الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.(أرشيف)
الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.(أرشيف)
الثلاثاء 17 مارس 2020 / 18:58

محمد بن زايد..."لا تشلون هم"

حين يقول محمد بن زايد إننا سنهزم كورونا فإننا نصدقه، ونمضي حاملين رايته، مفعمين بالإيجابية والتفاؤل، فخورين بهذا الحس الإنساني الذي لا يجعلنا ندافع عن أنفسنا فقط في وجه هذا الخطر، بل نكون قوة حقيقية وفاعلة في صدّ هذا الخطر عن العالم بأسره

المتابع لحركة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، منذ بداية أزمة كورونا العالمية، لابدّ أن تستوقفه شمولية هذه الحركة، ونجاعتها، ومدى تجسيدها لشخصيته القيادية الفريدة في المنطقة والعالم. ففي عرض سريع، قام الشيخ محمد بن زايد بالتواصل مع قادة العالم، بمن فيهم العاهل الأردني ورئيس الصين وسلطان ماليزيا ورئيس كوريا الجنوبية ورؤساء حكومات بريطانيا وإيطاليا واليونان ومدير برنامج الأغذية العالمي ومدير منظمة الصحة العالمية وبيل غيتس.. وعلى الصعيد الداخلي، كان لقاء ملهم جمعه بالشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، تلته مجموعة توجيهات اقتصادية تحفيزية لحكومة أبوظبي واجتماع بأعضاء المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، واجتماع آخر بالجهات المعنية بمتابعة تطورات فيروس كورونا، وهذا كله توج برسالة بالصوت والصورة وجهها الشيخ محمد بن زايد إلى المواطنين والمقيمين في الإمارات أكد فيها مجموعة من المبادئ والرؤى المتعلقة بالتعامل مع الأزمة.

"لا تشلون هم" كانت تلك رسالة الشيخ محمد بن زايد، التي جاءت في لحظة تاريخية مفصلية تعيشها المنطقة والعالم في مواجهتها لأسوأ وباء منذ عقود، وهي ليست مجرد رسالة لفظية تطمينية، بل إنها نابعة في المقام الأول من "إجراءات عقلانية ومتقدمة وسباقة على كثير من الدول"، على حدّ قول سموه، اتخذتها دولة الإمارات منذ بداية تفشي الوباء، بل لا نبالغ إن قلنا إنها اتخذتها قبل الأزمة، عبر اعتمادها باكراً سياسات استباقية، والتعامل بجدية مع سيناريوهات الأزمات والطوارئ، ووضع الخطط والاستراتيجيات الناجعة للتعامل معها. هي إذن لحظة تتويج لجهود متراكمة كان الشيخ محمد بن زايد والقيادة الإماراتية عموماً، يحرصان على متابعتها منذ سنوات طويلة، بما في ذلك الأمن الصحي والغذائي وكيفية التعامل مع الطوارئ والكوارث، وبالتالي حين يطمئن الشيخ محمد بن زايد "كل مواطن ومقيم على هذه الأرض الطيبة" مؤكداً "أن الإمارات - بعون الله - قادرة على تأمين الدواء والغذاء إلى ما لا نهاية..فالدواء والغذاء خط أحمر .. وبفضل الله تعالى الدولة آمنة ومستقرة.. وجاهزيتنا مستدامة لمواجهة التحديات كافة"، فإن كلامه هذا ليس من قبيل الطمأنة اللفظية وشدّ العزيمة فحسب، بل هو كلام يصدر عن وقائع ومعلومات وقراءة دقيقة للواقع ومعاينة له من مختلف الزوايا، وهو يأتي أيضاً بعد وخلال خطوتين عالميتين فارقتين، تمثلت الأولى في إخراج مواطني عدد من الدول الشقيقة والصديقة من بؤرة الوباء في الصين، واستضافتهم وفق أفضل الشروط في "مدينة الإمارات الإنسانية"، أما الثانية فتمثلت في إرسال مساعدات إلى جمهورية إيران لمساعدتها على مواجهة تداعيات الأزمة. كما يأتي كلام سموه مصحوباً بخطوات اقتصادية مهمة وتوجيهات بعدم توقف أي مشروع استثماري أو إعماري ودعم الشركات الناشئة للحفاظ على نشاطها وعدم تكبدها أي خسائر مادية بما يضمن استمرار الأعمال وعدم تأثر أي من القطاعات بها.

ولعل الشيخ محمد بن زايد، بما يمتلكه من مصداقية وقوة حضور واحترام هائل في الداخل والخارج، هو من قلة نادرة من القادة، الذين يعتبر كلامهم حقائق صلبة ليست محل جدال أو تشكيك، فمحمد بن زايد، مثلما يعرف القاصي والداني، إن قال فعل، بل إنه يقدم دوماً الفعل على القول، فيأتي القول تأكيداً وتوثيقاً وتصديقاً لما تم إنجازه بالفعل.

وكم جاءت كلمات سموه مفعمة بالحكمة والثقة حين يخاطب الناس بالقول "أدعوكم إلى التحلي بالإيجابية وروح التفاؤل التي تعلمناها من والدنا زايد في مواجهة التحديات كافة، وأن نخلق من التحديات فرص نجاح..آباؤنا وأجدادنا مروا بأزمات عديدة واجهوها بالصبر والأمل والتفاؤل، ما أحوجنا اليوم إلى الاقتداء بهم"، وكم تجد كلماته آذاناً صاغية حين يخاطب الناس بالقول: "عاداتنا وتقاليدنا غالية.. لكن للضرورة أحكام ..أطلب من كل إماراتي ومقيم أن يتحفظ عليها خلال هذه الفترة، ولا نجعلها سبباً لضررنا ولا فرصة لإيذاء أهلنا وأسرنا ومجتمعنا، أوصيكم بآبائكم وأمهاتكم"، بمثل هذا الحس الإنساني المفعم محبة وصدقاً واحتراماً في الوقت نفسه للعادات والتقاليد، تدخل كلمات محمد بن زايد القلب، وترسخ في الوجدان، دون استئذان، لأن قائلها قائد لا يستخف بالكلام ولا يطلقه على عواهنه، قائد ملتصق بشعبه، بل ملتصق بهموم العالم وقضاياه، ومن هنا قدرته الفائقة، على إطفاء نيران القلق والهواجس والمخاوف المشروعة عند الناس، وتحويل التحديات إلى فرصة لصنع القدوة والمثال وتجديد المنظومة القيمية التي هي صمام الأمان للحفاظ على المنجزات وتجاوز المخاطر والتحديات.

كلمات كبيرة من قائد جعل الصدق عنوانه وسر علاقته الحميمة مع الناس، وأفعال تاريخية لقائد يدرك موقع الإمارات المتقدم في العالم، لأنه أحد الصناع الرئيسيين لهذا الموقع، وحين يقول محمد بن زايد إننا سنهزم كورونا فإننا نصدقه، ونمضي حاملين رايته، مفعمين بالإيجابية والتفاؤل، فخورين بهذا الحسّ الإنساني الذي لا يجعلنا ندافع عن أنفسنا فقط في وجه هذا الخطر، بل نكون قوة حقيقية وفاعلة في صدّ هذا الخطر عن العالم بأسره.

فشكراً، مجدداً، محمد بن زايد.