موظف يتأكد من حرارة سيدة (أرشيف)
موظف يتأكد من حرارة سيدة (أرشيف)
الإثنين 16 مارس 2020 / 21:04

كورونيات... شرّ البلية ما يضحك

ليس هناك ما يضحك في هذا البلاء، ولا يمكن أن يتحول الوباء المستجد إلى مادة للتندر والفكاهة، خاصة وأن كورونا صار اسماً حركياً عالمياً للرعب العابر للقارات، وتذكيراً دائماً بخطورة الإهمال البشري لشروط الوقاية من الإصابة.. ومن الموت.

من هذه التفسيرات المجنونة ما قاله رجل الدين الإيراني علي رضا بناهيان الذي اعتبر انتشار كورونا مقدمة لظهور "إمام آخر الزمان" أو "المهدي المنتظر"

هذا ما يراه العقلاء والبشر الطبيعيون الذين استطاع الوباء تغيير مسارات حياتهم، وألزمهم الفيروس المستجد بعادات مستجدة أيضاً تبدو مبالغة في الحذر ومتطرفة في الوقاية من الجراثيم التي ننتبه الآن إلى كونها حية ومستعدة للانقضاض علينا من المصافحة العادية ومن أسطح المكاتب والمطابخ وحتى من مقابض الأبواب.

معذورون نحن في خوفنا من هذا الفيروس، ليس فقط لأنه يهدد صحتنا، ولكن لأنه أيضاً يضرب في مقتل مختلف أوجه النشاط البشري ويحرمنا من العمل ومن الإنتاج ومن التفاعل الاجتماعي ومن الحركة الطبيعية والعيش السوي غير المقيد بمحددات وممنوعات كانت حتى أجل قريب من الأنشطة المستحبة كارتياد دور العبادة والمشاركة في المناسبات الاجتماعية المختلفة وممارسة الرياضة وغير ذلك مما ألفنا على اعتباره جزءاً من الحياة الطبيعية.

نقبل كل ذلك، ونلتزم بما يفرضه اتقاء الإصابة من تغيير في عاداتنا، لكننا لا نستطيع التعايش مع ما أنتجه كورونا من لوثات أصابت البعض بما يشبه الجنون، إن لم يكن الجنون في أوضح تجلياته.

استطاع كورونا أن يشيع الخوف وأن يحدد حركة الخائفين، لكنه استطاع أيضاً أن يعيد الحياة إلى الجنون وإلى تفسيرات المجانين لهذا الوباء، وهي تفسيرات يعتقد من يروجوها أنها منطقية وقابلة للتصديق في زمن الكورونا.

من هذه التفسيرات المجنونة ما قاله رجل الدين الإيراني علي رضا بناهيان الذي اعتبر انتشار كورونا مقدمة لظهور "إمام آخر الزمان" أو "المهدي المنتظر". وأشار بناهيان إلى دلالات هذا الظهور الذي ينبغي أن يسبقه الموت وشلل الحياة طبقاً للتوصيف البناهياني لمرحلة ما قبل ظهور المهدي المنتظر.

قد يكون في تصريحات بناهيان ما يضحك العقلاء، لكن أقوال "إمام الكورونا" ليست الأولى من نوعها، فقد سبقه أحد زملائه الأئمة قبل سنتين تقريباً بتصريحات ملفتة أكد فيها أن المهدي المنتظر سيهبط على الأرض في مركبة فضائية، وكان هذا التصريح هو الأغرب في سياق الفتاوى والتفسيرات المجنونة لما يجري على الأرض.

في الجانب الآخر من خريطة التنافس الطائفي صدر تصريح ملفت بتجاوزه لسوية العقل حين اعتبر شيخ حمساوي أنه "لو قدر لغزة أن تنجو من كورونا دون أية إصابة، وإن شاء الله هذا الذي سيحصل، أعتقد أن أكثر من 200 مليون مسلم سينضمون إلى حركة حماس على فرضية أنها فعلاً حركة ربانية صالحة بركاتها منعت وصول هذا الوباء الذي أصاب العالم برمته إلى قطاع غزة".

لم يصدر هذا التصريح عن مشعوذ أمي يحمل مبخرة، لكنه منسوب إلى كادر حمساوي يحمل درجة الدكتوراه، ويعتقد أن الحركة التي فشلت في تأمين الخبز والدواء لأهل القطاع قادرة ببركاتها أن تحميهم من الفيروس المستجد.

لا أعرف موضوع درجة الدكتوراه التي نالها هذا العبقري ولا من أي جامعة مباركة حصل عليها، لكن الرجل يبدو واثقاً مما يقول، وقد يكون هناك من يؤثم عدم تصديقنا له.

على هامش التصريحات المجنونة لشيوخ وملالي محكومين بالوهم، سمعنا وقرأنا استنتاجات أخرى لإعلاميين وسياسيين تجاوزوا أصحاب المباخر في تحليلاتهم المجنونة.

من هؤلاء من قال إن هناك قراراً دولياً بتخفيض عدد سكان كوكب الأرض إلى النصف، ولذلك تم استحداث وتطوير فيروس كورونا، ومنهم من اعتبر انتشار الفيروس مؤامرة امبريالية على حركات التحرر والقوى الطليعية التي تتصدى لقوى الاستكبار العالمي!

رغم الخوف من الوباء نضحك من هذه التصريحات والاستنتاجات التي لم تلمح حتى الآن أن كورونا عجز حتى عن إنقاذ بنيامين نتانياهو من النهاية السوداء.