مغادرة الأفارقة إلى الأرياف (أرشيف)
مغادرة الأفارقة إلى الأرياف (أرشيف)
السبت 28 مارس 2020 / 21:42

كورونا يدفع الأفارقة للفرار إلى الأرياف

لا يتذكر أحد في مدغشقر رؤية أعداد كبيرة من السكان يتوجهون سيراً على الأقدام خارج العاصمة أنتاناناريفو على الطريق الوطني السريع رقم 7 كما حصل في الأيام الأخيرة، حيث اصطف أهالي الجزيرة الأفريقية بالمئات للفرار بعدما أعلنت السلطات فرض عزل تام لمنع تفشي وباء (كوفيد-19).

وتوجّه ريتشارد راكوتواريسوا جنوباً خارج العاصمة سيراً على الأقدام، حاله كحال المئات الذين يخشون من أن يعلقوا في العاصمة بقليل من الطعام أو من دونه إطلاقاً حتى.

وقال الأب البالغ من العمر 30 عاماً "توقفنا عن العمل وقبلنا بقيود العزل، لكن ما زال لزاماً علينا أن نأكل ونطعم أطفالنا"، وأضاف "بالنسبة إلي كان الأمر إما إطاعة القرار أو المغادرة".

وقبل الفجر، أيقظ طفليه وحمّل دراجته الهوائية بقدر المستطاع قبل أن يتوجه إلى بلدة أنتسيرابي التي تبعد نحو 150 كيلومتراً في رحلة ستستمر 3 أيام مشياً بهدف الانضمام إلى زوجته وأفراد عائلتهما هناك.

وأضاف "لا نعلم على وجه الدقة متى سنصل، لكن نتوقع النوم في العراء لبضعة أيام تحت النجوم"، ولا يبدو راكوتواريسوا متردداً حيال عدم العودة مجدداً، وقال "في قريتنا، يعمل أهلنا كمزارعين، بإمكاننا العيش مما نزرع، وفي العاصمة قيد العزل، بإمكاننا فقط الانتظار حتى الموت جوعاً".

وعبر القارّة الأفريقية، أدى انتشار وباء كوفيد-19 الذي حصد أرواح نحو 28 ألف شخص في العالم، إلى مشاهد مشابهة لهجرة السكان.

وفي كينيا، حالما تم تأكيد أول إصابة بالفيروس في 13 مارس(أذار) الجاري، فر كثيرون من العاصمة نيروبي بالسيارات وعبر حافلات النقل الصغيرة المسماة "ماتاتو" متجهين إلى الريف.

وخفت الموجة مذاك، لكن لا زال الطلب على حافلات "ماتاتو" المطلية بألوان زاهية كبيراً حتى بعد خفض طاقتها الاستيعابية إلى النصف لأسباب صحية.

وقال جيري موسيوكا الذي يدير متجراً لبيع الأجهزة الإلكترونية "علينا الانتقال"، وأضاف "هذه المدينة غير آمنة، ولذا سأنتقل إلى القرية مع زوجتي وأطفالي إذ لا نريد أن نصاب بكورونا".

وأوضح "طُلِب من الأطفال أن يلازموا منازلهم لأن المدارس مغلقة، وأنا في إجازة للابتعاد مع عائلتي في قريتي التي تدعى كيتوي وتبعد 150 كيلومتراً شرق نيروبي".

وفرضت السلطات الكينية حظر تجوال ليلي منذ أمس الجمعة، لكن العديد من السكان يرون العزل التام أمراً لا مفر منه.

ويشرح المحامي جونسون ماكوري "حينما نرى ما تفعله الدول الأخرى، فعلينا توقع العزل التام هنا، لن أنتظر حدوثه"، وأوضح أنه ينوي التوجه إلى قرية كيسي ولن يعود إلى مكتب المحاماة الذي يديره وقرر إغلاقه قبل أن تنتهي الأزمة.

وعلى عكس كينيا، اتخذت عدة دول في شرق أفريقيا إجراءات عاجلة لمواجهة مخاطر الهجرة، وعلّقت الغابون، التي سجلت 7 إصابات ووفاة في العاصمة ليبرفيل، رحلات الطيران والقطار الداخلية وناشدت السكان عدم التوجه إلى الريف.

وقال المتحدث باسم اللجنة الحكومية لمحاربة الفيروس الطبيب غاي باتريك أوبيانغ ندونغ إن "هذه الإجراءات ستوقف انتشار الفيروس إلى القرى حيث يعيش معظم المسنين والفئات الأكثر هشاشة".

وتم إجراء فحوصات قليلة نسبياً للكشف عن المصابين في ـفريقيا، لكن بوجود 87 وفاة و3203 إصابة، يخشى أن ينتشر الفيروس بشكل واسع.

واتخذت ساحل العاج وبوركينا فاسو والكونغو الديموقراطية نفس الإجراءات الجذرية لعزل المدن والبلدات الكبيرة، وأمر حاكم كينشاسا بفرض عزل لمدة 4 أيام على سكان العاصمة البالغ عددهم 10 ملايين، ويبدأ من اليوم السبت.

وسبق للرئيس فيليكس تشيسكيدي أن أمر بإيقاف الرحلات الجوية ورحلات القوارب بين المدينة وبقية أرجاء الكونغو الديموقراطية مطلع الأسبوع، لكن تلك الخطوات فشلت في منع انتقال فيروس كورونا المستجد إلى مقاطعة إتوري الواقعة في شمال شرق البلاد والتي سجلت فيها أول إصابة خارج العاصمة كينشاسا.

ونصبت السلطات في مدغشقر حاجزاً على الطريق السريع رقم "7"، نحو 40 كيلومتر جنوب العاصمة، في مسعى، بحسب قولها، لفحص أولئك الفارين ممن أصيبوا بالفيروس.

وقال الطبيب هانيترينياينا رادرياناريسون أول أمس الخميس إن "أكثر من ألفي شخص مروا عبر الحاجز هذا الصباح، ولم يظهر على أي شخص حتى الآن درجة حرارة أعلى من المعدل الطبيعي".

كما تقوم قوات الدرك بالتدقيق في السيارات لتخفيف تدفق الناس عبر الطريق السريع مع استمرار العديد من السكان في محاولتهم المغادرة.

وقال جاستن راندرياماهيفا البالغ من العمر 35 عاماً والذي يعمل على توزيع الخبز إنه وزوجته وطفليهما غادروا العاصمة أنتاناناريفو بواسطة دراجتهم الهوائية، متجهين إلى بلدة أمبوسيترا التي تبعد نحو 250 كيلومتراً عن العاصمة.

وأوضح "كان بإمكاني العمل صباحاً فقط وهذا ما اضطرني إلى اتخاذ قرار المغادرة، إذ لا يمكنك ترك أطفالك يموتون جوعاً".