الرئيس اللبناني ميشال عون يرافقه رئيس الحكومة حسان دياب في الباخرة «تنغستن إكسبلورر» التي ستتولى حفر البئر النفطية.(أرشيف)
الرئيس اللبناني ميشال عون يرافقه رئيس الحكومة حسان دياب في الباخرة «تنغستن إكسبلورر» التي ستتولى حفر البئر النفطية.(أرشيف)
الجمعة 6 مارس 2020 / 17:54

بترول كل العرب

أعتقد أن الخليجيين قد سئموا من اعتبار دولهم "أبقاراً حلوبة"، وسئموا أكثر من التنظير عليهم بمتطلبات العروبة ومسؤولياتها

خفق قلبي فرحاً –والله شاهد على ذلك- على وقع خبر انطلاق الشقيقة لبنان في التنقيب عن النفط في البحر الأبيض المتوسط. ولكم استبشرت خيراً حينما أعلنها ميشال عون، الرئيس اللبناني، بالحرف الواحد، "لبنان قد دخل رسمياً نادي الدول النفطية".

فرحت، لأنه بدا وأن الكارما تقدم لي على صحن من ذهب الفرصة لممارسة لعبتي المفضلة في التساؤل "ماذا لو...".
من وجهة نظري المتواضعة، فلقد كان وليد جنبلاط، زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي، وزعيم الطائفة الدرزية في لبنان، حراً في انتقاده في نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي لقرار الأمير محمد بن سلمان بطرح أسهم شركة "أرامكو" للاكتتاب العام.

ولم أقف كثيراً عند مقارنته "البايخة" حينما قال، "(بل) صدام حسين بكل مساوئه كان قد أمم النفط العراقي، ولم يسمح بتخصيصه أبداً".

ولكن ما أبقى في فمي شخصياً مذاقاً مراً منذ ذلك الحين هو اعتراض "الزعيم" على القرار بطرح الأسهم بحجة أن "أرامكو .. ملك لكل العرب"، على حد تعبيره.

وأعترف بأن كلماته جعلتني "أشطح" قليلاً في إساءة الظن –عفا الله عني-، وأتساءل فيما إذا كان استنكاره السابق لاستهداف المنشآت النفطية السعودية هو بسبب رفضه الراسخ لانتهاك سيادة البلد العربي الشقيق، أم فقط بسبب مخاوفه على "بترول كل العرب" في دولنا الخليجية؟

لا زال الوقت مبكراً على انقلاب الأدوار، إذ أوضحت ندى بستاني، وزيرة الطاقة اللبنانية السابقة، أن الأمر سيتطلب 5 سنوات على الأقل للبدء في إنتاج الغاز بكميات تجارية. ولهم مني كل الصلوات والدعوات الخالصة بأن ينتشل الله لبنان من وضعه الحالي، ويفتح له آفاقاً جديدة من الازدهار.

إلا إني لا أراه مبكراً على توجيه سؤالي –ولو بشيء من الخبث المتعمد- إلى جنبلاط، ومن يصدحون بمثل أفكاره البالية البائدة: هل بترول لبنان أيضاً هو ملك لكل العرب؟

ولا أعني بأن ندلي بآرائنا الاقتصادية حول كيفية تصرف لبنان في ثروته الجديدة، وفيما إذا كان يجب عليه تأميمها أو تخصيصها، أو حتى تركها لملايين السنين الإضافية تحت قاع البحر. بل أسأل فيما إذا كان لنا نصيب مستقبلياً منها كما أنّ لكل العرب الحق في إقحام أصابعهم في الكعكة التريليونة الشهية لأرامكو؟

سأفترض –بالطبع- بأن اشتراكية جنبلاط العابرة للحدود تعمل بنظام تذاكر السفر ذات الاتجاهين، فهي لا تكتفي بالذهاب بالنفط من الرياض إلى بيروت، بل وتعود بالثروات الطبيعية من بيروت إلى أبوظبي والدوحة والكويت ومسقط والمنامة. وهذا عين العدل.
فلا يعقل بأن للشعوب العربية حصة من حقول النفط في الربع الخالي، وفي مياه الخليج العربي، بينما لم يسبق لها تأكيد ملكيتها –مثلاً- نفط الجزيرة السورية، أو على الفوسفات المغربي، أو الذهب السوداني.

أعتقد أن الخليجيين قد سئموا من اعتبار دولهم "أبقاراً حلوبة"، وسئموا أكثر من التنظير عليهم بمتطلبات العروبة ومسؤولياتها.