الأربعاء 26 فبراير 2020 / 15:10

معدل وفيات كورونا في إيران يثير الذعر.. والنظام يتكتم

24 - إعداد: ريتا دبابنه

أثار وجود أكبر عدد من الوفيات بفيروس كورونا في إيران، بعد الصين، تساؤلات حول كيفية تعامل الحكومة مع الأزمات الصحية العامة والتي تتطلب إجراءات فورية وعاجلة، وما إذا كان النظام السري غالباً ما يكون شفافاً تماماً بشأن مدى تفشي المرض ومعدل الوفيات الحقيقي.

قال المتحدث باسم وزارة الصحة الإيرانية كيانوش جهانبور، أمس الثلاثاء، إن 15 إيرانياً توفوا من إجمالي 95 حالة إصابة بالفيروس القاتل، وقالت وكالة الأنباء الحكومية الإيرانية في وقت لاحق، إن شخصاً مصاباً بكورونا توفي في مدينة سافه، ليصل عدد القتلى إلى 16.

معدل مخيف
وبخلاف الصين، حيث تم اكتشاف الفيروس لأول مرة في ديسمبر (كانون الأول) وتالي أكدت 2663 حالة وفاة، من إجمالي 77658 حالة مؤكدة، سجلت إيران أكبر عدد من الوفيات.

لكن معدل الوفيات في إيران - حوالي 16 % - يتجاوز المعدل في البلدان الأخرى بهامش كبير.

ففي مقاطعة هوبي بؤرة تفشي الفيروس في الصين، يقدر معدل الوفيات المبلغ عنه بنسبة 2%، وفي كوريا الجنوبية، توفي 11 مريضاً من أصل 977 حالة، وبلغ معدل الوفيات المُبلغ عنه حوالي 1%.

مركز تفشي الفيروس
ووسط نقص في الأقنعة الطبية ومعقم الأيدي في المتاجر، يقول خبراء الصحة العامة، إن إيران يمكن أن تصبح مركزاً لتفشي الفيروس ليس في الشرق الأوسط فحسب، بل في جميع أنحاء العالم، بالنظر إلى حدودها التي يسهل اختراقها مع دول غير مستقرة في حالة حرب أو في حالة اضطراب، كما ذكر تقرير لشبكة "إن بي سي نيوز" الأمريكية.

وأبلغ المسؤولون الإيرانيون عن أول حالة إصابة بالفيروس في مدينة قم الدينية الأسبوع الماضي، وانتشر الفيروس إلى سبع محافظات أخرى على الأقل. أبلغت دول أخرى في المنطقة، بما في ذلك العراق والكويت وعمان وأفغانستان، عن أول حالات الإصابة بها هذا الأسبوع، وقالت إن المرضى زاروا إيران مؤخراً.

تساؤلات
ويتساءل منتقدو النظام الإيراني، في صدى لرد الفعل الشعبي في الصين، عما إذا كان المسؤولون في طهران قدموا للجمهور صورة كاملة ودقيقة للفيروس. لكن المسؤولين الإيرانيين رفضوا أي إشارة إلى أنهم قللوا من انتشار الوباء.

وقال رئيس جامعة العلوم الطبية في قم، محمد رضا غدير للتلفزيون الحكومي، إن وزارة الصحة حظرت نشر أرقام عن تفشي المرض في المدينة.

ولدى سؤاله عن عدد الأشخاص الذين تم وضعهم في الحجر الصحي، قال غدير: "لقد أخبرتنا وزارة الصحة بعدم إعلان أي إحصائيات جديدة".

تكتم
وقال غدير أيضاً "يجب إجراء معظم الاختبارات في طهران، وتعلن طهران ذلك"، وتشير تعليقاته إلى أن الاختبارات التشخيصية تجرى بشكل أساسي في العاصمة فحسب.

وقال خبراء طبيون من الخارج، إن الإبلاغ عن العدد الإجمالي لحالات الإصابة في إيران يأتي متأخراً بنسبة كبيرة عن الإبلاغ عن الوفيات.

وقد يكون السبب في ذلك أن السلطات الإيرانية لا تنتبه للحالات الأقل خطورة في جميع أنحاء البلاد، بسبب الطريقة التي يتم بها اختبار وتشخيص المرضى، أو بسبب كيفية مشاركة المعلومات، أو بسبب وجود معدات طبية معيبة.

من غير الواضح ما إذا كانت إيران لديها القدرة على معرفة عدد الأشخاص الذين أصيبوا، وهو ما يتطلب الخروج إلى البلدات والقرى لإجراء الاختبارات، وليس مجرد الاعتماد على من يذهب إلى المستشفيات الكبيرة كما قال الدكتور ويليام شافنر، أستاذ الطب الوقائي والأمراض المعدية في المركز الطبي بجامعة فاندربيلت.

مهمة صعبة
وأضاف شافنر "هذا يعني الذهاب إلى الحي وطرق الأبواب ومحاولة حثيثة لإيجاد حالات، لا أدري ما إذا كانت لديهم هذه القدرة. العديد من الدول لا تملك ذلك، وليس لديها هذا التقليد في أنظمتها الصحية العامة. سيكون هذا شيئاً جديداً جداً بالنسبة لهم".

وقال شافنر إن الاحتمال الآخر هو أن المرضى هم من شريحة مسنة، وأكثر عرضة للخطر، موضحاً "إذا كان الفيروس أصاب كبار السن ومع وجود أمراض أخرى يعاني منها هؤلاء المصابون، فقد يفسر ذلك معدل الوفيات المرتفع".

وأشار إلى أن التفسير الأقل ترجيحاً هو أن المستشفيات الإيرانية تعثرت، وأن المرضى لم يتلقوا الرعاية الطبية اللازمة. لكنه شكك في ذلك، لأن إيران لديها نظام رعاية صحية متقدم "نسبياً".

ضعف تتبع المصابين
من جهته، قال الدكتور جون توريس، المراسل الطبي في شبكة "إن بي سي نيوز"، إنه لا يوجد دليل على حدوث تغيير في المظهر الوراثي للفيروس، وبالتالي فإن تفسير ارتفاع معدل الوفيات من المحتمل أن يكون له علاقة بكيفية تتبع الإيرانيين لحالات الإصابة.

وأضاف توريس "لا توجد تغيرات مهمة في الحمض النووي. الفيروس لم يتحور في مكان آخر".

وقالت وسائل إعلام حكومية يوم الثلاثاء، إن عضواً بالبرلمان يدعى محمود صادقي ونائب وزير الصحة في البلاد اراج هريرشي الذي يقود فريق عمل يحارب الفيروس، أثبتت إصابته بالفيروس القاتل.

ذعر
وجاء الخبر بعد يوم من ظهوره في مؤتمر صحافي بدا محموماً، حيث كان يبحث عن منديل لمسح جبينه. لم يضع أي قناع، فيما كان المتحدث الرسمي باسم الوزارة الذي يقف إلى جانبه يعبر عن ثقته في استجابة الحكومة للأزمة.

وأثار ظهوره هذا أسئلة حول كيفية إدارة إيران للأزمة، وما إذا كان المسؤولون يخفقون في الكشف عن المعلومات، ما أثار حالة من الذعر بين الشعب.