قوات تركية في سوريا (أرشيف)
قوات تركية في سوريا (أرشيف)
الإثنين 2 مارس 2020 / 22:26

غزوة إردوغان.. تبديد الوهم

انكشف الوجه الآخر، وهو الوجه الحقيقي لإردوغان، حين استغاث طالباً العون والنجدة من حلفائه الحقيقيين في واشنطن والناتو، بعد أن تحولت نزهته الاحتلالية في سوريا إلى حريق يصل لهبه إلى أنقرة


لم نكن بحاجة إلى كل هذه السنين لنكتشف أن حاكم تركيا الإخواني يستهدف سوريا بالتخريب والهدم والقتل لإنهاء الدولة وتمكين الجماعة الإخوانية وأذرعها العسكرية وامتداداتها المسلحة التي تعمل تحت أسماء مختلفة من خطف الدولة العربية وتحويلها إلى حديقة خلفية لتركيا العثمانية.

ولم نكن بحاجة إلى دليل لإثبات احتضان تركيا الأردوغانية لمجموعات كبيرة من شذاذ الآفاق المسلحين بخليط الحقد والتخلف والذين زحفوا إلى الأرض السورية تحت راياتهم السوداء وعاثوا في الأرض فساداً وقتلا وإرهاباً طال سوريا وجوارها العربي ولم يقترب من تركيا وإسرائيل.

في بداية ما سمي بالربيع السوري وقف الجميع مع دعاة الحرية الذين طالبوا بحقهم في الحياة بكرامة، لكن ثورتهم خطفت مثلما خطفت ثورات أخرى في المنطقة حاصرتها واخترقتها أدوات الرجعيات السياسية الحاكمة والدينية المعارضة. لذا كان لا بد من تغيير مبكر للموقف وللخطاب، وكان لا بد من إعادة التخندق مع الوعي القومي والوطني وضد الاختراقات المرعية أمريكياً من خلال الذراعين الاستعماريين التركي والإسرائيلي.

صحوة النخب الوطنية كانت مبكرة، وكذلك كانت إعادة التموضع، ليس في خندق النظام، ولكن ضد الإرهاب الذي يستهدف البلاد والعباد. لكن من ركبوا رؤوسهم وأصروا على رؤية المشهد السوري بعيون مرمدة بفيروسات داعش وتركيا وإسرائيل وأصدقائها في الساحة السورية، يصحون اليوم على واقع يبدد كل أوهامهم بنصر أمريكي في قلب الشام.

لقد انكشف الوجه الآخر، وهو الوجه الحقيقي لأردوغان، حين استغاث طالباً العون والنجدة من حلفائه الحقيقيين في واشنطن والناتو، بعد أن تحولت نزهته الاحتلالية في سوريا إلى حريق يصل لهبه إلى أنقرة، وبعد أن عرف أن ارواح جنوده الغزاة لن تكون محصنة في إدلب أو غيرها من المدن السورية، وأن من دخلوا أرض سوريا في الدبابات سيخرجوا منها في التوابيت.

وانكشف أيضاً زيف الخطاب التحريضي على الدولة السورية التي تصد الآن غزواً أردوغانياً جديداً بقوة وصلابة وتمارس حقها في الدفاع عن ترابها الوطني دون تردد أو حساب لرد الفعل التركي والإخواني والظلامي المتكئ على إرهاب مجاميع الإرهاب المستورد من كل جهات الأرض.

ربما نشهد في الأيام المقبلة تعاوناً تركياً إسرائيلياً ميدانياً على الأرض السورية، وربما تبادر إسرائيل إلى شن غارات على مواقع سورية لتخفيف الضغط عن القوات التركية الغازية، وقد شهدنا في السابق مظاهر لهذا التعاون الذي كان واضحاً رغم الخطاب الأردوغاني المناوئ صوتياً لإسرائيل وأمريكا.
لكن، وبغض النظر عن أي تطور تفصيلي قادم فإن الجيش السوري يقوم الآن بدوره الوطني والقومي في الدفاع عن الجمهورية، حتى وإن كان بعض المنابر الإعلامية مصراً على تسميته "قوات النظام".
وبغض النظر عن تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، فإن الدولة تقوم بدورها وواجبها في حماية عروبة التراب السوري، وهو الأمر الذي يوجب منطقياً إعادة النظر في قرار الجامعة.

ستنتهي غزوة أردوغان بالفشل والخيبة، وسيكتشف المراهنون على "السلطان العثماني" أن رهانهم ساقط لا محالة لأن شمال سوريا ليس متنزهاً لجيوش الغزاة. وربما يكون في قراءة المشهد السوري الحالي ما يشير إلى بدء مرحلة سقوط الأوهام، وهي آخر مراحل إزالة آثار اختطاف الثورات العربية.