الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الجمعة 13 مارس 2020 / 12:41

الأحزاب الإسلامية في تركيا.. ماتريوشكا مبعثرة

يشبه براق بيكدال، محلل سياسي وزميل لدى "منتدى الشرق الأوسط" الأحزاب السياسية في تركيا بالدمية الخشبية الروسية، أو" ماتريوشكا" التي تتضمن داخلها عدة دمى بأحجام مختلفة.

أمام أردوغان ثلاث سنوات لتقليص خطر خسارته في انتخابات عام 2023 – وما يحتمل أن يشكل حرباً وجودية بالنسبة للإسلامي القوي

ويذكر الكاتب بأن المفكر الرئيسي وزعيم الإسلام السياسي في تركيا نجم الدين أربكان (2011-1926)، الذي نجح، على خلاف أسلافه من أحزاب سياسية مختلفة، في تشكيل حكومة في 1996، سقط عام 1997، على ايدي جنرالات تركيا العلمانيين في "انقلاب ناعم" ودون إطلاق رصاصة واحدة.

ووفق كاتب المقال، غضب الإسلاميون لكنهم لم يلجؤوا للعنف، وابتكر فريق أربكان حلاً مختلفاً، بأن يبتعد عن خطه التقليدي المعادي للغرب، وخطابه المعارض للاتحاد الأوروبي، وأطلق حزباً سياسياً جديداً يزعم تبني قيم إصلاحية ليبرالية وديمقراطية مع العمل على أسلمة المجتمع خلسة لحين انقضاء الحاجة للعمل بسرية.

وهكذا أطلق أنصار أربكان من الشباب، ومنهم رجب طيب أردوغان وعبد الله غول وعلي باباجان وباسير عطالاي، وبينالي يلدريم ومولود جاويش أوغلو، حزب العدالة والتنمية (AKP)، الآلة السياسية الهائلة التي تحكم تركيا منذ نوفمبر(تشرين الثاني) 2002 ولم تخسر أية انتخابات.

انقسامات
لكن قبل ثلاث سنوات من الانتخابات الرئاسية (والبرلمانية) المقبلة، تشهد السياسات الإسلامية انقساماً جديداً، يتصدره سياسيان كانا من كبار الشخصيات في حزب العدالة والتنمية.

فقد رفع كل من أحمد داوود أغلو رئيس الوزراء التركي الأسبق، الذي اختاره أردوغان بنفسه، ونائب رئيس الوزراء السابق، علي باباجان، اقتصادي قدير، سقف تحدياتهما لرئيسهما ورفيقهما السابق، أردوغان. ويزعم الرجلان بأنهما انفصلا عن حزب العدالة والتنمية بهدف تقديم حل أكثر ليبرالية وموال للغرب للناخبين المحافظين في تركيا. وهما يتهمان أردوغان بتبني سياسات غير ليبرالية في ظل نظام الرجل القوي دون أن يكون له مصداقية في العالم الديمقراطي.

ووفقاً لمتابعة الكاتب، سيشارك حزب المستقبل بزعامة داود أوغلو وحزب باباجان في الانتخابات المقبلة من خلال قائمة تضم أحزاباً متعددة وفائزاً أوحد. ومن المفارقات أن قوتهما المحتملة تأتي عبر نظام انتخابي وضعه أردوغان بنفسه كي يضمن فوزه. وكان من السهل على الرئيس التركي أن يفوز في أية انتخابات استناداً للتنافس بين اليسار واليمين، ولكن الخط الحالي للانقسام أكثر تعقيداً، وبات يتطور سريعاً ليشكل انقساماً قوامه مع أردوغان أو ضده.

استطلاعات موثوقة

ومع أنه لم تختبر بعد شعبية حزبي داود أوغلو وباباجان من خلال استطلاعات موثوقة، ولكن حتى في حال انتزعت نسبة 3-4% من قاعدة الناخبين المحافظين (الموالين لأردوغان)، فقد يحدث ذلك تحولاً هائلاً في المشهد السياسي. ومن هنا يأتي استياء أردوغان من حليفيه القديمين. وبالفعل اعتبر، ضمن خطاب ألقاه في العام الماضي "من يقفزون من القطار" بأنهم خونة، وحذر من أنهم سيدفعون ثمن "تمزيقهم للأمة"، أي بسبب تحديه شخصياً وتحدي ناخبيه.

وتجاهل داود أوغلو وباباجان ذلك الإنذار، ولكن أردوغان لم يتوان عن تنفيذ تهديده. وفي ديسمبر(كانون الأول) استولت الحكومة التركية على جامعة شهير التي أسسها داود أوغلو عام 2010، عندما كان وزيراً للخارجية، وافتتحها أردوغان بنفسه.

وبعد ذلك، استولت حكومة أردوغان على مؤسسة أخرى مرتبطة بداود أوغلو، وهي مركز العلوم والفنون- مركز للأبحاث وآلاف حلقات البحث والورشات الأكاديمية في العلوم السياسية والتاريخ والاقتصاد والآداب منذ 1986. وفي يناير(كانون الثاني) قال داود أوغلو إنه تم التحقيق مع جميع الأعضاء المؤسسين لحزب المستقبل "ولكن لن يمنعنا أي كان من مواصلة التعبير عما نؤمن بصحته".

تحد حقيقي
ويشير الكاتب إلى أنه أمام أردوغان ثلاث سنوات لتقليص خطر خسارته في انتخابات 2023 – وما يحتمل أن يشكل حرباً وجودية بالنسبة للإسلامي القوي. وبقدر ما ينبغي عليه جعل الكتلة الحكومية أكبر، عليه أيضاً تقليص كتلة المعارضة.

وإلى ذلك، تبقى هناك أسئلة هامة: هل يتمكن من اجتذاب حزب الخير(IYI) إلى كتلته الحكومية؟ وهل يستطيع إقناع حلفائه القدامى برص صفوفهم وراءه عوضاً عن الانضمام إلى المعارضة؟

ويرى كاتب المقال أن الاحتمالين مطروحين في ظل الأرضية السياسية التركية الشديدة التقلب. لكن إن فشل أردوغان في كسب مزيد من الحلفاء، فسوف يواجه تحدياً حقيقياً للمرة الأولى منذ تسلمه السلطة في تركيا في 2002.