صورة تعبيرية (أرشيف)
صورة تعبيرية (أرشيف)
الأربعاء 1 أبريل 2020 / 18:37

في الإمارات... الدواء والغذاء إلى ما لا نهاية

24- آلاء عبد الغني

"أريد أن أطمئن كل مواطن ومقيم على هذه الأرض الطيبة أن الإمارات - بعون الله - قادرة على تأمين الدواء والغذاء إلى ما لا نهاية، فالدواء والغذاء خط أحمر، وبفضل الله تعالى الدولة آمنة ومستقرة، وجاهزيتنا مستدامة لمواجهة التحديات كافة".

هذه الرسالة التي طمأن بها ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، قلب كل مواطن ومقيم في دولة الإمارات، تجسد استعداد الدولة الدائم لمواجهة جميع التحديات والأزمات والطوارئ منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وجاهزيتها لا للمرحلة الراهنة فحسب، وإنما للمستقبل من أجيل الأجيال القادمة.

وفي ظل تزايد المخاوف المتعلقة بالأمن الغذائي العالمي مع خضوع نحو خمس سكان العالم لحالة عزل أو قيود على الحركة والتنقل مع اتساع انتشار فيروس كورونا في أكثر من مائتي دولة حول العالم، وما شهدتها من تهافت على الشراء وخوف سكانها من نفاذ الأغذية والسلع الضرورية، وما تلاها من خلو الأرفف من البضائع، ساد لدى قاطني تلك الدول قلق بشأن تحرك حكومات بلادهم لتقييد تدفق المواد الغذائية الأساسية لتضمن لشعوبها كفايتهم في وقت أربك فيه الوباء العالمي سلاسل الإمداد.

بدورها، بادرت الإمارات، ومنذ اليوم الأول لانتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)، للعمل على استراتيجيات وخطط تكفل عدم تأثر مخزونها الاستراتيجي، وضمان الإمداد المتواصل للسلع الغذائية من عدة أسواق عالمية.

ومنذ سنوات خلت، عملت وزارة الاقتصاد على إنشاء المخزون الاستراتيجي للمواد الغذائية، وفي السياق ذاته عملت وزارة الصحة ووقاية المجتمع على إنشاء مخزون استراتيجي للدواء، وذلك تحت إشراف الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، وغدت الإمارات نموذجاً رائداً في الاستعداد والجاهزية للتعامل الناجح مع حالات الطوارئ والأزمات، إلى جانب امتلاكها منظومة شاملة للأمن الغذائي.

وفي عام 2019، حققت الإمارات قفزة نوعية في مؤشر الأمن الغذائي العالمي لعام 2019، بالتقدم 10 مراكز وصولاً إلى المركز الـ21 عالمياُ، ما يجسد جهود الحكومة لتنفيذ توجهات ورؤى القيادة بتحويل الدولة إلى مركز عالمي للأمن الغذائي القائم على الابتكار، وتحقيق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي الهادفة إلى توفير غذاء صحي وآمن، وذي قيمة غذائية عالية بأسعار مناسبة في كل الأوقات والظروف لكل أفراد المجتمع.

ويشكل تعزيز تنافسية الدولة وريادتها هدفاً للاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي لتحقيق الأمن الغذائي لدولة الإمارات، وتكثف الدولة جهودها للوصول إلى مصاف أفضل عشر دول في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول عام 2021.

وجاء تعيين مريم المهيري وزيرة دولة للأمن الغذائي بهدف تعزيز التركيز على هذا الملف الوطني الحيوي، من خلال إدارة 3 محاور هي التخطيط، وتبني التكنولوجيا الحديثة، وتعزيز سبل البحث والتطوير، وذلك في إطار تحقيق مئوية الإمارات 2071، الهادفة إلى أن تكون الإمارات أفضل دول العالم في كل المجالات.

ومثل إطلاق نائب رئس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي في نوفمبر (تشرين الأول) من عام 2018 خطوة محورية في مسيرة تحقيق الأمن الغذائي للدولة.

وفي ظل الأوضاع الراهنة، وتداعيات فيروس كورونا على جميع القطاعات وتهديده لأمن الغذائي العالمي، والتحذير الدولي لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة التجارة العالمية، بأهمية تقليل الآثار المحتملة على إمدادات الغذاء أو العواقب غير المقصودة على التجارة العالمية والأمن الغذائي، ومخاطر شيوع عدم اليقين بشأن توافر الغذاء، أكدت الإمارات منذ بدء ظهور (كوفيد 19)، وجود فائض كاف بشكل كبير من الخضروات والفواكه والسلع الغذائية لتلبية احتياجات المواطنين والمقيمين في الدولة إضافة لاحتياجات دول مجاورة، إلى جانب الاستقرار الكبير في عمليات التوريد، خاصة مع تنوع الأسواق الدولية التي تستورد منها التجار سواء من أسواق أمريكا الشمالية والجنوبية أو جنوب أفريقيا أو الدول العربية، إلى جانب عدم وجود أية عقبات في نقل السلع من الأسواق الدولية إلى الدولة دون أي صعوبات.

وطمأنت الدولة جميع المواطنين والمقيمين فيها إلى أن المخزون الاستراتيجي من السلع الاستراتيجية فيها يكفي في الوقت الحالي لمدة تزيد عن ستة أشهر، علاوة على وجود نشاط يومي قوي في الاستيراد من الأسواق الدولية وزيادة هذا المخزون بشكل كبير، وتوفير كافة السلع بالأسواق بأسعارها الحقيقية دون زيادة فيها، وعدم نقص أي سلعة على الإطلاق.

واعتمد رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2020 بشأن تنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية في الدولة، الهادف إلى تنظيم المخزون الاستراتيجي للمواد الغذائية في الدولة في حال حصول أزمات وطوارئ وكوارث، وتحقيق الاستدامة في مجال الغذاء، وجاء ليعزز منظومة الأمن الغذائي في الدولة من الناحية التشريعية ووضع الإجراءات القانونية لرفع اكتفاء الدولة من احتياطي السلع الغذائية الرئيسية في مختلف الظروف، بما فيها حالات الأزمات والطوارئ والكوارث وغيرها، ومكملاً لجهودها في مواجهة الأزمة التي يمر العالم فيه اليوم، والناجمة عن تفشي وباء (كوفيد 19).

وتمتلك الإمارات آلية مدروسة لإدارة المخزون الاستراتيجي للدولة وفق أفضل المعايير والممارسات العالمية سواء من حيث وفرة السلع الغذائية المستهدفة، وتعيين أصنافها وطرق حفظها وضمان سلامتها وتوزيعها لتغطي كافة مناطق الدولة، وبنسب تلبي احتياجات مختلف التجمعات السكانية في الإمارات السبع.

وأكد مجلس الإمارات للأمن الغذائي في اجتماع ترأسته وزيرة الدولة للأمن الغذائي مريم بنت حارب المهيري، متابعة أية متغيرات قد تطرأ على سلسلة الإمداد في الدولة، أن سلاسل إمداد الغذاء تعمل بكفاءة عالية والإنتاج المحلي يعمل للارتقاء بقدراته الإنتاجية، محذراً من عدم الانسياق إلى الشائعات التي تدعو إلى الشراء المفرط للأغذية، وضرورة الالتزام بالتعليمات الصادرة من الجهات المعنية.

ويعد تعزيز سلاسل إمداد الغذاء الرئيسية لتوفير المنتجات الغذائية لكل أفراد المجتمع، أولوية قصوى لدولة الإمارات، من خلال تطبيق الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي الوطني تحقيقاً لمرتكزاتها الرئيسية التي تقوم على تسهيل تجارة الغذاء، وإنتاج غذاء ممكن بالتكنولوجيا، والحد من فقده وهدره، وسلامة الغذاء ونظم التغذية، وإدارة المخاطر والأزمات الغذائية.

وفي الإمارات، الإنسان هو الأولوية أولاً وثانياً وثالثاً، دون تفرقة بين مواطن ومقيم، وهو ما أكده ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حين قال: "إننا في دولة الإمارات لن نتهاون فيما يمس حياة أهلنا ومجتمعنا الذين هم أمانة في أعناقنا من مواطنين ومقيمين، وفي الوقت نفسه لن نوقف عجلة التنمية والاقتصاد وستستمر بحكمة وحذر حتى تمر هذه المرحلة وتعود البلد أقوى من السابق".

وطمأن الشيخ محمد بن زايد جميع من يقطن على أرض الإمارات بأن إمدادات الغذاء والدواء وغيرها من مستلزمات الحياة، متوفرة وآمنة في الدولة، مهما كان اتجاه الأزمة، وأن الإمارات بخير، وستبقى بخير ولن تتردد في اتخاذ أي إجراء لحماية المجتمع خلال الفترة القادمة، وهو ما بعث الطمأنينة في قلوب الجميع على أنفسهم وأطفالهم لأن الإمارات حريصة تماماً على ضمان أمن الغذاء الاستراتيجي، وتمتلك مخزوناً كافياً لمدة زمنية تتجاوز الحدود المتعارف عليها دولياً، ما يؤكد أنها ستبقى دار الخير وصمام الأمان لجميع قاطنيها.