الإثنين 2 مارس 2020 / 10:34

أردوغان يصوب السلاح نحو رأسه في سوريا

يرى بوبي غوش، كاتب رأي لدى موقع بلومبيرغ الاقتصادي، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تقرب بمكر شديد من نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، ولكن النتيجة كانت عزلته في الغرب والشرق.

بعدما تجاهل أردوغان النصيحة الغربية بعدم شن هجوم في شمال شرق سوريا، وبعد تهديده بتوجيه "لطمة عثمانية" إذا اعترضت قوات أمريكية طريقه، يريد اليوم الحصول على بطاريات صواريخ باتريوت الأمريكية

ومن المفارقات المعروفة والمتداولة في دوائر السياسة الخارجية، أن باكستان  تتفاوض مع الغرب بتوجيه بندقية إلى رأسها. وفي ظل حكم أردوغان، حدّثت تركيا ذلك التكتيك الفريد من نوعه في المفاوضات، بالترتيب لتوجيه بندقية صوب الغرب، رغم أنها تضغط على زناد آخر نحو جبهتها.

ويلفت غوش إلى أن أردوغان تعمد، خلال العامين الأخيرين، استعداء حلفاء تركيا في حلف شمال الأطلسي، الناتو، بالتقارب مع خصمهم، روسيا. وكانت النتيجة المتوقعة بالكامل، عزلة تركية في سوريا وليبيا، اللتين تتعارض فيهما بشكل مباشر مصالح أنقرة وموسكو.

تهديدات
ويشير الكاتب إلى المعركة الدائرة حالياً في شمال غرب سوريا، والتي قتل فيها عشرات الجنود الأتراك بقنابل روسية على الأرجح، ومسارعة أردوغان إلى مهاجمة الغرب الغادر، والتهديد بفتح الحدود أمام ملايين اللاجئين نحو أوروبا.

أما الجزء الآخر من تهديد أردوغان فينطوي على المطالبة بالمزيد من الأموال الأوروبية لإسكان اللاجئين في تركيا، وافتراض دعم الناتو لتحقيق أهدافه في سوريا.

وحسب كاتب المقال، فإن الحجة الأولى مقبولة، ذلك أن تركيا استضافت فعلياً أكثر من 3.7 ملايين لاجئ، وتستعد لموجة لجوء جديدة جراء القتال في إدلب.

ورغم تقديم أوروبا أموالاً كثيرة لرعاية اللاجئين في تركيا، إلا أنه يفترض أن تقدم المزيد لتقاسم ذلك العبء. ويتعرض مئات الآلاف الذين فروا من منطقة إدلب لخطر شديد، وطقس شديد البرودة يصل إلى التجمد.

إسكات
ولكن الكاتب يرى أن أردوغان يضر بقضية تركيا بالتهديد باللاجئين، لإسكات الانتقادات الأوروبية لتهوره، كما حصل عندما شن، في الخريف الماضي، هجوماً عسكرياً على مجموعات كردية متحالفة مع الولايات المتحدة في شمال شرق سوريا.

وعندما أعرب مسؤولون أوروبيون عن مخاوفهم من فتح الهجوم جبهة جديدة في حرب أهلية معقدة للغاية، تضر بالجهود الدولية لهزيمة تنظيم داعش، حذرهم أردوغان، قائلاً: "إذا حاولتم وصف عمليتنا بالغزو، عندها ستكون مهمتنا سهلة. سنفتح البوابات التركية، ونرسل لكم 3.6 ملايين لاجئ".

ويلفت الكاتب إلى صعوبة الحصول على دعم عسكري في سوريا. فبعد تجاهل أردوغان النصيحة الغربية بالامتناع عن شن هجوم في شمال شرق سوريا، وبعد تهديده بتوجيه "لطمة عثمانية" إذا اعترضت قوات أمريكية طريقه، يريد اليوم الحصول على بطاريات صواريخ باتريوت الأمريكية لمنع الطيران الروسي من قصف جنوده وميليشيات تحارب بالوكالة عنه، وهي صواريخ الباتريوت التي رفضها أردوغان في العام الماضي، وفضل عليها منظومة S-400 الروسية.

موقف حذر
ويشير كاتب المقال إلى أن موقف الإدارة الأمريكية اتسم بالحذر، واقتصر على عبارات تملق ونفاق، دون أي التزام عسكري. واعترف أردوغان بأن بطاريات باتريوت قد لا تصل إلى تركيا.

وبطلب من أنقرة، عقد حلف الناتو اجتماعاً لبحث الوضع بموجب الفقرة الرابعة من معاهدة الحلف، التي تنص على إمكانية طلب أي عضو في الحلف إجراء مشاورات إذا شعر بأن سلامة أراضيه أو استقلاله أو أمنه السياسي عرضة للتهديد.

ونظراً لأن البندين الأولين لا ينطبقان على الوضع في إدلب، قد يجادل الأتراك بأن نتائج المعركة ستكون لها عواقب أمنية ليس بالنسبة لتركيا وحسب.

لكن الكاتب يعتقد أنه من الصعوبة تخيل مشاركة أعضاء آخرين في حلف الناتو في الصراع السوري.

فقد تردد الغرب سابقاً في فرض أي تكاليف مهمة على روسيا بسبب عملياتها في سوريا. وسيسعى على الأرجح للضغط من أجل حل ديبلوماسي، مع دعوة الرئيس فلاديمير بوتين لحضور قمة 5 مارس( آذار) الجاري حول إدلب، إلى جانب أردوغان والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

تكتيك
إلى ذلك، حرصت روسيا على نفي مشاركتها في قتل جنود أتراك، مدعية أنهم كانوا ضحايا قصف للقوات السورية، لكنها لا تزال تدعم محاولات الرئيس السوري بشار الأسد لطرد الأتراك ووكلائهم خارج إدلب.

من جانب آخر، استخدم أردوغان تكتيكه التفاوضي المعتاد مع بوتين، مهدداً بتقويض العلاقات بين أنقرة وموسكو بسبب المعارك في إدلب، رغم أن انهيار للعلاقات سيجعل تركيا بلا أصدقاء تماماً، ويصيب اقتصادها بضرر بالغ.

وبالفعل انخفضت أسعار الأسهم التركية مع تصاعد التوتر مع روسيا، وسيهدد استمرار الصراع الانتعاش الذي شهده الاقتصاد التركي في الآونة الأخيرة.