الزعيم العراقي الشيعي مقتدى الصدر (أرشيف)
الزعيم العراقي الشيعي مقتدى الصدر (أرشيف)
الجمعة 3 أبريل 2020 / 13:26

بعد تخليه عن الانتفاضة...الصدر يتخبط مجدداً

24- زياد الأشقر

قال الصحافي بوبي غوش في موقع "بلومبرغ" الأمريكي أنه عندما دعا زعيم التيار الصدري الشيعي في العراق مقتدى الصدر، قبل أربعة أعوام إلى وضع حد للعنف ضد المثليين، بدا كأنه تقدم خطوة على أتباعه، إلا أن قوله إن وباء كورونا هو نتيجة زواج بين مثليين، يثبت مجدداً رجعيته وتخبطه.

يرى بعض المراقبين أنه افترض أن مقتل سليماني والمهندس فرصة كي يملأ الفراغ السياسي الناجم عن رحيلهما، وأنه غير قادر على تحقيق هذا الهدف من دون مساعدة طهران

فعلى غرار معظم دول الشرق الأوسط، لا يرحب العراق بالمثليين، لكن مناطق قليلة أظهرت  عداءها لهم مثل ما تفعل ضاحية الصدر في بغداد التي تعتبر معقلاً للزعيم الشيعي، أين ألقى رجال دين موالون له عظات ضد المثليين، ويطاردهم جيش المهدي الذي يتزعمه، ويقتلهم.

وأشار غوش إلى أن تصريح الصدر في 2016 فاجأ منظمات حقوق الإنسان وأسعدها، إذ بدا لها أنه يخرج من التعصب الديني ويتخذ موقفاً سياسياً علمانياً.

وقد مر الرجل بمرحلة من التهميش عندما هيمنت الأحزاب الشيعية الموالية لإيران على الحياة السياسية في بغداد، لكن الصدر أعاد اكتشاف نفسه وسطياً، أو على الأقل قريبأ من الطيف العلماني في السياسة العراقية.

عراقي وطني

ولفت غوش إلى أنه بتموضعه على مسافة واحدة من إيران والولايات المتحدة، برز الصدر وطنياً عراقياً، وحل جيش المهدي وأعاد بناءه على أساس سرايا السلام، التي أخذت على عاتقها محاربة داعش.

ورحب العلماء في العراق بهذا التحول، آملين أن يصبح الصدر أكثر اعتدالاً وانفتاحاً لإدخال إصلاحات إلى العراق، بإبراز هويته الحقيقة ضد التدخلات الأجنبية الخبيثة، خاصةً من طهران.

العامري والمهندس
وردت إيران على التمرد السياسي للصدر، بمضاعفة اعتمادها على وكلائها من الأحزاب الشيعية بقيادة هادي العامري، ثم أبو مهدي المهندس. وكان الرجلان مسؤولان أمام قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.

وعندما كان سليماني، والمهندس، والعامري بين الذين نددت بهم الاحتجاجات التي اندلعت في العراق في أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، بدا انحياز الصدر إلى المتظاهرين طبيعياً.

ورحب قادة ما بات يعرف بـ "ثورة أكتوبر" بمساعدته خاصةً بعد التعرض لهجمات من قوات الأمن وميليشيات موالية لطهران. ووفرت عناصر من سرايا السلام الذين عرفوا بوضع قبعات زرقاء بعض الحماية للمحتجين الذي كانوا هدفاً لرصاص القناصة وعصيهم.

غضب الشارع
وقال الكاتب، إن الصدر تمكن من استخدام غضب الشارع سلاحاً ضد وكلاء إيران في بغداد.

وعندما أرغم المحتجون رئيس الوزراء عادل عبد المهدي على الاستقالة، فإن الصدر حال دون اختيار إيران خليفة له، من الموالين لها.

وعندما اتجهت الأطراف الشيعية إلى مواجهة بعيدة المدى، بدا أن الكفة رجحت لصالح العراقيين الوطنيين في مقابل مؤيدي إيران.

وشكل مقتل سليماني والمهندس بطائرة أمريكية دون طيار في 3 يناير (كانون الثاني) ضربة قوية للعامري، الذي نظم قبل ذلك بأيام مظاهرة لاقتحام السفارة الأمريكية في بغداد.
ولكن الصدر عجز عن البناء على الضعف الذي لحق بخصومه السياسيين، وانسحب من حركة الاحتجاج، وبدأ أنصاره في مهاجمة الساحات التي اعتصم فيها المحتجون.

الفراغ السياسي
ولم يتضح لماذا اتخذ الصدر هذا الموقف. ويرى بعض المراقبين أنه افترض أن مقتل سليماني والمهندس فرصة ليملأ الفراغ السياسي الناجم عن رحيلهما، وأنه عاجز عن تحقيق هذا الهدف دون مساعدة طهران.

وخلص الكاتب إلى أن الصدر بتخليه عن جزء كبير من دائرته الطبيعية، غير قادر على بناء قاعدة جديدة في طهران أو بغداد. وتصريحه المناهض للمثليين ليس أكثر من تعبير عن اليأس الذي يعيشه.