الإثنين 9 مارس 2020 / 12:43

كيف يمكن أوروبا الردّ على ابتزاز أردوغان؟

تطرق الكاتب السياسي في الشؤون الأوروبية بيل فيرتز إلى السياسات المتضاربة التي يتبعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في سوريا والتي أدخلت بلاده في حرب مكلفة ومحكومة بالفشل. وكتب في مجلة "أمريكان كونسيرفاتيف" أن أردوغان سعى إلى الحصول على دعم الولايات المتحدة للدفاع عنه في مواجهة تقدم القوات الروسية والسورية تجاه نقاط المراقبة التركية في إدلب.

على الاتحاد الأوروبي إجبار أنقرة على إبقاء اللاجئين في أراضيها، ومن خلال العقوبات إذا لزم الأمر

  وفي الوقت نفسه، يطلب من موسكو ضرب التحالف بين الولايات المتحدة والقوات الكردية في سوريا. وثبت أن المشي على هذا الحبل المشدود نتيجته قاتلة.

استفزاز
أضاف فيرتز أن أردوغان بذل جهداً كي يجر الولايات المتحدة إلى النزاع عبر تهديد أوروبا. لكن الأوروبيين ليسوا ضنينين بالتعامل مع أزمة لاجئين جديدة، وهي أزمة ستنتجها هذه الحرب بشكل حتمي. أعلن أردوغان أنه لن يقوم بمنع 4 ملايين لاجئ سوري من اجتياز الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي في اليونان وبلغاريا. وقال أيضاً إن 18 ألف لاجئ تجمعوا على الحدود التركية مضيفاً أن العدد قد يصل إلى 30 ألفاً بحلول أواخر فبراير (شباط). وتحدث أحد رؤساء البلديات في تركيا عن أنه سينظم رحلات مجانية في الباص للاجئين الساعين للوصول إلى الحدود مع اليونان، مما أدى إلى تصعيد التوتر مع أثينا وأنقرة.

لماذا أخطأت أوروبا بالاتفاق الماضي؟
وكان فيرتز قد كتب مقالاً في المجلة نفسها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أكد فيه أن الاتفاق الذي توصل إليه الاتحاد الأوروبي مع تركيا سنة 2016 كان خطأ. في مقابل ستة مليارات يورو، تعهد أردوغان إبقاء اللاجئين السوريين داخل الحدود التركية طالما أن بروكسل وافقت على آلية تبادل تمنح اللجوء لعدد مساوٍ من السوريين. في هذا الوقت، تبين أن تركيا كانت تضخم أعداد اللاجئين على أراضيها فيما كانت تسرقهم. الآن، وبما أن اللاجئين باتوا ورقة مساومة مناسبة في جذب انتباه أوروبا، يضع أردوغان الأوروبيين أمام خيارات صعبة.

المشكلة في بدايتها
يدعي أردوغان أن تركيا لا تملك القدرة على مساعدة عشرات آلاف اللاجئين إذا سقطت إدلب. ومع مجادلة الأحزاب اليمينية في أوروبا بأن موجات اللجوء لن تزعزع استقرار النسيج الاجتماعي في الاتحاد الأوروبي وحسب بل ستضاعف أيضاً تداعيات انتشار فيروس كورونا، يعلم أردوغان أن بيده ورقة مساومة قيمة. بإمكان بروز موجة لجوء جديدة كتلك التي بدأت في 2015 أن تنتج آثاراً سياسية خطيرة بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، بعدما فشلت دوله في صياغة نظام موحد يسمح للاجئين بدخول القارة. ويرى فيرتز أن دخول 30 ألف شخص جديد إلى أوروبا لن يكون سوى البداية.

تحذير
من المؤكد أن تركيا سترسل المزيد من اللاجئين إلى حدودها مع تدهور موقعها في سوريا. ومن غير المرجح أن تقبل دول أوروبا الشرقية والوسطى بالموافقة على نظام جديد لإعادة توزيع اللاجئين، وهذا قد فشل سابقاً. كما من غير المرجح أن تستقبل دول أوروبا الغربية اللاجئين بأذرع مفتوحة كما حصل في 2015. ومع قدوم المزيد من اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي، لا يزال عشرات آلاف المهاجرين الذين توجهوا إلى أوروبا خلال بداية الحرب السورية من دون معالجة لملفاتهم. ويحذر فيرتز من أن وقوف أوروبا في وجه تركيا ورفضها لدخول اللاجئين السوريين سينشئ أزمة إنسانية غير مسبوقة. لكنه يقدم الحل.

سلاح أوروبا
ما يجب على أوروبا فعله وفقاً للكاتب هو فتح طريق أسهل لاستصدار تراخيص العمل للاجئين الذين قدموا إلى أوروبا منذ 2015، إضافة إلى تقديم حوافز للدول المترددة والدول البلقانية غير المنضوية في الاتحاد، كي تستقبل عدداً من اللاجئين بناء على معايير متشددة.

من جهة ثانية، وعوضاً عن ترك نفسها تخضع للتنمر من قبل أردوغان الذي يحتجز ملايين الأشخاص كرهائن من أجل توسعه العسكري في سوريا، يجب على الاتحاد الأوروبي إجبار أنقرة على إبقاء اللاجئين في أراضيها، ومن خلال العقوبات إذا لزم الأمر. مع الانهيار المطرد لليرة التركية، ومع اعتماد الأعمال على الصادرات إلى أوروبا، سيواجه أردوغان خياراته الشخصية الصعبة: الالتزام بالمبادئ أو الضربة القاضية في الانتخابات التالية. وختم فيرتز بأن الأشهر المقبلة ستظهر من الذي سيقلب الطاولة على الآخر.