الخميس 14 مايو 2020 / 12:09

عاصفة سياسية عنيفة تختبر قريباً صمود طهران

اعتبر الكاتب ديفيد غاردنر، أن إيران لم تتراجع، خلافاً لبعض خصومها، وأنها تستعد على الأرجح لعاصفة سياسية عنيفة. فرغم العقوبات الأمريكية القاسية التي ضربت اقتصادها بشدة، إلا أن طهران كانت قادرة حتى نهاية العام الماضي، على استعراض عضلاتها شبه العسكرية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

سياسة "تقليم الأشرعة" التي تقوم بها طهران سوف تواجه اختباراً خلال عاصفة من الاضطرابات، لاسيما أن 60% من سكان العالم العربي تحت سن الثلاثين، ورغم صمودهم في حالة الطوارئ الصحية إلا أنهم يشعرون بسرقة مستقبلهم منذ وقت طويل

ويُشير غاردنر، في مقال بصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، إلى أن طهران استخدمت حملة الضغط القصوى التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضدها لتعزيز محورها الشيعي في البلدان العربية المجاورة، ومن خلال فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، دفعت بميليشيات إلى حدود إسرائيل من لبنان وسوريا، والسعودية من اليمن، والعراق.

عاصفة سياسية عنيفة

ومنذ الغزو الأمريكي للعراق في 2003 الذي أطاح الرئيس العراقي صدام حسين وعزز نفوذ الشيعة، أسفرت دوامة النزاعات الطائفية عن تغيير التركيبة السكانية الإقليمية لصالح القوات الشيعية المدعومة من إيران. ولكن رغم بعض الإشارات التي يرى فيها عدد من خصوم إيران تراجعاً، تستعد طهران على الأرجح لمقاومة عاصفة سياسية عنيفة.

وفي 2019، أصابت العقوبات الأمريكية وحظر النفط الإيراني الاقتصاد الإيراني بالشلل، ولكن نظام الملالي الديني كان يثق في قدرته على النجاة والتغلب على ذلك، وسيطر المتشددون على السلطة وأبعدوا البراغماتيين.

ولكن الوضع اختلف هذا العام، حسب غاردنر، سئمت الولايات المتحدة لعبة القط والفأر مع إيران وميليشياتها الشيعية عبر المنطقة، فاغتالت الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في يناير (كانون الثاني) الماضي، ثم ظهرت جائحة كورونا وباتت إيران بؤرة إقليمية للوباء، فضلاً عن انهيار سوق النفط، الأمر الذي أسفر عن تفاقم بعض مشاكل إيران الحادة بشكل كبير.

احتجاجات العراق ولبنان
وفي الخريف الماضي واجهت طهران احتجاجات مدنية في العراق ولبنان، أين انتفض الشيعة في العراق ضد الدولة التي هيمنت عليها طائفياً وقبلياً القوات شبه العسكرية المدعومة من طهران.

وفي لبنان، يسيطر حزب الله، القوة السياسية العسكرية التي أنشأتها إيران في 1982، على الدولة بالتحالف مع الحركات المسيحية والشيعية الأخرى، ولكن الشعب اللبناني من جميع الأديان انتفض ثائراً في أكتوبر(تشرين الأول) الماضي ضد الطبقة السياسية التي نهبت الدولة اللبنانية، ووصلت بها إلى الإفلاس في نهاية المطاف.

ويورد الكاتب إن طهران كانت قادرة في العام الماضي على التعامل مع هذه الاحتجاجات نوعاً ما، فعندما سقطت الحكومتان في بيروت وبغداد، تدخل الجنرال سليماني لتشكيل حكومتين جديدتين. لكن بعد اغتيال سليماني، وفي ظل أزمة جائحة كورونا، تكافح طهران لتعويضه، ناهيك عن استعادة انتصاراته.

وحسب المقال، كان سليماني يتغلب بسهولة على خصوم إيران في ساحة المعركة بالميليشيات المسلحة بالصواريخ، ولكن خصوم إيران يملكون احتياطيات من العملات الأجنبية لمواجهة الركود الاقتصادي العميق، في حين أن إيران وحلفاءها في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن لم يعد لديهم دعم الآن.

حروب بالوكالة
ويعتبر الكاتب أن التقارير الإسرائيلية التي تشير إلى أن إيران تستعد للانسحاب من سوريا مشكوك فيها، خاصةً أن طهران دفعت في العام الماضي بقوات برية لاستعادة جزء من محافظة إدلب في الشمال الغربي، آخر معقل للمعارضة المسلحة ضد الرئيس السوري بشار الأسد. وتقول مصادر عربية إن إيران تقلل من وجودها.

ويضيف الكاتب أن "الأمر الأكثر إثارة للفضول هو العراق، أين تولى مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء الجديد منصبه بعد فترة طويلة من الجمود والفراغ، والواضح أن طهران قد تجاوزت معارضة الميليشيات الشيعية لتولي الكاظمي هذا المنصب باعتباره البراغماتي الذي تفضله الولايات المتحدة".

ويخلص الكاتب إلى أن سياسة "تقليم الأشرعة" التي تعتمدها طهران ستواجه اختباراً خلال عاصفة من الاضطرابات، لاسيما أن 60% من سكان العالم العربي تحت الثلاثين، ورغم صمودهم في حالة الطوارئ الصحية إلا أنهم يشعرون بسرقة مستقبلهم منذ وقت طويل.

وبالفعل أسقطت الاحتجاجات الحكومات في العراق ولبنان، جزء من المحور الشيعي الإيراني، هؤلاء الشباب الذين قادوا الاحتجاجات لا تشغلهم حروب إيران بالوكالة، فهم يسعون إلى فرص الرزق والحياة الكريمة.