الأربعاء 15 أبريل 2020 / 13:32

استقالة صويلو...صراع على السلطة أم لعبة لحماية أردوغان؟

كتبت لورا بتيل، مراسلة صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن رفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استقالة وزير الداخلية سليمان صويلو بسبب الإغلاق الفاشل لمواجهة تفشي فيروس كورونا، يكشف صراعاً على السلطة، وانقساماً في قلب النظام التركي.

طموحات صويلو وشعبيته في الدوائر اليمينية تضعه على خلاف مع صهر أردوغان، بيرات البيرق وزير المالية الذي يعتبره كثيرون داخل حزب العدالة والتنمية خليفة أردوغان المختار

وقالت إن رفض أردوغان الاستقالة أسفر عن توتر داخل الحكومة التركية، ورسخ قبضة صويلو، وهو أحد أقوى الشخصيات التركية وأكثرها طموحاً، بعدما أعلن بشكل مفاجئ استقالته مساء الأحد الماضي، ما أثار تكهنات بمعارك محتملة على السلطة في الكواليس بين صويلو ومنافسيه السياسيين، وأردوغان.

خلافات عميقة
ويوضح التقرير أن صويلو عمد إلى إجراء سلسلة من المقابلات الإعلامية يومي السبت والأحد الماضيين لينأى بنفسه عن قرار فرض حظر على أجزاء كبيرة من البلاد 48 ساعة في عطلة نهاية الأسبوع، وأصر على أن القرار الذي اتخذته وزارة الداخلية كان بناءً على أوامر أردوغان.

وتسبب إعلان الحظر في اللحظة الأخيرة، مساء الجمعة الماضي في 31 من أصل 81 مقاطعة تركية، في تدفق حشود ضخمة على المتاجر لشراء الإمدادات، ما أثار مخاوف من زيادة جديدة في أعداد المصابين بفيروس كورونا.

واعترف صويلو مساء الأحد الماضي بالفوضى التي أحدثها قرار الإغلاق، واقترح الاستقالة ولكن القوميين الأتراك طالبوه بإعادة النظر فيها، وقبل منتصف الليل بقليل، أعلن أحد مساعدي أردوغان أن الأخير لن يقبل الاستقالة، ورداً على ذلك أعرب أنصار صويلو عن فرحتهم.

وتكشف هذه الأحداث، في رأي المراسلة، خلافات عميقة حول استجابة الحكومة التركية لأزمة فيروس كورونا، بعد تأكيد قرابة 57 ألف إصابة.

ورغم أن أردوغان فرض قيوداً على حرية التنقل، إلا أنها لم تصل إلى حد إغلاق البلاد بسبب القلق على الاقتصاد.

لعبة سياسية
ويعتبر بعض المعلقين السياسيين الأتراك، أن استقالة صويلو كانت جزءاً من لعبة سياسية متقنة لحماية أردوغان من ردود الفعل العامة على تعامل حكومته مع الأزمة الصحية المتزايدة بشكل سريع، خاصةً لأن الاستقالات نادرة في تركيا، إذ يتخذ أردوغان عادة كل القرارات التي تتعلق بالتعيينات السياسية، ولم يسبق لأي مسؤول أن استقال طوعاً، حتى بعد فضائح كبرى.

وفي الوقت نفسه، يرى آخرون أن وزير الداخلية أقدم على مقامرة عالية المخاطر لتعزيز موقعه السياسي، بإجبار أردوغان على الإقرار علناً، إذا كان يفضله داخل إدارته أو خارجها.

وينقل تقرير "فايننشال تايمز" عن المحلل السياسي بوراك بيلجيهان أوزبيك قوله: "بات صويلو أقوى من أي وقت مضى، أظهر قدرته على تحمل المسؤولية عن سوء السلوك، ويمكنه الاستقالة، ولكن الرأي العام والناخبين اليمينيين سيُحملون أردوغان المسؤولية. لذلك أصبح صويلو يتمتع بمزيد من القوة الآن".

ويوضح التقرير أن صويلو، 50 عاماً، انضم إلى حزب العدالة والتنمية في 2012 بعد مرور عقد من الزمن على وصول الحزب الحاكم إلى السلطة لأول مرة، ولمع اسمه ليلة محاولة انقلاب 2016، عندما هرع إلى مقر هيئة البث الحكومية التي استولى عليها الانقلابيون، وبعد وقت قصي عين وزيراً للداخلية.

خليفة أردوغان المختار
وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، جسد صويلو، الموقف المتشدد والقومي الذي تبنته حكومة أردوغان منذ محاولة الانقلاب، وقاد حملة القمع، ووضع العديد من كبار السياسيين المعارضين، ومئات الصحافيين، ونشطاء المجتمع المدني، وغيرهم وراء القضبان.

ورغم أن صويلو يقدم نفسه متشدداً في مكافحة جميع أشكال الإرهاب، إلا أنه يحرص أيضاً على إظهار جانب أكثر رقة من شخصيته، إذ يحتضن الأطفال في جولاته في أنحاء البلاد في ما يعتبره البعض محاولة لبناء دعم شعبي إذا لم يعد أردوغان، 66 عاماً، رئيساً.

وتلفت المراسلة إلى أن طموحات صويلو وشعبيته في الدوائر اليمينية تضعه على خلاف مع صهر أردوغان، بيرات البيرق وزير المالية الذي يعتبره كثيرون في حزب العدالة والتنمية خليفة أردوغان المختار، ولكن استطلاعات الرأي تشير إلى أن صويلو أكثر شعبية منه.

ورغم أن صويلو غرد الاثنين قائلاً، أنه يشعر بالإحراج بعد رفض الرئيس طلب الاستقالة، إلا أن أردوغان الآن يعاني من "معضلة صويلو"، حسب المحلل السياسي سليم كورو، خاصةً أنه داخل حكومات مماثلة، من المفترض أن يكون هناك شخص واحد فقط لا يمكن تعويضه.