الخميس 27 فبراير 2020 / 12:55

كورونا في إيران.. أكثر ضرراً من العقوبات الأمريكية

باتت إيران أكبر بؤرة لتفشي فيروس كورونا خارج الصين، خاصة بعد إعلان تشخيص نحو 100 إصابة و19 وفاة.

حتى قبل كورونا، كانت فيروسات الفقر والظلم واليأس تحصد أرواح حوالي 19 شخصاً يومياً". واليوم، تسابق السلطات الإيرانية الزمن بحثاً عن أكثر من علاج

وتوحي بعض التقارير أن العدد الحقيقي أكبر بكثير مما أعلنته السلطات الإيرانية. وقد أغلقت دول مجاورة حدودها مع إيران، وعلقت رحلاتها منها وإليها، بما فيهم العراق وتركيا التي تعتبر أسواقاً كبيرة للصادرات الإيرانية.

الاقتصاد الإيراني
وكتب في موقع بلومبيرغ الاقتصادي، إصفان ديار باتمانغيليدج، مؤسس شركة بورصة وبازار، مؤسسة صحفية تدعم الديبلوماسية التجارية بين أوروبا وإيران، أن تلك القيود قد تستمر لعدة أشهر، وستؤثر على الاقتصاد الإيراني الذي أظهر مؤشرات تعاف بعد ركود عميق استمر لمدة 18 شهراً نجم عن عقوبات فرضتها إدارة ترامب، في نوفمبر( تشرين الثاني) 2018.

قطاعات غير نفطية
وفيما تشير تقديرات صندوق النقد الدولي لانكماش الاقتصاد الإيراني بنسبة 9.5٪ في عام 2019، استطاعت قطاعات غير نفطية تحقيق نمو بنسبة 0.9٪ في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الماضي، مدعوماً بانتعاش في الصناعات التحويلية.

وحسب كاتب المقال، استفادت الصناعة الإيرانية من مرونة في حقل الصادرات غير النفطية، والتي بلغت 3,5 مليار دولار شهرياً خلال العام الماضي. ووصلت الصادرات الشهرية إلى العراق إلى معدل شهري بمقدار 650 مليون دولار خلال العام الماضي، والصادرات إلى تركيا قرابة 400 مليون دولار.

عزل إيران
ولكن تفشي فيروس كورونا أدى لعزل إيران بطريقة لم تستطع العقوبات تحقيقها، ولذا لن تصل صادرات غير نفطية إلى أسواق المنطقة.

ويلفت الكاتب لسيطرة مخاوف على أسواق صرف العملات الأجنبية. وفقد الريال قرابة 7٪ من قيمته منذ أن أعلن مسؤولون عن أول حالتي وفاة، في 19 فبراير( شباط). ويمكن أن يعزى هذا الهبوط في قيمة العملة الإيرانية للإعلان الأسبوع الماضي عن قرار مجموعة العمل المعنية بالإجراءات المالية إعادة إيران إلى "اللائحة السوداء"، ولكن هذا القرار كان متوقعاً منذ مدة طويلة.

أسواق الصرف
وباعتقاد كاتب المقال، ستؤدي مخاوف من تفشي الفيروس وأثره على الاقتصاد إلى مزيد من التقلب في أسواق صرف العملات الأجنبية، ما يزيد التضخم الذي تباطأ قليلاً. كما كان الاستهلاك مستقراً بشكل لافت في العام الماضي، حتى في مواجهة تضخم وصلت نسبته إلى 40٪. ولكن التجار الإيرانيين كانوا يعتمدون على مبيعات تقليدية تتعزز في عطلات مثل عيد النيروز المقبل، والتي تبدأ في 20 مارس( آذار) وتستمر لمدة أسبوعين.

ولكن وفق ما تشير إليه الباحثة الاقتصادية زهرة كريمي: "باتت تلك التوقعات محور شك لأن تفشي الفيروس سوف يمنع الإيرانيين من القيام برحلات غير ضرورية أو شراء ما لا يلزم، ما يفاقم تباطؤ الاقتصاد الإيراني".

ومن خلال مؤشر مبكر، تراجع الطلب على خدمات غسيل السجاد بنسبة 40٪، وهي جزء من عملية "التنظيف الربيعي التقليدي" التي تجرى في البيوت الإيرانية استعداداً لعيد النيروز.

انتقادات
وأثار الضرر الذي أصاب الاقتصاد الإيراني انتقادات حادة للسلطات من اقتصاديين وكبار التجار. ففي الأيام الأولى لتفشي الفيروس، بدا أن المسؤولين مهتمون بالديبلوماسية العامة مع الصين. ولحرصهم على الحفاظ على العلاقة التجارية الثنائية، واصلوا تسيير رحلات جوية إلى الصين عندما ألغتها دول أخرى. وقد شحنت معظم الطائرات إمدادات صحية للصين، لمساعدتها في وقت الحاجة. كما أضيء برج آذادي الشهير في طهران بشعار: "ساعدوا ووهان في مقاومة الفيروس".

ويقول كاتب المقال إن تلك العمليات من التضامن مع الصين كانت أولوية بدل تقليل الخطر الذي شكله الفيروس على الإيرانيين. ولذلك كتب علي شريعاتي، عضو بارز في غرفة التجارية الإيرانية ساخراً على تويتر: "من أجل خدمة مصلحتنا القومية واصلنا رحلات ماهان إير إلى الصين، وأرسلنا لهم مليوني قناع. والآن أصبح عندنا فيروس كورونا وليست لدينا أقنعة. ٠٠٠ أليس ذلك جميلاً؟".

اعتماد غير متوازن على الصين

إلى ذلك، وصف بيدرام سلطاني، نائب رئيس غرفة التجارة، فشل الحكومة كدليل على "اعتماد غير متوازن على الصين في الاقتصاد الإيراني". فقد أخفق مسؤولون إيرانيون في إدراك حقيقة أن أثر فيروس كورونا على الاقتصاد الصيني، كان سيؤثر على التجارة الثنائية في جميع الأحوال".

تحديات أوسع
وفي تعليقه على ارتباط فيروس كورونا بتحديات اقتصادية واجتماعية أوسع تواجهها إيران، يرى عباس عبدي، عالم اجتماع وسياسي بارز، بأن التدابير التي فرضتها الحكومة من أجل احتواء الفيروس ستسبب "مشقات إضافية بالنسبة لأسر تعاني فعلياً من ضغوط".

وفيما تسعى السلطات لتجنب أزمة اقتصادية، قد يكون لفرض قيود على استخدام المواصلات العامة، وإغلاق أسواق المواد الغذائية والمحاجر بهدف إبقاء الناس بعيداً عن مقار أعمالهم، أثرها الخطير على العلاقات بين الدولة والمجتمع كأثر فيروس كورونا نفسه. وكتب عبدي: "حتى قبل تفشي كورونا، كانت فيروسات الفقر والظلم واليأس تحصد أرواح حوالي 19 شخصاً يومياً". واليوم، تسابق السلطات الإيرانية الزمن بحثاً عن أكثر من علاج.