الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الجمعة 10 أبريل 2020 / 10:52

غطرسة أردوغان التحدي الأكبر لتركيا في مواجهة كورونا

تواجه تركيا، على غرار دول عدة، تحدياً مزدوجاً يكمن في إبطاء سرعة انتشار فيروس كورونا، مع تجنب انهيار اقتصادها.

أردوغان يعاني أيضاً من نقاط ضعف. فهو بطبعه، أولاً، لا يأخذ بآراء مرؤوسيه إذا كانت تتعارض مع ميوله

ويرى إدوارد ستافورد، مسؤول سابق في سلك الخدمة الخارجية الأمريكية، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يواجه حالياً أكبر تحدٍ في عهده من عدوٍ لن تكون لفطنته السياسية، ولا لقدرته المعتادة على الالتفاف حول المخاطر، فائدة في مواجهته.

وأشار ضمن موقع "أحوال" التركي، أن انتشار عدوى فيروس كورونا لن يتباطأ بواسطة تكتيك أردوغان الكلاسيكي الذي يقوم على مبدأ "فرق تسد"، الذي مارسه بهدف الهيمنة على معارضيه السياسيين داخل تركيا. كما لن يستجيب الفيروس لإعادة توجيه راديكالي للسياسة الخارجية التركية بعيداً عن الغرب سعياً وراء سياسة عثمانية جديدة في المنطقة.
وعوض ذلك، ينبغي علي أردوغان القيام بما ليس من عادته تنفيذه، وهو الإذعان لرأي الخبراء.

عليه التعلم من ترامب
ويرى كاتب المقال أنه يفترض بأردوغان أن يتعلم من سلوكيات نظيره الأمريكي. فقد كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غير مقتنع، في بداية الأمر، بجدية تفشي الوباء. ورغم عدم تحركه في يناير( كانون الثاني) لتقييد دخول أشخاص من الصين، حيث ظهر الفيروس، إلى الولايات المتحدة، فإن الأوان كان قد فات عملياً لمنع تفشي كوفيد-19 في البلاد، لأن الفيروس كان قد انتشر حينها خارج الصين.

وبأسلوبه المعتاد، وضع ترامب نفسه، في بداية الأمر، في طليعة الجهود المبذولة لإبطاء انتشار المرض، مقدماً صورة العارف تماماً بكيفية التعامل مع تفشي الوباء، وقلل من أثره.
لكن، وحسب الكاتب، اضطر الانتشار السريع للفيروس ترامب إلى اللجوء إلى الخبراء.

 وعوض تقديم نفسه كخبير عارف بكل شيء، غالباً ما يقدم اليوم ترامب نفسه كمنسق عام، محتفظاً لنفسه بحق اتخاذ القرارات النهائية بشأن مسار العمل، مع التأكيد للجميع أنه يستمع لآراء طواقم طبية وخبراء في المجال الصحي.

منسق أعلى
وعلى اردوغان، بحسب الكاتب، أن يضع نفسه في موقف المنسق الأعلى، شخص يستمع إلى مجلس حكيم ثم يشرف على تنفيذ مسار عمل. وإذا قرر أردوغان تطبيق هذا النهج، من المؤكد أنه سيحقق مكاسب سياسية.

وخلافاً لما يحصل في الولايات المتحدة، ليس على أردوغان أن يخشى صحافة مستقلة تكشف أخطاءه الأولية، وتركز على عواقبها. كما يستطيع الاعتماد على تعاون أعضاء مجلس النواب الذين ليس مضطراً للتفاوض والتوافق معهم. وإلى ذلك، لا يخشى أردوغان تدخل القضاء لمنع تطبيق قراراته- وهو ما يأخذه ترامب في الحسبان، حتى خلال الأزمة الحالية. وعلى خلاف الرئيس الأمريكي، ليس على أردوغان أن يقلق بشأن تبعات أخطائه على فرصه الانتخابية- لأنه لن يواجه الناخبين في بضعة أشهر، ما لم يقرر ذلك.

نقاط ضعف
لكن الكاتب يرى أن أردوغان يعاني أيضاً من نقاط ضعف. فهو بطبعه، أولاً، لا يأخذ بآراء مرؤوسيه إذا كانت تتعارض مع ميوله. وغالباً ما أظهر أردوغان هذه النزعة في سياسته الخارجية، مع نتائج سيئة يمكن التنبؤ بها في ما يتعلق بسوريا، ومخزونات الهايدروكربون في شرق المتوسط، وسياسة اللاجئين في مواجهة الاتحاد الأوروبي، والعلاقات العامة مع الغرب.
ومن جهة ثانية، يعتقد الكاتب أن ليس لدى أردوغان خبراء غير سياسيين موثوقين يمكن مقارنتهم بالخبراء الموهوبين الذين أدرك ترامب أن عليه الاستماع لهم إذا أراد إنقاذ الأمريكيين وحماية الاقتصاد، والإبقاء على فرص إعادة انتخابه.

وثالثاً، فيما تستبعد تركيبة الحكم السياسي الأمريكي عدداً من السلطات من هيمنة ترامب، ما يمكنه أيضاً من تحميل حكام ولايات مسؤولية سوء تطبيق قراراته، يقود أردوغان تركيا في شكل مطلق، وسيقع عليه اللوم في حال فشل أي من سياساته.

حجة لقمع منشقين
ويتساءل الكاتب عما إذا كان أردوغان قادراً على التخلي عن غروره وحاجته للهيمنة من أجل الاستماع إلى مجلس حكيم مكون من أطباء وخبراء في مجال الصحة العامة. والأهم، هل سيقاوم هواجسه في استخدام هذه الأزمة كحجة لقمع منشقين وحريات مدنية كما فعل عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة في يوليو( تموز) 2016؟. وهل سيدعو جميع الأتراك للتوحد وتجاوز انقسامات سياسية وطائفية وإتنية لمقاومة تهديد ناشئ عن فيروس كورونا، أم هل سيعمل على تقسيم الأتراك خلال هذه الأزمة عبر طروحات سياسية عدوانية وإثارة الخوف من الأجانب؟.

ووفقاً لكاتب المقال، إذا تجاهل أردوغان نصائح الخبراء في الحقل الطبي، أو فاقم انقسامات في تركيا لغايات سياسية، فهو سيخاطر بتقليص مكانة تركيا في العالم، ويعيق جهودها الرامية للقضاء على فيروس كورونا على أرضها.

وعندها قد لا يمثل الفيروس ذاته أكبر تحدٍ لأردوغان، وإنما قدرته على تجاوز أسلوبه المعتاد في التصدي لأي تهديد.