مبنى هيئة الصحة في أبوظبي (أرشيف)
مبنى هيئة الصحة في أبوظبي (أرشيف)
الأربعاء 8 أبريل 2020 / 20:15

الأجندة الصحية الوطنية

ربما تكون كلمة "أجندة" كلمة غير عربية، لكنها صارت من الكلمات المعربة التي استخدمها العرب ودخلت في قاموسهم اللغوي. مثلُها مثل: الأبلة أي المدرسة، والإرتوازي، والأرشيف.

كتبت هذه الأجندة منذ أعوام مضت. ألا يفسر هذا النجاحَ الذي تحققه المنظومة الصحية في الإمارات في ظل جائحة انهارات أمامها أنظمة صحية عالمية؟ من هنا نرى أهمية أن يكون للدول أجندة وطنية واضحة

كلمة أجندة، تحيل في الانطباع الأول إلى معنى التنظيم، وللعلم فهذا هو معناها في التركية، رغم أنها لم تأتِ إلينا من جهة اللسان التركي. فهي من اللاتينية.

الأجندة كانت عند جيل ما قبل الألفية تلك المفكرة التي تحتوي على أرقام الهواتف،والعناوين، والمواعيد، يخرجونها من جيوبهم ،ويدونون فيها ملاحظاتهم. وعند النخبة منهم كانت تدون فيها الخواطر اليومية، وعند طلاب المدارس، أو بلفظ أدق طالباتها، كانت دفتر جيب تفرغ فيه شحنات الفرح،أو الحزن، أو الغضب، أو الإحباط، أو الألم، وقد تكون نواة كتاب، أو تصير صندوق أسرار وذكريات، أو ربما في أحوال أسوأ اجتماعياً، وقود نار.

ومن هنا فقد نشأت صلةُ قرب مكاني بين الأجندة والقلب، وصلة تواصل دلالي بين الأجندة والقلم والفكر. فهي مكنون النفس والروح والفكر، وهي مخزون الأماني والطموحات والآمال.

كلمة أجندة وفدت إلى العربية من الفرنسية، وهي هناك من بقايا اللاتينية كما تقدم، وتعني ما يجب أن يُعمل، أو لنقل المفكرة، أو جدول الأعمال، أو لنقل القائمة، حين نتحدث عن أجندة الفعاليات مثلاً.

حين انتقلت كلمة أجندة إلى لغة السياسيين صارت تعني الدوافع. وصارت أقرب إلى الاتهام منها إلى تنظيم العمل.

فصرنا نسمع عمن ينفذ أجندة خارجة، أي أنه يعمل لصالح الخارج ،أو بتخطيط من دولة أجنبية، وبذا اكتسبت الكلمة رنيناً تآمرياً مخيفاً، وصار هناك متخصصون في وضع الأجندات السياسية، في ظل الأطماع، والمطامح والمكاسب.

وصرنا نسمع عمن يملك أجندة خفية أي أن له أهدافاً غير معلنة من تنفيذ عمل ما. فتراه في المفاوضات يقف عقبة في طريق الوصول إلى قرار، لوجود أجندة خفية غير معلنة قد تكون مصلحة شخصية، أو حزبية تتعارض مع سير المفاوضات أو سير القرار المراد اتخاذه.

وكم شهدنا من مفاوضات تعثرت لأن أحد الطرفين جاء بأجندة خفية. ومن هنا نعلم أهمية الشفافية في صياغة الأجندة.

الأجندة السياسية في الأصل، هي قائمة بالمواضيع، أو المشاكل التي يهتم بها المسؤولون السياسيون والأفراد خارج الحكومة، وغالبا ما تُشكل هذه القائمة من قبل النخب السياسية التي قد تتأثر بجماعات ناشطة غير حكومية، وجماعات الضغط، والمراكز الفكرية، والأحداث العالمية. فهي بمعنى خطة عمل تشمل الدولة بكل مجالاتها الداخلية والخارجية.

وقد صار للكلمة حضور في الحياة المعاصرة، واستخدامات شتى تبدأ من المستوى الأدبي، وتتنوع في العلاقات الاجتماعية. يستخدمها السياسي، والصحفي، والإداري، والعامي أيضاً.

جاءت في ذهني كلمة الأجندة وألحت علي بعد أن قرأت في رؤية الإمارات 2020 ما يلي: "يتطلب النجاح عقلاً متفتحاً وجسماً سليماً، لذا تتطلع الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021 إلى تطبيق نظام صحي يستند إلى أعلى المعايير العالمية. حيث ستعمل الدولة بالتعاون مع كافة الهيئات الصحية بالدولة على اعتماد كافة المستشفيات الحكومية والخاصة وفق معايير وطنية وعالمية واضحة من ناحية تقديم الخدمات وجودة وكفاية الكادر الطبي".

كما "تتطلع الأجندة الوطنية إلى ترسيخ الجانب الوقائي لتحقيق حياة صحية وعمر مديد... وتطوير جاهزية النظام الصحي للتعامل مع الأوبئة والمخاطر الصحية، لتكون الإمارات من أفضل الدول في جودة الرعاية الصحية".

كتبت هذه الأجندة منذ أعوام مضت. ألا يفسر هذا النجاح الذي تحققه المنظومة الصحية في الإمارات، في ظل جائحة انهارات أمامها أنظمة صحية عالمية؟ من هنا نرى أهمية أن يكون للدول أجندة وطنية واضحة.