موظفات سعوديات (أرشيف)
موظفات سعوديات (أرشيف)
الثلاثاء 28 أبريل 2020 / 10:57

حضور نسائي قوي في سوق العمل السعودية

توقعت الشابة السعوديّة رؤى الموسى أن تنتظر طويلاً قبل أن تجد عملاً بعد نيلها شهادتها الجامعية، لكنها تخرجت في خضم سياسة انفتاح اقتصادي واجتماعي أدت إلى اجتياح نسائي لسوق العمل بالمملكة.

وتعمل رؤى 25 عاماً من بعد الظهر وحتى المساء مرشدة في مؤسسة حكومية في الرياض ضمن فريق عمل يضم عشر فتيات وستة رجال، لتساهم بجزء من راتبها في مصاريف أسرتها المكوّنة من تسعة أفراد.

وتقول الشابة لوكالة فرانس برس: "أردت أن أتفوّق في دراستي لأحصل على وظيفة أكاديمية لأن هذا كان أفضل المتاح لنا. لكن اختلافاً كبيراً حصل في السنوات الأربع الماضية. توفّر للنساء العمل في وظائف لم تكن متاحة أبداً".

وتضيف "كل صديقاتي الآن تقريباً يعملن، وحين لا تتوظف إحداهن يبدو الأمر غريباً".

ولعقود مضت، أجبر المجتمع المحافظ المرأة على البقاء بعيدة عن سوق العمل الرئيسية، فانحصرت وظائف غالبية النساء بالقطاعين الصحي والتربوي، في ظل نظام ولاية الرجل الذي منح الذكور حق الموافقة على عمل المرأة.

رؤية جديدة
في منتصف 2016، طرح نجل العاهل السعودي الأمير محمد بن سلمان رؤية اقتصادية لتنويع الاقتصاد ووقف ارتهانه التاريخي للنفط تقوم بشكل رئيسي على دعم قطاعي السياحة والترفيه، وإشراك ملايين النساء في سوق العمل، مع تقليص قيود نظام الولاية.

وبدأت النساء بعد أشهر قليلة التقدم للحصول على وظائف في مجالات لم تكن متاحة أمامهن،  فتسلّمن مناصب عليا في مؤسسات مالية وحكومية، ودخلن مضمار الرياضة، وتنظيم الحفلات الموسيقية وغيرها.

وحصلت الشابة السعودية فاطمة الدخيل غبى فرصة عمل مناسبة بعد أشهر من البحث، لكنها استلمت عملها قبل أسابيع فقط من اتخاذ المملكة تدابير صارمة لمواجهة فيروس كورونا الجديد، ما يشكل لها بعض الإحباط حالياً.

وأغلقت الدولة مدناً وفرضت حظر تجول في إطار تدابير الوقاية من وباء كورونا. وسجلت أكثر من 17 ألف إصابة بالفيروس بينها 139 وفاة.

ودفع الإغلاق فاطمة إلى العمل مسؤولة مشتريات في فرع شركة فرنسية في مدينة الخبر في شرق السعودية، ومئات الألوف من الموظفين للعمل من منازلهم.

وتقول الشابة التي تخرجت في قسم إدارة الأعمال في جامعة أوكلاهوما الأمريكية في مايو (أيار) الماضي، لوكالة فرانس برس عبر الإنترنت: "في بداية الأزمة شعرت بإحباط، وخشيت أن أخسر وظيفتي خاصةً أني كنت مرتاحة لبيئة العمل"، لكني "أبذل مجهوداً في البيت ليماثل المجهود في المكتب".

وتقول الدخيل بحماس: "كل صديقاتي التحقن بسوق العمل تقريباً"، معربة عن تفاؤلها بأن "كورونا أزمة وستمر".

أعمال مختلفة
على مدى أكثر من ثلاث سنوات، توغلت النساء السعوديات في مفاصل الحركة الاقتصادية، فعملن ضابطات في منافذ حدودية بينها المطارات، وموظفات في قوات الحماية المدنية، ونادلات في عربات طعام، وبائعات في متاجر أحذية.

ويتحدث موظفون رجال عن كيفية تغيّر أماكن عملهم في فترة قصيرة مع إضافة مثلاً دورات مياه للنساء فيها.

والتحقت سارة الدوسري منذ ستة أشهر بالعمل بمحل للملابس تديره ثلاث نساء في مركز بانوراما التجاري في وسط الرياض.

وتقول الدوسري 23 عاماً، إنّ "نظرة الناس للفتاة العاملة كانت سيئة. أي فتاة تعمل كان ينظر إليها بطريقة سلبية".

وبلغ عدد النساء اللواتي يعملن في السعودية 1.03 مليون امرأة من بين 3.1 ملايين سعودي، أي أنهن يشكلن 34.7% من اليد العاملة، حسب الاحصاءات الرسمية للربع الثالث في 2019، مقارنةً مع 816 ألفاً في 2015.

وتشير إحصاءات الربع الثالث في 2019 إلى أنّ النساء يشكّلن 83.6% من الباحثين السعوديين عن عمل. 

ويمثل الشباب بين 20 و40 عاماً نحو 40% من سكان السعودية البالغ عددهم 20.7 مليون، ونصفهم من النساء.

في مركز بانوراما، تتولى الموظفة رودينا مأمون منذ ثلاث سنوات مهمة "تأنيث" طاقم العمل في خمسة متاجر لشركة أكسسوارات نسائية.

وتقول مأمون التي وظفت 19 شابة بدل 20 شاباً "الزبائن، خاصةً النساء، يشعرن براحة أكبر مع البائعات، وقد ارتفعت المبيعات والأرباح".

لكن وباء كورونا غير كل الخطط وحبس الموظفين وبينهم الموظفات الشغوفات، في بيوتهن. بالنسبة الى مأمون، "الدنيا في حالة موت. لقد توقف كل شيء بسبب كورونا".

تغيرات كبيرة
ومنذ تولي محمد بن سلمان منصب ولي العهد في 2017، تشهد السعودية تغييرات اجتماعية كبيرة إلى جانب الإصلاحات الاقتصادية، بينها السماح للنساء بقيادة السيارات، وإعادة فتح دور السينما، وإقامة الحفلات الموسيقية. 

ويساهم عمل المرأة السعودية في تحسين الوضع المعيشي للسعوديين.

وتقول المديرة التنفيذية لمجموعة "سامبا" المالية رانيا نشار، وهي أول سعودية تتولى مثل هذا المنصب الرفيع، إن "تمكين المرأة السعودية يعني تمكين الأسرة السعودية".

وتتابع أن السعوديات "لديهن طموح وشغف للعب دور في صياغة مستقبل بلادهن"، مشيرة إلى إضافتهن "روح مبادرة وابتكار يثري بيئة العمل".

ويقول عضو الجمعية السعودية الاقتصادية عبد الله المغلوث لوكالة فرانس برس: "هناك تسونامي قادم للمرأة السعودية"، مضيفاً "الآن هو عصر المرأة".