الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو (أرشيف)
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو (أرشيف)
الأربعاء 26 فبراير 2020 / 19:58

الممر البلجيكي

بعدما أغلقت صفقة القرن كل الأبواب أمام إمكانية أن تكون حلاً للمعضلة الفلسطينية الإسرائيلية، وبعد أن أقرت أهم المؤسسات البحثية في أمريكا وإسرائيل استحالة أن تنجح في التوصل إلى حل، صار منطقياً أن يفكر طرف أو أطراف ثالثة في تجنب السقوط النهائي لفكرة السلام الفلسطيني الإسرائيلي.

ليس مطلوباً مبادرة جديدة بل إعادة طرح المبادرات القديمة للنقاش بغية تنقيح المضامين وتطوير الآليات

والطرف الثالث المرشح تقليدياً لعمل ما، هو الاتحاد الأوروبي، أو الرباعية الدولية التي تضم في عضويتها الأقطاب المعاصرين في الحياة السياسية الدولية، أمريكا، وروسيا، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة.

ليس مطلوباً مبادرة جديدة بل إعادة طرح المبادرات القديمة للنقاش بغية تنقيح المضامين وتطوير الآليات، والأمر هنا يتطلب مرونة أمريكية لا تضع صفقة القرن كما قُدم لها، قدرٌ لا راد له، ولا تمنح الحكومة الإسرائيلية حق النقض، وقبول ما يعجبها ورفض ما لا يعجبها، كما حدث في خطة خارطة الطريق التي قدمتها الرباعية الدولية قبل سنوات.

إن إعادة المبادرات، خاصةً تلك التي قُبلت من جانب الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للتداول، ربما يعيد الحرارة للجسم المتجمد منذ سنوات، ويفتح كوة أمل في جدار اليأس الذي ارتفع عالياً في وجه عملية السلام، حتى بدت وكأنها ماتت.

إعلان الرئيس البلجيكي لمجلس الأمن الذي حاز على إجماع الأعضاء، بما في ذلك الولايات المتحدة يبدو كما لو أنه محاولة مبدئية أولية لكسر الجمود وتحييد صفقة القرن ولو نسبياً، عن أن تكون قدراً سياسياً لا يملك الجميع إلا اعتماده، والإذعان له، كما أنها، وربما يكون هذا هو الأهم، توفر ممراً للفلسطينيين نحو مفاوضات لا يزالون راغبين فيها وفق التصريحات المتكررة والملحة للرئيس عباس، غير أن ممراً آخر قد لا يفلح بيان رئيس مجلس الأمن في فتحه هو الممر الإسرائيلي الذي أنعشت صفقة القرن في عقول اليمين الحاكم فكرة تصفية القضية الفلسطينية، ولكن بسلاح أمريكي هذه المرة.

لذا يتعين انتظار نتائج الانتخابات التي بقي عليها أيام قليلة حتى تُظهر من سيكون صاحب القرار السياسي في إسرائيل، ذلك أن موسم الانتخابات، هو موسم اصطياد الأصوات وليس اتخاذ القرارات.

لو كنت ممن يشاركون في اتخاذ القرار الفلسطيني والحديث هنا موجه لشخص واحد هو الرئيس محمود عباس، لرحبت باعلان رئيس مجلس الأمن، ولأعلنت استعداداً لاستئناف المفاوضات وفق المرجعيات المتضمنة في البيان، القرارات الدولية، وحل الدولتين، ولعله من المنطقي وحتى الواقعي أن يطلب من الرباعية الدولية إنهاء جمودها، بل وإنهاء موافقتها الضمنية على تهميش ذاتها ودورها.

الأمر والحالة هذه، لا يبدأ من فراغ، ذلك أن رئيس الديبلوماسية الأوروبية كان تحدث صراحة في هذا الاتجاه، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الروس، الذين حرموا من استضافة أنابوليس 2، دون مبرر.

هنالك عامل مهم صارت المعادلة بحاجة إلى تفعيله هو العامل العربي، الذي فتح الممر البلجيكي أمامه مجالاً للتأثير حتى على الموقف الأمريكي، والإسرائيلي، بديهي أن لا تكون الأمور مضمونة في الاتجاه الذي يريده العرب والفلسطينيون وحتى باقي العالم الواقع خارج الدائرة الأمريكية الإسرائيلية، غير أن المحاولة تظل مطلوبة فلسنا بصدد حل نذهب إليه بقدر ما نحن بصدد إنقاذ مشروع من الاندثار.