الثلاثاء 26 مايو 2020 / 12:04

نجح العالم في القضاء على سارس... فلماذا فشل مع كورونا؟

قارن وزير الخارجية ورئيس الوزراء السويدي الأسبق كارل بيلدت بين وباءي سارس وكورونا مشيراً إلى عدد من المتغيرات التي طرأت بين 2002و2003، تاريخ انتشار الفيروس الأول، و2019 و 2020 تاريخ تفشي كورونا.

عالم اليوم أكثر ترابطاً مما كان عليه بين سنتي 2002-2003. ووهان، وهي مدينة داخلية ب 11 مليون نسمة، دعيت أحياناً بأنها شيكاغو الصين بسبب اندماجها الكبير بسلسلة الإمدادات العالمية

وكتب في مجلة "بروجكت سنديكيت" أن سارس، وهو أيضاً من سلالة الفيروسات التاجية، انتشر فجأة من جنوب الصين وامتد إلى جنوب شرق آسيا لكن أمكن احتواؤه في نهاية المطاف.

لاحقاً أدرك العالم أن سارس بدأ الانتشار في جنوب الصين قبل فترة من اكتشافه، وأن المسؤولين الصينيين كانوا مترددين حتى في الاعتراف بوجوده، وبإصدار إنذار ناهيك عن اتخاذ إجراءات مناسبة لاحتوائه، ولم يُدق جرس الإنذار إلا بعد أن وصل إلى هونغ كونغ التي تشكل مركزاً مالياً عالمياً.

نجاح
ورغم ذلك، تابع بيلدت، تحرك العالم بطريقة منسقة. انخفضت الحركة الجوية بشكل حاد ومُنع الدخول إلى العديد من المناطق. في ذلك الوقت، انتقد مسؤولو منظمة الصحة العالمية الصين لاستجابتها البطيئة، وأُقيل وزير الصحة الصيني.

وفي أوائل يوليو (تموز) 2003، أعلنت المنظمة انتهاء الأزمة، ورفعت توصياتها بتقييد الإجراءات فعاد العالم إلى حركته الاعتيادية.

يرى بيلدت أن سبب الفشل الكبير للعالم في 2020 بعد النجاح في 2003، غير مؤكد بما أنه لا تزال هنالك العديد من الأمور التي يجهلها المراقبون عن كورونا، وعن الأشهر الأولى من تفشيه. ومع ذلك، عدّد أربعة عوامل يمكن أن تساعد في تفسير الفارق بين الأمس واليوم.

العامل الأول
استغرقت السلطات الصينية وقتاً لتدرك ما كان يحصل وتطلق جرس الإنذار ثمّ تتخذ تحركاً حازماً. نشأ الفيروس أولاً في منتصف نوفمبر(تشرين الثاني) 2019 واكتُشف في ووهان بحلول منتصف ديسمبر (كانون الأول).و أخيراً، أنذرت الصين منظمة الصحة العالمية باحتمال تفشيه في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2019.

خلال هذه الأسابيع، سعت السلطات المحلية في ووهان إلى التغطية على التفشي عبر طرق عدة بينها إخفاء معلومات عن الحكومة المركزية في بكين. قد لا يعرف العالم أبداً مقدار الوقت الذي أهدره مسؤولو ووهان بسبب التعتيم.

لكن يدرك العالم أنه بعد أول إحاطة صينية لمنظمة الصحة العالمية بالموضوع، استغرق الأمر ثلاثة أسابيع أخرى للسلطات الصينية لتغلق محافظة هوبي. وفي ذلك الوقت، غادر العديد من السكان لقضاء عطلة السنة الصينية الجديدة، ما أدى إلى انتشار الوباء في أنحاء أخرى من البلاد، بينما سمحت ووهان باستمرار الاحتفالات في شوارعها.

سرعة
العامل الثاني المختلف في الأزمة الحالية هو قدرة كورونا، على التفشي بسرعة أكبر بالمقارنة مع سارس كما يبدو. وفاقم ذلك تداعيات تلكؤ الصين في الاستجابة للفيروس. خلال الأسابيع الأساسية التي تراوحت بين خمسة إلى سبعة، وفي الأسابيع التي تلت إطلاق منظمة الصحة تحذيرها، وحين لم يتحرك العالم بما فيه الكفاية، استطاع كورونا الجديد أن ينتشر بشكل أوسع وأسرع بكثير من سارس وكانت النتيجة أكثر فتكاً بكثير.

شيكاغو الصين
العامل الثالث حسب بيلدت، هو أن عالم اليوم أكثر ترابطاً مما كان عليه في 2002 و2003. إن ووهان، وهي مدينة تضم 11 مليون نسمة، دعيت أحياناً بأنها شيكاغو الصين بسبب اندماجها الكبير في سلسلة الإمدادات العالمية.

وفي العقود القليلة الماضية، تحولت المدينة إلى مركز بارز. قبل الإغلاق بسبب الجائحة، كانت هنالك حوالي 6 رحلات أسبوعية من ووهان إلى باريس، و5 إلى روما، و3رحلات إلى لندن، كما كانت هنالك رحلات متكررة إلى سان فرنسيسكو، ونيويورك. ما حصل في ووهان لم يبقَ في ووهان.

بعد حيوسياسي
أضاف بيلدت أن العامل الرابع لا يمكن تجاهله بسبب بعده الجيوسياسي. كان العالم ينزلق أساساً إلى حالة مستمرة من المواجهة والفوضى قبل فترة طويلة من نشوء أزمة كورونا، وبالعودة إلى 2003، كان التعاون السريع للمجتمع الدولي ليقدم رداً سريعاً أمراً طبيعياً.

ولكن في 2020، لم يكن هذا السيناريو مطروحاً حتى على الطاولة. ومع انتشار الفيروس عالمياً، بقيت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إنكار. وإلى اليوم، لم تقدم إشارة بسيطة على توفير قيادة عالمية، ما أدى إلى التأثير على أدوات التعاون الدولي.

في 11 مارس (أذار) حين أعلنت منظمة الصحة العالمية تحول وباء كورونا، إلى جائحة ربما كان الإعلان متأخراً جداً. لكن رد فعل الولايات المتحدة ودول بارزة أخرى جعل الأمور أسوأ بكثير.

لتحسين الحوكمة العالمية
أغرق الفيروس الجديد العالم في أزمة ضخمة لم يشهدها في الأزمنة المعاصرة، ويجب أخذ هذا الأمر بالاعتبار عند التطرق إلى الحوكمة العالمية.

وجدد بيلدت ختاماً تأكيده على أن استنتاجه ليس نهائياً، وأن لا أحداً يعلم كيفية انتهاء هذه الأزمة. لكن فهم كيفية بدليتها ربما تساعد العالم لتفادي، أو أقله التخفيف، من آثار الأزمة المقبلة.