الخميس 27 فبراير 2020 / 13:56

كيف تسبّب الفساد وسوء الإدارة بانتشار كورونا في إيران؟

24- زياد الأشقر

ازدادت حالة الاضطراب في إيران الثلاثاء مع انتشار خبر إصابة نائب وزير الصحة الإيراني إراج هريرشي بفيروس كورونا الجديد، علماً بأن النظام عين هريرشي لمواجهة تفشي هذا الفيروس، وفقاً لما كتبه شَي خاطري في موقع "ذا بولوورك" الأمريكي. وأضاف أنه خارج الصين وجيرانها في شرق وجنوب شرق آسيا، إيران هي الدولة الأكثر تأثراً بتفشي الفيروس.

أكدت وثيقة رسمية مسربة في وقت لاحق صدور تعليمات إلى مسؤولي النظام لإسكات التقارير حول كورونا خوفاً من تدني نسبة الاقتراع

وقالت مصادر حكومية الثلاثاء إن أكثر من 90 مواطناً أصيبوا بالعدوى وتوفي 16 شخصاً بما يجعل إيران الدولة التي تشهد ثاني أكبر عدد وفيات بعد الصين نفسها.

ذعر وأكاذيب
أشار خاطري إلى مصادر أخرى تقول إن الأرقام أكثر ارتفاعاً، فبحسب راديو آزادي الأمريكي العامل في أفغانستان، قد يصل عدد المصابين إلى 300 ويتحدث راديو فرنسا الدولي الناطق باللغة الفارسية عن العدد نفسه. من جهته، قال نائب إيراني من قم إن 50 مواطناً قضوا جراء كورونا في تلك المدينة، لكن النظام نفى ذلك. الجمهور الإيراني في حالة ذعر مطلق. أكانت الأرقام الرسمية دقيقة أم لا، يعتقد الجميع بحدوث الأسوأ ولا أحد يصدق تقارير النظام. جعلت أربعة عقود من الأكاذيب النظام الإيراني غير موثوق به من قبل الشعب.

إنكار مستمر
ذكر خاطري أن غياب الكفاءة والفساد أديا إلى تفشي الفيروس في إيران. في أواخر يناير (كانون الثاني)، بدأ الصحافي الإيراني المستقل المقيم في المنفى علي جوانمردي ينقل وجود مؤشرات عن انتشار كورونا في البلاد. يتمتع جوانمردي بالصدقية ولديه تواصل جيد مع مصادر معارضة للنظام من داخل الحكم بما فيه الحرس الثوري وهي تسرب له الأخبار. بعد انتشار الإشاعات، قالت وكالة تسنيم المرتبطة بالحرس إنه تم إلقاء القبض على الشخص المسؤول عن إطلاق الإشاعات نافية وجود إصابات بالفيروس. لكنها استمرت بالانتشار واستمر النظام بإنكارها.

ثلاثة عناصر

شكل الحادي عشر من فبراير الحالي الذكرى الواحدة والأربعين على ثورة 1979 وهي ذكرى سنوية لحشد الدعم من أجل النظام. كانت نسبة المشاركة مهمة خصوصاً بعد التظاهرات العنيفة في نوفمبر (تشرين الثاني) والسمعة السيئة التي اكتسبها النظام عقب إسقاطه طائرة ركاب مدنية أوكرانية. قلق النظام من أن تأكيد انتشار الوباء سيقلل حجم المشاركة.

بعد عشرة أيام، قلق النظام من انخفاض نسبة مشاركة في حدث آخر. يوم 21 فبراير، كان الإيرانيون على موعد مع الانتخابات التشريعية. أكدت وثيقة رسمية مسربة في وقت لاحق صدور تعليمات إلى مسؤولي النظام لإسكات التقارير حول كورونا خوفاً من تدني نسبة الاقتراع. لكن الخوف من كورونا وتدني شعبية النظام أبقى الناخبين في البيوت مما أدى إلى نسبة اقتراع هي الأدنى في تاريخ النظام.

أشار خاطري إلى عنصر ثالث تسبب بمضاعفة انتشار الوباء. تم توقيت المهرجانات الفارسية التقليدية في همدان التي تشكل مسقط رأس الملك الفارسي كورش الكبير بين 24 يناير و 9 فبراير لتتزامن مع السنة الصينية الجديدة من أجل جذب السياح الصينيين. على الرغم من انتشار كورونا في الصين، استمر المهرجان ووصل السياح الصينيون في مجموعات كبيرة لزيارة همدان ومدن أخرى في إيران. لكن بقي الإيرانيون يحمّلون عن قصد فيديوات تصور هؤلاء السياح اعتراضاً على سياسة النظام بالسماح لهم بدخول بلادهم.

الحرس مهتم بثرواته
أصبحت إيران واحدة من الدول القليلة التي لم تمنع السفر من وإلى الصين. ولا تزال خطوط ماهان الجوية التابعة للحرس هي الخطوط الوحيدة التي تواصل نقل مسافرين من دول أخرى إلى الصين، عبر التوقف في طهران. وسط الذعر، نشر السفير الصيني في طهران صورة له على تويتر في الثاني من فبراير، مع رئيس مجلس إدارة خطوط ماهان التي عبرت عن رغبتها "بتعاونها مع الصين." في نهاية المطاف، أراد الحرس الثوري ملء خزائنه كما تحتاج إيران للصين كي تتفادى العقوبات الأمريكية. لكن الأمور تزداد سوءاً.

تكتيكات صدام
مع انتشار كورونا، ليس بالإمكان العثور على الأقنعة لأن القوى الأمنية سحبتها من السوق كي تمنع المتظاهرين من وضعها على وجوههم وفقاً لتسريبات من داخل الحرس الثوري. الأدوية ناقصة بدورها أيضاً على الرغم من أن العقوبات الأمريكية لا تشملها كما أن الواردات الطبية من الاتحاد الأوروبي لم تتناقص. كتب خاطري أن النظام قلل عمداً من معروضها لتوسيع حملة عالمية وداخلية للمبالغة في الكلفة الإنسانية للعقوبات، وهذا هو التكتيك نفسه الذي استخدمه صدام حسين.

فوضى وكارثة
في هذه الأثناء، ينشر العاملون في مجال الصحة تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي يشيرون فيها إلى أنهم لم يتلقوا التوجيهات أو البروتوكولات حول كيفية التعامل مع المصابين أو المشتبه بإصابتهم بالفيروس.

حالياً، أغلق كل جيران إيران وحتى بعض الدول القوقازية حدودها معها تاركة إياها في حجر صحي. وختم خاطري: "ما كان يمكن تفاديه بسهولة أصبح كارثة وطنية بسبب فساد وسوء الإدارة داخل الحكم الإيراني. تماماً كما أصبح مشكلة في الصين. هذه هي هدية التوتاليتارية. في هذه الأثناء، تستمر الرحلات من وإلى الصين".