الخميس 28 مايو 2020 / 12:27

مغامرات أردوغان في ليبيا لن تنهي عزلته الدولية

أصدرت فرنسا، واليونان، وقبرص، ومصر، والإمارات بياناً مشتركاً في 11 مايو( أيار) عن "انتهاكات تركيا للقانون الدولي"، من ضمنها إرسال شحنات أسلحة إلى تركيا في تحدٍ لحظر السلاح الذي فرضته الأمم المتحدة، فضلاً عن التنقيب في المياه الإقليمية القبرصية.

الصراع العسكري في ليبيا يتعلق بمستقبل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والدور المحتمل الذي قد يلعبه الإخوان المسلمون في المنطقة

ويبدو أن حرارة خطاب أنقرة وتنوع أهدافها يدلان على مدى عزلتها بسبب مغامرات رئيسها رجب طيب أردوغان في ليبيا، وشرق المتوسط.
  
تعويض
ووفق ما عرضوه ضمن موقع "ناشونال إنترنست" قال إيكان إرديمير، العضو السابق في البرلمان التركي، والمدير البارز لدى برنامج تركيا في مركز الدفاع عن الديمقراطيات، وزميله فارشا كودوفايور، محلل حول شؤون الخليج، وفيليب كووالسكي الباحث في الشؤون التركية، إن بصمة أنقرة العسكرية المتنامية في ليبيا ما هي إلا محاولة من أردوغان للتعويض عن فشله في إنشاء حكومات تتزعمها جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، وفي مناطق أخرى في الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا.

وقدم أردوغان، منذ ديسمبر (كانون الأول) 2019، دعماً عسكرياً لحكومة الوفاق في العاصمة الليبية طرابلس. وتمثل ليبيا أهمية عند أردوغان لأنها توفر له فرصة الضغط على مصر، والسعودية، والإمارات، وساحة القتال فرصة لأردوغان لنشر عقيدته العثمانية الجديدة، إذ تحتل ليبيا موقعاً مهماً في قلوب محبي الإمبراطورية السابقة الذين يعتبرون غزو إيطاليا لأراضيها في 1912 هزيمةً مؤلمةً، وأن الصراع الحالي، فرصة للانتقام بعد تلك المظلمة.

وحسب كتاب المقال، فإن الدور الكبير لليبيا في استراتيجية أردوغان في المنطقة هو ما يجعل حكومة الوفاق ورئيس وزرائها، فائز السراج، أكثر أهمية من أي وقت مضى عند الرئيس التركي.

وتحارب حكومة الوفاق الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر الذي أوشك على الوصول إلى طرابلس في أبريل (نيسان) 2019 ما دفع حكومة الوفاق إلى طلب المساعدة العسكرية من تركيا، الأمر الذي أثمر عن تدفق معدات عسكرية تركية، ومستشارين إلى ليبيا. ووافق البرلمان التركي على نشر قوات تركية لمدة عام في ليبيا.

تدخل سافر
وحسب كتاب المقال، رست، منذ يناير (كانون الثاني) 2020، في ميناءي طرابلس ومصراته أربع سفن شحن كبيرة على الأقل، محملة بمعدات عسكرية من تركيا لحكومة الوفاق. ويُقال إن ما لا يقل عن 100 ضابط تركي موجودون في ليبيا، إضافة إلى 82 طائرة تركية دون طيار من طراز بيرقدار وتمولها قطر، والتي تصدرها تركيا إلى ليبيا في انتهاك صارخ للحظر الدولي.

ونقلت تركيا أكثر من أربعة آلاف مقاتل سوري إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق، بعدما سحبتهم من عدد من الجماعات المسلحة العميلة لتركيا في سوريا. ويقال إن أعمار بعضهم لا تتجاوز 14 عاماً.

ويدعم أردوغان حكومة الوفاق لدواع عقائدية وجيو سياسية، واقتصادية أيضاً، ذلك أن استغلال موارد الهيدروكربون في ليبيا وشرق المتوسط يمثل نقطة مركزية في نظرة أنقرة للمنطقة، بعد
أن شكلت كل من مصر، وقبرص، واليونان، وإسرائيل، وإيطاليا، والأردن، والسلطة الفلسطينية، في القاهرة في يناير(كانون الثاني) 2019، منتدىً الغاز في شرق المتوسط. وطلبت فرنسا الانضمام إلى المنتدى، في حين تقدمت الولايات المتحدة بطلب لتصبح مراقباً دائماً فيه.

ولأن طموحات أنقرة وعملياتها جعلتها معزولة بشكل أوسع، أدرك أردوغان أن حكومة الوفاق تمثل حليفاً رئيسياً لإفشال تلك الشراكة المتنامية التي تهدف إلى احتواء أطماعه البحرية المتطرفة.

طريق طويل
ويرى كتاب المقال أنه ورغم المكاسب العسكرية التي حققها الجانب التركي في ليبيا، فإنه لا يزال أمام أنقره طريق طويل إذا أرادت هزيمة بقوات حفتر، لأن الخطوط الأمامية لا تزال بعيدة عن معقله في شرق ليبيا.

ويعتقد الكتاب أن الصراع العسكري بين الفرقاء في ليبيا يتعلق بمستقبل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبالدور المحتمل الذي قد يلعبه الإخوان المسلمون في المنطقة.

وبالنظر إلى أن العداء المرير لا يتعلق فقط بالإيديولوجيا، بل يتعلق ببقاء السلطة السياسية للحكومات والزعماء المعنيين، لا يبدو أن هناك تسوية عاجله للحرب الأهلية الليبية، أو وقفاً مستداماً للصراع المسلح حتى خلال وباء فيروس كورونا.

ومن هذا المنطلق، يرى الكتاب أن على جيران ليبيا الأوروبيين على الجانب الآخر من المتوسط، الذين اختاروا في معظم الوقت موقف المتفرج على الحرب الأهلية الليبية، أن يستعدوا لموجة أخرى من اللاجئين مع ما تحمله من تداعيات إنسانية ناجمة عن النزاع الطويل الأمد في هذا البلد.