الثلاثاء 12 مايو 2020 / 12:50

أي نموذح للعراق ينزع فتيل حرب بين واشنطن وطهران؟

24-زياد الأشقر

فيما يتسارع تفشي فيروس كورونا الجديد في أنحاء العالم، لا يزال اريكيون منقسمين حول إعادة فتح الاقتصاد، ولكن المشرعين موحدين أمام مشكلة أخرى، إذ إن ثمة غالبية ساحقة من الحزبين في مجلس النواب توافق على تمديد حظر بيع إيران السلاح التقليدي الذي ينتهي في أكتوبر(تشرين الأول) المقبل.

يمكن الولايات المتحدة وإيران الاتفاق على معاملة العراق على أنه "فضاء لضبط النفس" أو منطقة محايدة، على غرار ما فعلت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في حالتي فنلندا والنمسا إبان الحرب الباردة

وكتب الباحث ألبرت ب. وولف في مجلة "فورين بوليسي" أنه لا خلاف على أن إيران تدعم الإرهاب، وأنه يجب إعاقة وصولها إلى السلاح التقليدي، ولكن حملة "الضغط القصى" التي يمارسها الرئيس دونالد ترامب تنطوي على خطر أكبر، ويمكن أن تورط بلاده في حربٍ أخرى في الشرق الأوسط.

وحذر الكاتب من ممارسة الضغط، ودعم تغيير النظام، والعمل على منعه من الوصول إلى الموارد، دون إرسال اشارات مقنعة عن الامتثال لطلبات الولايات المتحدة، فإن ثمة احتمالاً أكبر لأن تعمد طهران إلى مهاجمة القوات الأمريكية، على غرار الانتقام بعد اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني، أو عبر تصعيد متعمد كما حصل في أبريل (نيسان) الماضي، عندما اقتربت زوارق إيرانية سريعة من سفن أمريكية في الخليج، وما تلاه من أمر ترامب للبحرية الأمريكية "بإطلاق النار وتدمير" الزوارق الإيرانية التي تتحرش بالسفن الأمريكية.

تجنب المواجهة
ولفت إلى أنه يمكن للولايات المتحدة وإيران تجنب مثل هذه المواجهات، التي يمكن أن تنزلق بسهولة إلى حرب، وذلك بجعل العراق على غرار فنلندا، دولة محايدة، مثلما كانت فنلندا أثناء الحرب الباردة أي "فضاءً لضبط النفس"، وليس ساحة للتنافس على النفوذ، وأن لا يتحول إلى دولة تحاول الهيمنة على الآخرين كما كان الحال إبان حكم صدام حسين.

وأوضح الكاتب أن إدارة ترامب قد تخشى أن تعمد إيران إلى إرسال أسلحة جديدة إلى وكلائها في العراق، وسوريا، ولبنان، وكذلك إعادة تسليح نفسها، مع استئناف برنامجها للتسلح النووي.

وإذا تمكنت من التزود بأسلحة تقليدية على نحوٍ جيد، لن يكون ممكناً وقف إيران النووية وردعها عن توسيع هيمنتها على الشرق الأوسط، رغم أن الاقتصاد الإيراني تعرض للإنهاك بسبب العقوبات وانخفاض أسعار النفط.

وحتى إذ رُفع الحظر على بيع الأسلحة التقليدية إلى إيران، فإنها لن تكون قادرة على شراء أطنانٍ من الأسلحة، وكما تبين من التجربة الفضائية التي أجرتها أخيراً، فإنها عاجزة عن تركيب رأس نووي على صاروخ باليستي أيضاً.

النموذج الفنلندي
والطريقة الأفضل في رأي الكاتب لخفض التصعيد مع إيران، تكمن في تحويل العراق إلى النموذج الفنلندي. فبعد بدء الحرب العالمية الثانية، طالب الاتحاد السوفياتي فنلندا بالتنازل عن أجزاء واسعة من أراضيها لحماية لينينغراد.

لكن الفنلنديين رفضوا وفضلوا القتال على الاستسلام. فغزا السوفيات فنلندا في ما بات يعرف بـ"حرب الشتاء". واستمر النزاع أقل من ثلاثة أشهر تكبد فيها السوفيات خسائر فادحة، ما جعلهم يتواضعون في مطالبهم ويجلسون إلى طاولة المفاوضات في 1940.

ووصف النموذج الفنلندي بـ "حياد مبدئي وإيجابي" وأطلق في 1948. واتفق الفنلنديون والسوفيات على أن لا تنضم فنلندا إلى أي تحالف معادٍ لموسكو في مقابل احترام السوفيات لاستقلال فنلندا وديمقراطيتها. وبذلك تفادت فنلندا التحول إلى دولة دمية بينما تجنب السوفيات ظهوردولة معادية على حدودهم.

تجربة النمسا
واشار الكاتب إلى تجربة مماثلة في النمسا عندما توصلت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وفرنسا إلى اتفاق مماثل لسحب قواتها من ذلك البلد، وابرام معاهدة الدولة النمسوية في 1955. وعقب انسحاب القوات الحليفة من النمسا في أكتوبر(تشرين الأول) 1955، صادق البرلمان النمساوي على إجراء يعلن حياد البلاد.

وقال إنه يمكن الولايات المتحدة وإيران الاتفاق على معاملة العراق باعتباره "فضاء لضبط النفس" أو منطقة محايدة، على غرار ما فعلت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، مع فنلندا والنمسا إبان الحرب الباردة.

ونجحت ترتيبات مماثلة في دول أخرى مثل سويسرا، والسويد. واقترح خبراء تنفيذ اتفاقات مماثلة في مناطق أخرى مثل تايوان، وأوروبا الشرقية، والقوقاز.