رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.(أرشيف)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.(أرشيف)
الأحد 1 مارس 2020 / 20:26

جولة انتخابية جديدة، ولكنها على مستقبل الدولة..!!

نتانياهو يخوض معركته الانتخابية، هذه المرّة، وفي جعبته "صفقة القرن". ولكن "الصفقة" نفسها أثارت شكوكاً وتحفّظات في بعض الأوساط، بقدر ما أثارت حماسة لدى البعض الآخر

أقل من 24 ساعة تفصل، الآن، الإسرائيليين عن جولة انتخابية هي الثالثة في عام واحد. وما زالت العقبات التي حالت دون الحسم وتشكيل الحكومة في الجولتين السابقتين على حالها. لذا، لا يبدو من المُستبعد، في نظر مراقبي المشهد السياسي، تكرار النتائج السابقة هذه المرّة، أيضاً.

وكما قيل في المرتين السابقتين، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يُقامر بكل تاريخه السياسي والشخصي، ويستخدم كل ما في جعبته من أوراق ومناورات سياسية، للبقاء في سدّة الحكم. وفي المقابل، يضع خصومه على الطاولة كل ما في أيديهم من أوراق القوّة، والضغط، لإخراجه منها.

ويُضاف إلى المجابهة بين الطرفين، هذه المرّة، عامل الوقت، فبعد أسبوعين ستبدأ محاكمة نتانياهو بتهم تتعلّق بالفساد، وخيانة الأمانة، وفرصته الوحيدة في النجاة تعتمد على فوزه في الانتخابات، ونجاحه في تشكيل ائتلاف حكومي يمكّنه من الحصول على الحصانة البرلمانية، أو ممارسة الضغط الشعبي، لتصوير المحاكمة كمحاولة لإزاحة سياسي يحظى بشعبية واسعة من سدة الحكم.

ومع ذلك، تبدو النتائج المُتوقعة لعدد المقاعد التي قد تحصل عليها الكتل الحزبية المُتنافسة، وحتى صباح هذا اليوم، الأحد، متقاربة بطريقة تُعيد التذكير بما حدث في الجولتين السابقتين.

 وثمة مخاوف من تدني نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع لإدراك الناخبين بأن هذه المرّة لن تختلف عن سابقاتها، ناهيك عن مخاوف جدية من العدوى بفايروس كورونا، والتي قد تدفع البعض للبقاء في بيوتهم. ومن غير المعروف، حتى الآن، كيف ستؤثر عوامل كهذه على النتائج النهائية للانتخابات.

وإذا كان ثمة من فارق بين الجولتين السابقتين، والجولة الحالية، فإنه يتمثل في حضور عامل السياسة الخارجية بقوّة. فنتانياهو يخوض معركته الانتخابية، هذه المرّة، وفي جعبته "صفقة القرن". ولكن "الصفقة" نفسها أثارت شكوكاً وتحفّظات في بعض الأوساط، بقدر ما أثارت حماسة لدى البعض الآخر. لذا، تبدو سلاحاً مزدوجاً من غير المعروف، حتى الآن، مدى تأثيره على الخيارات الانتخابية خاصة في أوساط المستوطنين.

وقد عبّر بعض هؤلاء عن شكوك جدية بشأن مدى التزامه بمسألة الضم في موضوع غور الأردن والمستوطنات، بعدما تراجع عن إعلان سابق في هذا الخصوص. كما ورفض البعض فكرة التخلي عن منطقة المثلث، داخل الخط الأخضر، وضمها إلى "دولة فلسطينية" مُحتملة، ورد ذكرها في "الصفقة". وبهذا المعنى، تجد أوساط في معسكر اليمين القومي ـ الديني، الذي يشكل المستوطنون وهم أشد انصار نتانياهو حماسة، رأس حربته، صعوبة في التمييز بين ما يبدو، على السطح، كدعاية انتخابية، ونواياه الحقيقية.

وفي معسكر الخصوم، الذي يضم خليطاً من يمين ويسار الوسط، ويتزعمه تحالف أبيض ـ أزرق، إضافة إلى قوى يسارية صغيرة، تبدي أصوات متفاوتة، من حيث الحدة والوضوح، تحفّظات على "الصفقة" ومُخرجاتها، لأنها قد تؤدي إلى دولة ثنائية القومية على المدى الطويل، بما يعني نهاية إسرائيل كدولة "يهودية وديمقراطية"، ناهيك عن حقيقة أن المانع الموضوعي للحيلولة دون دولة ثناية القومية، في نظر هؤلاء، لن يتأتى دون وجود نظام للفصل العنصري، لن تتحمل إسرائيل تبعاته السياسية والأخلاقية في المدى المتوسط والبعيد.

لذا، يتجاوز التصويت لمصلحة هذا الطرف أو ذاك في الجولة الحالية للانتخابات، مصلحة نتانياهو الشخصية، وخوفه من المحاكمة، وربما السجن، ويتجلى كصراع على مستقبل الدولة الإسرائيلية نفسها.

وبالنظر إلى تقارب النتائج المتوقعة، في انتخابات الغد، يبدو المجتمع الإسرائيلي منقسماً على نفسه إلى حد بعيد، وعاجزاً عن الحسم، كما يعاني النظام السياسي نفسه من الشلل نتيجة التوازن والتنافس بين القوى والكتل الحزبية، والضوابط التي تحكم اللعبة الانتخابية، وتشكيل الحكومة. فهل يكون مصير الجولة الثالثة، غداً، مختلفاً عن سابقاتها، أم سنشهد تكراراً لسيناريوهات مألوفة؟ هذا سؤال مفتوح لن يطول العثور على جوابه كثيراً.