الأحد 5 أبريل 2020 / 13:24

إيران بعد سليماني لم تغيّر خططها لسوريا

كتبت المراسلة أنشال فوهرا، في تقرير بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن إيران نجحت في تعزيز استراتيجيتها العسكرية الإقليمية رغم اغتيال الولايات المتحدة قائد فيلق القدس السابق الجنرال قاسم سليماني؛ إذ لم يسفر غيابه عن إشكالية لإيران في سوريا.

إيران باتت دولة منبوذة، ويتم تهميشها في المحادثات حول سوريا سواء المحادثات الأمريكية التركية أو التركية الروسية أو الروسية الأمريكية، ولذلك تعمد إلى تعويض هذا التهميش عسكرياً في إدلب وحلب

ويورد التقرير أنه بعد اغتيال سليماني الذي جعل سوريا ساحة إستراتيجية لطهران، تزايدت الشكوك حول نفوذ إيران في تلك البلاد وسيطرتها على جماعات الميليشيات التي تحارب على الأرض. وعلاوة على ذلك أصابت جائحة فيروس كورونا المستجد إيران بضربة قوية، الأمر الذي أثار تكهنات في الولايات المتحدة بأن نظام الملالي في طهران ربما يقترب من الانهيار.
  
ولكن في مواجهة كل ذلك، يبدو أن إيران توجه رسالة إلى الجميع أنها ملتزمة البقاء في المنطقة مهما كانت التكاليف. وبينما كانت الولايات المتحدة تأمل في أن يقود اغتيال سليماني في يناير (كانون الثاني) الماضي إلى إبطاء وتيرة التحركات الإيرانية في سوريا، فإن أنشطة طهران قد تضاعفت.

ويلفت التقرير إلى أن إيران باتت دولة منبوذة، ويتم تهميشها في المحادثات حول سوريا سواء المحادثات الأمريكية التركية أو التركية الروسية أو الروسية الأمريكية، ولذلك تعمد إلى تعويض هذا التهميش عسكرياً في إدلب وحلب.

تعزيز المكاسب الإيرانية
وتضيف المراسلة: "قبل وقت قصير من توقيع روسيا وتركيا اتفاق وقف إطلاق النار في جيب للمتمردين، قام الجنرال إسماعيل قآني، خليفة سليماني، بزيارة لحلب للتأكيد على تصميم إيران تعزيز المكاسب التي ناضلت من أجلها، خاصة أن حلب وهي معقل سني وقوة مالية في البلاد، مرتبطة تاريخياً واقتصادياً بتركيا. وتسعى طهران الآن إلى تعزيز أجندتها الشيعية هناك من أجل تعزيز الأسد من ناحية وإظهار أن بلاد الشام باتت في مدارها".

وعلاوة على ذلك، تتجه أنظار إيران أيضاً إلى معقل سني آخر وهو دير الزور، حيث تتطلع إلى كسب القلوب والعقول السورية، من خلال إقامة مراكز ثقافية في عدة مدن في المحافظة لنشر اللغة الفارسية ونشر الإيديولوجيا الشيعية. كما تنظم هذه المراكز رحلات للشباب من دير الزور إلى إيران، فضلاً عن المحاضرات الثقافية التي يلقيها رجال الدين الشيعة الإيرانيون حول المذاهب الشيعية.

ويحذر تقرير "فورين بوليسي" من أن وقوع إدلب تحت سيطرة إيران من شأنه أن يربط مساحة غير متقطعة من الأراضي من طهران إلى مدينتي حمص واللاذقية، المدينة الساحلية الرئيسية في سويا على البحر المتوسط، لاسيما أن الميليشيات الإيرانية تعزز انتشارها ووجودها في أكثر من نصف الأراضي التي تتم استعادتها حديثاً، وعلى الأرجح أن طهران سوف تستغل ذلك لصالحها في الاشتباكات الوشيكة في إدلب وكذلك في التسوية السياسية النهائية لإنهاء الحرب. وتشير التقديرات إلى مقتل ما بين 20 و 50 مقاتلاً من الميليشيات المدعومة إيرانياً، وتسعة منهم ينتمون إلى ميليشيات حزب الله في لبنان.

تضارب المصالح بين إيران وروسيا

وعلى الرغم من الغارات الإسرائيلية، لا دلالات حتى الآن على أن الحرس الثوري الإيراني وحزب الله يخططان لمغادرة المناطق الجنوبية السورية المتاخمة لإسرائيل. وينقل تقرير المجلة الأمريكية عن دبلوماسي غربي يزور سوريا بانتظام قوله: "وافقت إيران في نهاية المطاف على تسليم المنطقة للجيش العربي السوري ولكن بشرط واحد يتمثل في أن تصبح الميليشيات الإيرانية جزءاً من الجيش السوري الذي يشغل مواقع رئيسية، ويعني ذلك أن الميليشيات الإيرانية لن تغادر ولكن لن يتم الاعتراض على وجودها باعتبارها قوات أجنبية".

ويضيف الدبلوماسي أن مفتاح فشل إيران أو نجاحها في سوريا يتوقف على روسيا؛ فالطرفان يتقاتلان على غنائم الحرب برؤى مختلفة تماماً لمستقبل سوريا. وترغب روسيا في تقديم نفسها كلاعب دولي يدعو إلى الحل السياسي، ولديها تفاهم ضمني مع إسرائيل بأنها لن تتدخل إذا هاجمت الأخيرة مستودعات الأسلحة الإيرانية في البلاد.

ويقول المحلل الروسي دنيس ميروجورود: "موسكو صامتة لأنها راضية عن التوازن العسكري الحالي في المنطقة، وتحديداً امتلاك إسرائيل للأسلحة النووية. ولكن إيران متخلفة عن إسرائيل في التفوق العسكري، وتحاول روسيا تعويضها من خلال تشكيل مشاريع سياسية وجغرافية معادية لإسرائيل، بما في ذلك الهلال الشيعي، فضلاً عن إبقاء فرص استئناف برنامجها النووي مفتوحة".

وتختم المراسلة التقرير قائلة: "في الوقت الراهن، تحاول إيران شراء المزيد من الوقت في سوريا في انتظار بروز شخص آخر يضطلع بالدور الذي لعبه سليماني، والتحرك في جميع أنحاء المنطقة لتنسيق واستخدام القوة الإقليمية المتنامية لإيران. وتتوقع طهران أن ظهور زعيم آخر ليس مسألة وقت، ورغم تأثير العقوبات الاقتصادية وانتشار فيروس كورونا على إيران، تؤكد طهران للسوريين والأمريكيين على حد سواء أن خططها للسيطرة في المنطقة لم تتغير".