الأحد 10 مايو 2020 / 11:14

لماذا قد يكون مايك بنس أفضل نائب رئيس أمريكي؟

في جولة سريعة على تاريخ نواب الرؤساء الأمريكيين، برهن مدير أبحاث السياسة الخارجية والأمنية في مؤسسة "هيريتدج" جايمس كارافانو كيف عزز نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس أهمية منصب نيابة الرئاسة الأمريكية، مذكراً في مجلة "ناشونال إنترست" بأنه منذ ولادة الجمهورية، كان هذا المنصب ثانوياً، بحيث لم يكن لشاغله دور إلا في حال استقال أو توفي الرئيس فيخلفه.

مع وجود الملايين من الأرواح وكامل الاقتصاد الأمريكي على المحك، لم يسبق لأي رئيس أن وضع نجاح رئاسته بين يدي نائبه

في البداية، خصص نائب الرئيس الكثير من الوقت للمؤامرات السياسية. على سبيل المثال، أمضى توماس جيفرسون فترة ولايته بأكملها كنائب للرئيس وهو يقوض جهد رئيسه جون آدامز، لأنه كان على من أراد تولي نيابة الرئاسة الحصول على ثاني أكبر عدد من الأصوات في السباق الرئاسي. لهذا السبب، تم التخلي عن نظام الانتخاب السابق سنة 1804 والاعتماد على النظام المعمول به حالياً من خلال التعديل الدستوري.

عجلة احتياطية
خلال معظم فترات القرنين التاسع عشر والعشرين، اختير نائب الرئيس لتكبير احتمال انتخاب المرشح الرئاسي في محاولة لإيجاد التوازن الجغرافي والآيديولوجي بين الشخصيتين. لكن بعد الانتخابات، شكل نائب الرئيس العجلة الاحتياطية في عمل السلطة التنفيذية أو ما يفوق ذلك بقليل. كان هذا مصير هاري ترومان بعدما تولى الرئاسة عقب وفاة فرانلكين روزفيلت. واعترف الأول بأن رئيسه لم يشاركه بأي شيء تقريباً حول رؤيته لإنهاء الحرب العالمية الثانية وتأسيس النظام العالمي التالي. واستمر تهميش نائب الرئيس في الأزمنة الحديثة.

ولاية ثالثة
اليوم، تكمن نية اختيار نائب للرئيس في تعزيز الصورة التي تريد الحملة الرئاسية رسمها. يجسد تعهد نائب الرئيس السابق جو بايدن اختيار امرأة لهذا المنصب أحد الأمثلة على ذلك. من جهتهما، سمح رونالد ريغان وبيل كلينتون لهذا المنصب بأن يصبح مكاناً لتهيئة بديليهما. بحسب كارافانو، يُنظر في العقل الانتخابي إلى نائب الرئيس السابق المرشح إلى الرئاسة على أنه استفتاء من أجل إعطاء الرئيس السابق ولاية ثالثة. خلال الحملة الانتخابية، وحتى بعد الفوز بالرئاسة، من شبه المستحيل أن يستطيع الرئيس الجديد الهروب من إمضاء وقت هائل في الدفاع عن إرث سلفه. فاز جورج بوش الابن الذي كان نائباً لرونالد ريغان لكنه فشل في الفوز بولاية ثانية.

المهمة الكبرى
بحسب كارافانو، استخدم جورج بوش الابن وباراك أوباما نائبيهما كامتداد لسلطتهما التنفيذية. أصبح ذلك العرفَ الجديد. بشكل متزايد، يصوت المندوبون في المؤتمر الحزبي الوطني لنائب الرئيس متوقعين أن يساعد الرئيس في الحكم لا أن يحضر فقط الجنازات الرسمية. في هذا المجال، وصلت الولايات المتحدة إلى وضع بعيد جداً مما كان عليه الأمر أيام آدامز وجفرسون. لعب ديك تشيني وجو بايدن دور حامي ومستشار الرئيس.

تابع بنس هذا التقليد. حُمل نواب الرؤساء السابقون مسؤوليات بعض المهام. ترأس تشيني على سبيل المثال، وبشكل مثير للجدل، فريق الرئيس للطاقة. وتولى بايدن مسؤولية مشاريع البنى التحتية التي هدفت إلى إنقاذ البلاد من الانكماش الاقتصادي. لكن لم يوكل أي نائب للرئيس بالمهمة المؤثرة التي أوكلت لبنس: رئاسة مهمة الاستجابة لفيروس كورونا.

فخ؟
مع وجود الملايين من الأرواح وكامل الاقتصاد الأمريكي على المحك، لم يسبق لأي رئيس أن وضع نجاح رئاسته بين يدي نائبه. يرفض كارافانو التكهنات التي أشارت إلى أن ترامب فعل ذلك كي يجد من يلومه في حال الفشل، ولسببين: الأول أن ترامب يحب أمريكا، وتبعاً لذلك، هو لا يتحمل الخسارة في هذه المهمة. لقد اختار بنس لأنه ببساطة آمن بأنه سيكون على قدر المهمة. ويتمحور السبب الثاني حول أن ترامب وبنس عملا مع بعض بطريقة جيدة منذ اليوم الأول. هذا ليس فريق متنافسين بل هو فريق. يثق ترامب ببنس وبرهن الأخير أنه أهل للثقة.

سقف أعلى
تابع الكاتب أن لدى الولايات المتحدة واحدة من أدنى نسب الوفيات في العالم كما أن المستشفيات الأمريكية لم تعان من الاكتظاظ، فيما يتم تكديس الإمدادات وأجهزة التنفس بدلاً من أن تكون مقطوعة. تتمتع البلاد بأفضل وأوسع اختبارات في العالم بينما أسواق الأسهم صامدة. كذلك، أصبح المنحنى أقل تصاعدية وهنالك خطة لإعادة فتح الولايات المتحدة.

لقد تصرف بنس بالطريقة التي يتوقعها الأمريكيون. من يترشح ضد ترامب فسيكون عليه اختيار نائب له بالمستوى نفسه. لم يعد اختيار نائب رئيس لضمان التنوع الجغرافي أو الآيديولوجي كافياً. في الواقع، إن الحصول على نائب رئيس فعال قد يكون دافعاً إضافياً لفرص ترامب لم يكن يتمتع به في المرة الأولى.

يتوقع كارافانو ألا يستطيع بنس التخلص من مشكلة "الولاية الثالثة" لترامب إذا أراد الترشح إلى الرئاسة سنة 2024 لأنها مشكلة ستظل مرتبطة بالسياسات المعاصرة. لكن إذا تم وضع مستقبله السياسي جانباً، يكون بنس استطاع أن يضع سقفاً جديداً للكفاءة والحركة في هذا المنصب.