سيدة تعطس في منديل (أرشيف)
سيدة تعطس في منديل (أرشيف)
الجمعة 3 أبريل 2020 / 13:46

كورونا بعد إيبولا...جرس إنذار آخر للعالم

عاجلاً أم آجلاً، سيقضي العلم على كورونا، وستتطور ضده مناعة المتعافين، وستقلل الاختبارات الحاجة لحجر شامل. وإلى جانب علاجات آمنة وفعالة، لا شك أن لقاحاً سيُطور ضد الفيروس الذي سيجد أن العالم أصبح أكثر تحصيناً، ضد آثاره المدمرة.

أزمة تتطلب أن نعترف بأننا نعتمد اليوم على بعضنا البعض كما لم نكن قط، ويجب أن نتصرف وفقاً لذلك

وفي هذه المرحلة الانتقالية، تبدي روزا وايتاكر، الديبلوماسية الأمريكية، ومساعدة الممثل التجاري الأمريكي السابق لأفريقيا، قلقاً من عدد الضحايا المحتملين للوباء، لافتة إلى أن الخسائر البشرية والاقتصادية جراء الوباء تبدو هائلة، وأنه ربما سيقتل الملايين، وسيتسبب في خسائر مادية بتريليونات الدولارات.

ومن بين متغيرات ستحدد الفاتورة النهائية للوباء، تتسأل الكاتبة كيف سيؤثر الوباء على أفريقيا، فضلاً عن مناطق أخرى مكتظة بالسكان، وسط نظم صحة عامة هشة، وتواضع البنية التحتية، وانتشار الفقر، وضعف أو تقطع أنظمة الحكم؟.

سكن مزدحم
وقالت الكاتبة في مقال بمجلة "نيوزويك" الأمريكية، إن غسل اليدين عدة مرات في اليوم، يتطلب وجود صنبور مياه مع كمية كبيرة من الصابون.

ولكن كيف يمكن أن تعزل نفسك إذا كنت تشترك في السكن في غرقة واحدة مع ستة آخرين، أو عدد أكبر من أفراد العائلة ينتمون إلى أجيال عدة؟.

ولإطعام الأسرة، أنت تحتاج الذهاب إلى مقر العمل، فكيف لك أن تجلس على بعد مترين من راكب آخر في حافلة صغيرة مكتظة، ولا تقترب من سائق دراجة نارية قد تكون وسيلتك الوحيدة للوصول إلى وجهتك؟.

وشاعت سابقاً مقولة، إذا أصيب الشمال الصناعي بالبرد، تصاب أفريقيا بداء الرئة. ولكن ماذا سيحصل بعدما يصاب الشمال بشكل شديد العدوى من الالتهاب الرئوي، وينقله إلى أفريقيا؟.

ناقوس خطر
وفق الكاتبة، لا يستطيع أحد القول إن العالم لم يتوقع هذه الجائحة. وذلك ما أشار إليه بيل غيتس، في حديث بث عبر الأقمار الصناعية عندما تفشى وباء إيبولا في غرب أفريقيا بين 2014 و2016.

وقال غيتس يومها: "إذا تسبب أي شيء في مقتل 10 ملايين شخص في العقد المقبل، فإن الأرجح أنه سيكون فيروساً، لا حرباً، ولا صواريخ بل ميكروبات".

وفيما أنفق العالم مليارات الدولارات على الردع النووي، قال مؤسس شركة مايكروسوفت: "أنفقنا أقل القليل على تطوير نظام قادر علي وقف تفشي وباء ما".

وترى الكاتبة أن التاريخ حافل بمتنبئين وصناع سياسات استعدوا بعناد لحروب طاحنة عوض التركيز على ما سيصيبهم بالفعل. ويبدو أن كورونا، تجاوز كل الخطوط الدفاعية التي بناها الإنسان حول نفسه.

وبعد أوبئة سارس، وميرس، وانفلونزا الخنازير، كان إيبولا بمثابة أشد أدوات القتل فتكاً. ولفت غيتس إلى أن إيبولا قد يكون جرس إنذار.

لكن، بفضل مهارات خبراء وشجاعة عاملين محليين في الحقل الطبي، ومنظمة أطباء بلا حدود، أمكن احتواء الفيروس ومنعه من الوصول إلى المدن الأفريقية، قبل أن يعبر المحيطات.

وأثناء تفشي إيبولا، توفي مصاب وحيد بين 11 آخرين عولجوا من الفيروس في الولايات المتحدة. أما على الأرض في أفريقيا، فبلغت حصيلة الوفيات 11310.

 ويبدو أنها كانت نتيجة مرعبة لكنها لم تكن كافية لتعديل أولويات السياسات الصحية.

وتعود الكاتبة للتذكير بأن العالم يخوض اليوم حرباً ضد ما كان يفترض أن يتوقعه. وفي رأيها، تتعلق أزمة كورونا بشيء أكثر من مجرد فيروس، أزمة العيش في محيط حيوي منكمش ومزدحم ومترابط على نحو متزايد، فما أن يصيب فيه فيروس أحد أطراف الأرض، يظهر بعد بضع ساعات، في الطرف الآخر ويطلق وباء.

ومن شأن إدماج أسواق أفريقيا الهشة، وتعزيز نظمها الضعيفة في الاقتصاد العالمي المترابط للغاية، أن يعود بالفائدة على الجميع، ولكن انعدام ذلك سيزيد الفقر.

وتنطبق هذه الحقيقة على كل منطقة، حسب الكاتبة. ويحاول كورونا، مثل تغير المناخ، أن يقول شيئاً.

إنه يوصلنا رسالة مفادها أن بقاءنا على وجه الأرض، لا يعتمد على بناء جدرانٍ تفصلنا عن بعضنا، أو إطلاق أوصاف مهينة، أو تأجيج عواطف قومية محمومة لنفوز بالانتخابات.

إنها أزمة تتطلب أن نعترف بأننا نعتمد اليوم على بعضنا البعض كما لم نكن قط، وأن نتصرف على ذلك الأساس.