الثلاثاء 7 أبريل 2020 / 13:31

من هم الخاسرون والرابحون من أزمة كورونا؟

أكد الزميل البارز في المجلس الأطلسي أندِرْس أسلاند أنه بدون معرفة حجم الكلفة الهائلة لآثار فيروس كورونا على الاقتصاد، يمكن اقتراح طبيعتها وأبعادها المحتملة، ومن المرجح أن تختلف بشكل كبير بحسب السياسات المتبعة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

المنتصرون البارزون سيكونون شركات التكنولوجيا المتطورة التي تساعد في تخطي جميع العوائق المادية والجغرافية

 وكتب في صحيفة "ذا هيل" الأمريكية أن الحكمة الطبية الحالية تشدد على معادلة "الاختبار والاحتواء والعلاج" لهزيمة الوباء. وأصبح التباعد الاجتماعي أبرز الوسائل المهيمنة في هذا الإطار.

خسارة مضاعفة
تم إغلاق معظم قطاع الخدمات فعلياً، بينما لا يزال قطاعا الشحن والتصنيع مستمرين بشكل غالب. كذلك، توقفت 30% من نشاطات القيمة المضافة. إذا تم افتراض أن هذا التوقف قد يستمر ثلاثة أشهر، فسيختفي 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي هذه السنة. وبالنظر إلى عدم القيام باستثمارات جديدة وإلى غياب القدرات الإنتاجية الإضافية، يصعب تصور أن يتقلص الناتج المحلي الإجمالي بأقل من ذلك. وبما أن الناتج في الدول المتقدمة انخفض بـ 3.3% في 2008-2009 خلال الأزمة المالية العالمية، ستكون الخسارة اليوم ضعفي تلك التي سُجلت حينها.

غياب القيادة المركزية

أضاف أسلاند أنه تم فقدان الكثير من الوقت الثمين لمحاربة واحتواء المرض. في الولايات المتحدة، فُقدت السياسة الفيديرالية الأمر الذي ترك لحكام الولايات قيادة سياسة مواجهة الوباء. وفي أوروبا، كانت المفوضية الأوروبية غائبة أيضاً فتركت كل دولة في الاتحاد تتدبر سياستها الخاصة. في نهاية المطاف، أغلقت غالبية تلك الدول حدودها لكن من دون تنسيق. كُسرت منطقة شنغن ومن غير المعروف ما إذا كان هذا الإنجاز الأوروبي المقدر غالياً سيعاد تأسيسه.

اضطراب بأوجه مختلفة
إن إغلاق الشركات الخاصة يختلف كثيراً بين أوروبا وأمريكا. في الولايات المتحدة، يُسرّح العمال من دون أو مع تعويض بسيط. بناء على ذلك، سجلت الولايات المتحدة 6.6 ملايين شخص فقدوا عملهم في الأسبوع الرابع من مارس (آذار). في أوروبا، تبدو الأسواق أكثر جموداً. غالباً ما لا يتم التخلي عن العمال بشكل نهائي. إن العبارة الألمانية كورزابيت – أي العمل لثلاث أو أربعة أيام – أصبحت دولية. الاضطراب أقل حدة على الرغم من إيقاف إعادة الهيكلة.

إحراج
تتسبب الأزمة المالية بأكلاف إضافية يصعب كثيراً تقييمها. ما يجب تطبيقه من دروس الأزمة المالية السابقة هو ضخ كميات ضخمة من الحوافز النقدية والمالية في مرحلة مبكرة. أدى الاحتياطي الفيديرالي دوره كبنك مركزي رائد في العالم عبر فتح خطوط مقايضة كبيرة بالدولار الأمريكي مع 14 بنكاً مركزياً عبر العالم.

حين يظهر وباء، يجب على السلطات مواجهته بكل الموارد المتوفرة. التأمين المركزي للّوازم الضرورية هو بداية ونهاية التحرك. لكن بشكل محرج، لا أوروبا ولا الولايات المتحدة فعلتا ذلك. فقط في نهاية مارس، نجحت المفوضية الأوروبية بتنظيم التأمين المركزي بعدما تركت الدول الأعضاء تتدبر أمرها.

والأسوأ من ذلك أن دولاً عدة منعت تصدير لوازمها الطبية وخصوصاً ألمانيا التي حرمت إيطاليا منها وسط أزمتها. عوضاً عن ذلك، قدمت الصين وروسيا بعض المساعدات الطبية في الوقت المناسب. قبل الاتحاد الأوروبي، تمكن حلف شمال الأطلسي من التحرك.

مطالبات مستقبلية
إن ارتفاع منحنى الإصابات والوفيات مختلف بشكل كبير بين الدول. لغاية اليوم، تبرز الولايات المتحدة وإيطاليا وإسبانيا كالدول الأقل حظاً من حيث غياب قدرتها على احتواء الوباء. أغلقت غالبية الدول الأوروبية الشرقية حدودها وأدخلت قيوداً في وقت مبكر. لدى الأوروبين الشماليين موارد أكبر للاختبار والعلاج مع أنظمة صحية عامة أقوى.

من المرجح أن يُدخل كوفيد-19 تغييرات كبيرة في اقتصادات الغرب ومجتمعه. بشكل مفترض، لن تعود الحدود مفتوحة إلى هذا الحد أمام المسافرين. وسيفرض عدم قدرة الدول في الحصول على إمدادات طبية تصنيعاً محلياً لها. وستعلو المطالبات بأنظمة رعاية صحية عامة أقوى. وستحض البطالة الأعلى منذ ثلاثينات القرن الماضي ربما على المطالبة بشبكة اجتماعية أفضل.

من هم المنتصرون؟
رأى أسلاند أن المنتصرين البارزين سيكونون شركات التكنولوجيا المتطورة التي تساعد في تخطي جميع العوائق المادية والجغرافية. تسلم المتاجر الإلكترونية مثل أمازون وغيرها البضائع بشكل سريع وأرخص من المتاجر العادية التي توقفت عن عملها. تُعلِم غوغل والمواقع الإلكترونية المواطنين بما يجري في العالم فيما توفر مايكروسوفت وغيرها البرمجيات. وذكّر الباحث بأن شركات الإنترنت فشلت خلال أزمة سنة 2000 التي عُرفت بانهيار دوت كوم، لكن خلال كوفيد-19، يمكن أن تكون قد سجلت أعظم انتصار لها.