قائد الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني (أرشيف)
قائد الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني (أرشيف)
الخميس 2 أبريل 2020 / 20:25

قآني في العراق.. فشل حلول ما بعد سليماني

ليست عادية الزيارة التي قام بها قائد فليق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال إسماعيل قآني إلى بغداد، في ظل فشل في السياسة والعسكر تعيشه القوى التابعة لطهران في العراق، فشل بدأ مع مقتل صاحب مشروع الانتشار الإيراني في المنطقة عبر الإرهاب، أي قاسم سليماني.

زيارة قآني هي الأولى لبغداد منذ تعيينه خلفاً لسليماني، وسبب الزيارة واضح، وهو عدم توافق القوى الشيعية التابعة لطهران على ملفات عديدة، من ملف تعيين بديل لرجل إيران الأقوى الذي قتل مع سليماني، أي أبو مهدي المهندس الذي أدار أحزاب إيران العراقية بقدرة عجيبة جمعتهم في أسوأ الظروف وأحلكها.

في بغداد لم يكن قآني صاحب الشخصية الحاسمة التي كان يملكها قبله سليماني، فالأخير كان يدخل بيوت السياسيين في بغداد والبصرة والنجف وكربلاء، يعد ويهدد ويرفع إصبعه بوجههم، فيهابونه ويعرفون قدرته على تنفيذ تهديده بسهولة وإمكانية موتهم على يديه، وبعدها مشاركته في جنازتهم والبكاء عليهم واتهام "العدو" بقتلهم. قآني هذا يعتبره الساسة العراقيون ضعيف الشخصية ولم يعمل معهم سابقاً، ولا يعرف كيفية تسييرهم ولا فرض شروطه عليهم.

المصادر العراقية لفتت إلى أن قآني جرب جمع قادة الميليشيات كافة، لإبلاغهم بخطته لإسقاط رئيس الحكومة المكلف عدنان الزرفي، الذي وصفه بـ"الأمريكي"، ولكنهم رفضوا الالتقاء في مكان واحد، والسبب الحقيقي هو عدم ثقتهم ببعضهم البعض، فالشك يلاحقهم منذ اغتيال سليماني والمهندس بأن أحدهم مسؤول عن إيصال المعلومات عن الرحلة الأخيرة من دمشق إلى بغداد التي لاحقتهما بعدها طائرة مسيرة أمريكية لتقتلهما بصواريخها.

كان هم قآني أن يعيد إحياء "المهندس" عبر إقناع "العراقيين" بمن سماه بديلاً لـ "المهندس"، أي أحد قادة كتائب حزب الله العراقي عبد العزيز المحمداوي المعروف باسمه الحركي "أبو فدك"، وهو الذي عينه في فبراير (شباط) كقائد عام لفصائل الحشد الشعبي، وعلى عكس التطلعات، أدى التغيير يومها إلى زيادة منسوب الانقسامات. فقد رفضت الفصائل الاعتراف بالمحمداوي. حتى أن البعض في فصيله، كتائب حزب الله، عارض ارتداءه عباءة القيادة، على اعتبار أنها ستدخلهم بمتاهات الخلافات مع الفصائل الأخرى التي يمكن أن تصل حد الاقتتال.

مصادر في الحشد الشعبي وقادة جماعات أقل قرباً من إيران، بدأوا الحديث عن خلافات متزايدة على القيادة، زادها تقلص الدعم المالي من طهران، فيما جاءت زيارة قآني بشخصيته الضعيفة لتزيد من حدة العدائية بين الميليشيات، الأمر الذي يمكن أن يدفعها للتقاتل العسكري كما حدث لمدة 4 أعوام بين ميليشيات حزب الله اللبناني وبين عناصر حركة أمل التي كان يقودها نبيه بري في لبنان.

اليوم في العراق محور الانقسامات هو رئاسة الحكومة وقيادة الحشد الشعبي، التي تعني قرب قائدها من القيادة الإيرانية، والخلاف على أشده بين الفصائل القوية التي تتلقى أوامرها من إيران وتهيمن على الحشد ومنها كتائب حزب الله التي كان المهندس قائدها ومنظمة بدر وحركة النجباء وغيرها.

أحد النواب العراقيين في البرلمان قال إنه "من قبل كان بإمكان الفصائل والساسة المدعومين من إيران فرض من يختارونه رئيساً للوزراء". وأضاف "أما الآن فلا يمكنهم حتى الاتفاق فيما بينهم على من يريدونه لهذا المنصب"، مضيفاً أن كثيرين يفضلون أن يشغل الزرفي هذا المنصب، لئلا يأخذه أحد منافسيهم من قادة الفصائل أو من جماعة مقتدى الصدر.