الأحد 3 مايو 2020 / 12:29

هذه هي المرأة التي نجحت في تحدي أردوغان

24- زياد الأشقر

رصت المعارضة التركية صفوفها العام الماضي لتوجه ضربة لحزب العدالة والتنمية الحاكم في عدد من المدن الرئيسية خلال الانتخابات المحلية، عندما حاز رئيس بلدية اسطنبول الجديد أكرم إمام أوغلو على الحصة الأكبر من الانتباه والمصداقية.

تعتمد أسلوباً في السياسة يقوم على رفض الجناح القومي في حزبها، وتؤيد بشراسة مؤسس الجمهورية، مصطفى كمال أتاتورك، لكنها تشارك الكثيرين العداء للأقليات وللمسلمين المتزمتين.

 وفي حينه، يقول الصحافي نيك أشداون في مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، إن قلة من وسائل الإعلام العالمية تنبهت إلى المرأة التي تقف وراء إمام أوغلو، مشيراً إلى أنها راكبة الدراجات، والشيوعية المدافعة عن حقوق النساء، كنان كفتانجيوأوغلو، التي تتولى رئاسة منطقة اسطنبول في حزب الشعب الجمهوري.

نجاح الحزب
وفي تركيا، ليست هذه المرأة مغمورة. ففي الداخل، يُنسب إليها على نحو واسع الفضل كعامل رئيسي في نجاح حزبها في مقارعة الرئيس رجب طيب أردوغان. وهي أيقونة لدى الجماهير وعاملة لا تكل وراء الكواليس.

 في الثامنة والأربعين ترمز إلى تغيير على صعيد الأجيال في الحزب الذي كان يهيمن عليه تقليدياً رجال كبار في السن. وتعتمد أسلوباً في السياسة يقوم على رفض الجناح القومي في حزبها، وتؤيد بشراسة مؤسس الجمهورية، مصطفى كمال أتاتورك، لكنها تشارك الكثيرين العداء للأقليات وللمسلمين المتزمتين.

ويلفت الكاتب إلى أن جرأة كفتانجيوأوغلو في التفكير، التي انعكست في استراتيجية انتخابية جديدة، ساعدت على نهوض حزب الشعب الجمهوري. كما أن ذلك جعلها هدفاً لغضب أردوغان.

تكافؤ الفرص
وترعرعت كفتانجيوأوغلو في السبعينيات والثمانينات في محافظة أودو التركية على البحر الأسود، وهي ابنة مدرس من أصول متواضعة. ورداً على أسئلة وجهتها إليها مجلة " فورين بوليسي"، قالت:"إنا واحدة من مئات الألاف المواطنين الأتراك الذين ولدوا في قرية، ونِشأت في الفقر، لكنني على ما أنا عليه الآن، بفضل تكافؤ الفرص الذي وفرته الجمهورية".

والتحقت كفتانجيوأوغلو بمدرسة الطب في اسطنبول، وتخصصت في طب الأدلة الجنائية. لكنها انخرطت أيضاً في السياسة إبان سنوات دراستها، مدافعة عن حقوق النساء المحجبات اللواتي كن يحظر عليهن الدخول إلى بعض الجامعات، وكتبت مقالات عن حالات تعذيب لاقت رواجاً في تركيا وقتذاك. ثم كرست نفسها كناشطة انضمت إلى مؤسسة حقوق الانسان في تركيا ومن ثم شاركت في تأسيس منتدى الذاكرة الجماعية لضحايا عمليات القتل السياسي في تركيا. ووالد زوجها أوميت كفتانجيوأوغلو هو كاتب ومعلق في صحيفة "جمهوريت" العلمانية، واغتيل في عام 1980 على يد قوميين متطرفين.

والتحقت كفتانجيوأوغلو بحزب الشعب الجمهوري في اسطنبول كمسؤولة عن قسم الصحافة والثقافة والاتصالات عام 2011، ومن ثم باتت نائبة رئيس الحزب في المدينة عام 2012 قبل أن تُنتخب لمنصبها الحالي كمسؤولة الحزب في اسطنبول عام 2018.

"الحب الراديكالي"
وتحا إشرافها، اعتمد أكرم أمام أوغلو ورؤساء بلديات آخرون نهجاً جديداً وصف باستراتيجية "الحب الراديكالي"، الذي يخالف أسلوب أردوغان الشرس القائم على الاستقطاب والعدائية. وتضمن ذلك مد اليد إلى الجماعات المهمشة، واستخدام خطاب إيجابي، محاولين معالجة الشرخ الثقافي الذي كان أردوغان يعمل على تعميقه.

واتخذ إمام أوغلو شعاراً إيجابياً له هو "كل شيء سيكون على ما يرام" وتلا صلاة في مسجد-وهذه مبادرة نادرة من مسؤول في حزب الشعب الجمهوري- كإشارة إلى مد اليد نحو المسلمين الملتزمين دينياً. وتواصل الحزب مع مؤيدي الحكومة الذين أحبطهم الوضع الاقتصادي، ومع الأقليات التي كان يخيفها الجناح القومي في الحزب، ومع المحافظين المتدينين الذين كانوا يعتبرون أن حزب الشعب الجمهوري مصاب برهاب الإسلام.

وقال إن كفتانجيوأوغلو على رغم تمتعها بالشعبية، لا تزال شخصية مثيرة للجدل. فقد أبدت أراء أثارت انقساماً داخل الحزب وتالياً داخل البلاد، إذ اعترفت بالابادة الأرمنية، ووصفت الدولة بأنها "قاتل متسلسل"، وأطلقت تغريدة قالت فيها: "أرفض أن يقال عنا إننا جنود مصطفى كمال، وإنما نحن رفاقه".

طموحات
وخلص الكاتب إلى أن طموحات حزب الشعب الجمهوري تزداد على الصعيد الوطني. والحزب لم يفز بانتخابات منذ عام 1977. لكن أمام أوغلو يتساوى الآن في استطلاعات الرأي مع أردوغان. ولا يزال من المبكر للحزب كي يعلن مرشحاً رئاسياً، لكن أبرز مرشحين محتملين له هما إمام أوغلو ومنصور يافاش، رئيس بلدية أنقرة. وفي هذا الوقت تواصل كفتانجيوأوغلو دورها من وراء الكواليس.