ظل تنامي مشاعر رافضة للصفقة النووية لعام 2015 وللغرب عموماً، وخاصة بعد اغتيال الولايات المتحدة الجنرال قاسم سليماني في ضربة بواسطة طائرة دون طيار في يناير(كانون الثاني)، أطلقت يد مجلس صيانة الدستور لنزع أهلية معظم المعتدلين والوسطيين للترشح للانتخابات. وقد أدى ذلك، مع انتشار تقارير عن ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا في الأسبوع الماضي، إلى تراجع نسبة الإقبال على التصويت إلى 42%، وتسلم خامنئي مجلساً تشريعياً مطواعاً.

إلى ذلك، بعد أربع سنوات من وجود رئيس وبرلمان معتدل، بات المتشددون يهيمنون على معظم مرافق الدولة، وذلك لأول مرة منذ نهاية رئاسة محمد أحمدي نجاد في 2013.

اقتتال داخلي
وفيما يرجح تراجع حدة اقتتال داخلي شرس اتسم به عهد الرئيس روحاني، سيأتي ذلك على حساب دعم شعبي لنظام سياسي واجه فعلياً اضطرابات وانشقاقات. وتأتي الانتخابات البرلمانية قبيل التصويت في العام المقبل لاختيار رئيس جديد لإيران.

وبرأي كاتبة المقال، ربما تؤدي زيادة تمثيل شخصيات أمنية سابقة في البرلمان- بعضهم من الحرس الثوري الإسلامي النافذ، لتقليل فرص التسامح بشأن إجراء نقاشات حول المجتمع المدني والحريات الاجتماعية وحرية وسائل الإعلام. ومع ذلك، قال طبطبائي إن النواب الجدد ليسوا بالضرورة متجانسين في تفكيرهم، ومنهم عناصر إصلاحية أيضاً.

وتشير الكاتبة إلى أن الانتخابات كانت تميل لصالح المحافظين قبل أشهر من اندلاع احتجاجات مناهضة للحكومة دامت أربعة أيام، وأدت لإطلاق أشد حملة قمع منذ ثورة 1979. ووفق تقديرات مجموعات حقوق إنسان، قتل في تلك المظاهرات أكثر من 300 شخص.

تشكيل محور
وقبل ذلك، اتهم خامنئي الموقعين الأوروبيين على الاتفاق النووي بالانضمام إلى الولايات المتحدة ضد إيران (سحب ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق في 2018) ودعا لتشكيل "محور لاقتصاد المقاومة". وتقضي خطته بتقليل الاعتماد على سلع مستوردة مع الاعتماد على الصين وروسيا في مجال الاستثمارات ونقل التكنولوجيا. ولكن العقوبات ليست إلا جزءاً من مشكلة اقتصاد يتراجع إنتاجه وقطاعه الخاص ضعيف.
  
وقال طبطبائي إنه يتعين على المجلس التشريعي الجديد "التعامل مع ذات المشاكل للحكومة الحالية، وهي مشاكل اقتصادية واجتماعية اقتصادية لأناس عاديين، وسيكون على المجلس تقديم الحلول لها".

إلى ذلك، قد تبتعد السياسة الاقتصادية الإيرانية عن أوروبا بالكامل، بعدما فشلت في إيجاد طريقة لتجنب العقوبات الأمريكية والسماح بتدفق صادرات إيران النفطية. وسوف يتبع ذلك جهد أكثر تنسيقاً لتوسيع وتعميق علاقات تجارية مع الصين وروسيا. ويتوقع منح الحرس الثوري، وهو يستفيد بالفعل من عقود بناء رئيسية، مزيداً من مشاريع البنية التحتية المحلية لأن العقوبات قضت على معظم مجالات الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

حفاظ على الذات
لكن فائز يقول إنه رغم العقبات، قد لا تغلق إيران جميع أبوابها أمام الغرب. ويضيف "إذا دل الماضي على شيء ما، سيكون التعامل مع المتشددين في إيران أكثر صعوبة بالنسبة للغرب. وسيكون على البرلمان الجديد تبني نهج أكثر تشدداً حيال السياسات الخارجية والنووية. ولكن في نهاية المطاف، يتوقع أن تعيد الدولة القديمة حساباتها بشكل عملي كي تضمن الحفاظ على وجودها".