روجر جنكينز وزميلاه السابقان في باركليز ريتشارد بوث وتوم كالاريس (بي بي سي)
روجر جنكينز وزميلاه السابقان في باركليز ريتشارد بوث وتوم كالاريس (بي بي سي)
السبت 29 فبراير 2020 / 00:38

"الكلب الكبير" و"الشيخ القدير".. كيف أنقذت قطر باركليز

عندما طُلب من روجر جنكينز مساعدة باركليز على تفادي إنقاذ حكومي في ذروة الأزمة المالية العالمية في 2008، كان يتوقع مكافأةً، لا أن يُحاكَم.

وبعد 10 أعوام، حصل جنكينز وزميلاه السابقان في باركليز ريتشارد بوث وتوم كالاريس على البراءة اليوم الجمعة، في قضية كشفت كيف حصل البنك البريطاني العملاق على استثمار بـ 4 مليارات جنيه استرليني (5.2 مليار دولار) من قطر.

فعندما كان بقاؤه على المحك، اعتمد باركليز على قدرات جنكينز الإقناعية وعلاقته الشخصية برئيس وزراء قطر آنذاك الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، لكن البلد الصغير الذي مارس نفوذاً أكبر لسنوات بعد اكتشاف الغاز، أبدى تمنعاً، فكان رد باركليز بالسعي لإبرام صفقة أقر جنكينز في محاكمته أنها انطوت نظرياً على "لعب بالنار".

وسلطت القضية التي نظرت فيها محكمة أولد بيلي الجنائية في لندن أربعة أشهر الضوء على الجولات المضنية في أنحاء العالم، واجتماعات الفنادق الفاخرة، والمفاوضات العجائبية التي سحبت باركليز من حافة الهاوية.

وجلس جنكينز، المعروف بين زملائه بلقب "الكلب الكبير" في منصة الشهود لأسابيع، موضحاً كيف سعي أحد أكبر البنوك في العالم جاهداً لخطب ود رجل كانت مداولات القضية تشير إليه باسم "الشيخ القدير".

مفاوض صعب
وكان للبلد الخليجي سمعة المفاوض الصعب وفي يونيو(حزيران) 2008، وطالبت قطر القابضة وهي جزء من صندوق الثروة السيادي جهاز قطر للاستثمار البالغ حجمه 300 مليار دولار، بأكثر من مثلي الرسوم التي وعد بها باركليز مستثمرين آخرين.

وكان الاستثمار القطري ضرورياً، إذ مهد السبيل لدخول داعمين ماليين آخرين، ما سمح لباركليز بجمع حوالي 11 مليار استرليني ذلك العام في عمليتين لزيادة رأس المال، لكن الصفقات التي أبرمها البنك، 322 مليون استرليني إضافيةً دُفعت لقطر بموجب اتفاقي خدمات استشارية، أرسلت المصرفيين السابقين إلى المحكمة بتهمة الاحتيال.

ودفع ممثلو الادعاء بأن الاتفاقات الجانبية كانت زائفة ولا تهدف لدفع رسوم إضافية لقطر، وأصر جنكينز، وبوث، وكالاريس على أنها كانت اتفاقات تجارية حقيقية بعد موافقة المديرين، والمحامين، في إطار آلية للفوز بأعمال استشارية ومصرفية مجزية من قطر.

ولم توجه اتهامات للشيخ حمد ولا لقطر، التي لا تزال مستثمراً رئيسياً في باركليز وبريطانيا بعد فورة استحواذ بـ 35 مليار استرليني على أصول متميزة، وقال بيان صدر نيابة عن الشيخ حمد، إن "اتفاقات الخدمات الاستشارية التي قدمها باركليز، كانت حقيقية".

جسر الهوة
والعلاقات الشخصية والثقة هي الأهم في الخليج أين تدفع البنوك الملايين لمن يستطيع كسبها والمحافظة عليها، وأقام جنكينز علاقة بالملياردير الشيخ حمد، الذي أثار ضجة في أوائل 2008 عندما أبلغ قادة العالم في دافوس بأنه يريد ضخ 15 مليار دولار في البنوك.

وتعارف الرجلان للمرة الأولى في 2007، عن طريق صديق لزوجة جنكينز السابقة ديانا، أثناء قضاء عطلة في جزيرة سردينيا الإيطالية، حسب ما أبلغ المحكمة، وبعد توطيد العلاقات على مأدبة عشاء ونقاشات عن استثمارات في متاجر البقالة على يخت الشيخ، دُعي جنكينز وزوجته لاحقاً إلى منزل الشيخ حمد في كان الفرنسية.

ومع ازدهار العلاقة، توجه جنكينز جواً إلى الدوحة وساعد في ترتيب اجتماعات مع مديري باركليز والشيخ ومسؤوليه في فنادق فاخرة بلندن، وفي قصر جنكينز بضاحية مايفير في لندن، وفي الدوحة، ونيويورك، ولولا مثل تلك المقدمات لكان الوضع حالك السواد.

لعبة خداع
وعندما أصبح باركليز تحت ضغط في خضم ترنحات الأسواق، أدرك جنكينز أن موقفه التفاوضي كان ضعيفاً في يونيو(حزيران) 2008، وفي ثقافة لا تعرف مواعيد الاجتماعات التي قد تعقد في أوقات في يومين وقد تنتهي في 15 دقيقة، طُلب منه أن ينتظر في الليل لاجتماع مع الشيخ حمد، لكنه لم يرد أن يبدو في موقف ضعيف.

وكانت خطته حسب ما أبلغ المحلفين، إعطاء الانطباع بأنه مطلوب بشدة في الشرق الأوسط، قبل أن يعود إلى الدوحة، وقال في الاستجواب: "لم أرد أن أبقى في الدوحة وأنتظر معاليه ليومين، تلك علامة ضعف عند التفاوض".

وبعد 4 أشهر من ذلك، مدد باركليز أجل اتفاق الخدمات الاستشارية مع قطر مقابل 280 مليون استرليني.