الخميس 28 مايو 2020 / 15:13

منظمة الصحة والصين...تواطؤ أم سذاجة؟

قال سالفاتوري بابونيس، الباحث المساعد لدى مركز الدراسات المستقلة في سيدني، والأستاذ المشارك في جامعة سيدني، في موقع "فورين بوليسيإن منظمة الصحة العالمية، اضطلعت منذ تأسيسها في 1948 وحتى العقد الأول من القرن الحالي، بدور رائد في القضاء على مرض الجدري، وفي مكافحة شلل الأطفال، والسل، ومساعدة دول فقيرة افتقرت لبنية تحتية صحية أساسية.

يطالب اليوم أكثر من 110 بلدان بإجراء تحقيق حول تعامل منظمة الصحة العالمية مع أزمة فيروس كورونا

ولكن، منذ تعيين مارغريت شان مديرة عامة للمنظمة في 2006، وخلفها منذ 2007، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، تنتقل المنظمة من فضيحة إلى أخرى. وانتُقدت على نطاق واسع لسوء تعاملها مع إنفلونزا الخنازير في 2009، وإيبولا في 2014، كما تورطت في فضائح بسبب نفقات، قبل وباء فيروس كورونا.

علاقة وثيقة
ويلفت كاتب المقال إلى أن انتخاب تيدروس، الذي كان وزيراً للصحة ثم وزيراً للخارجية في أثيوبيا، جاء بدعم صيني في الكواليس، ما يعكس العلاقة الوثيقة بين الصين وأديس أبابا، التي أصبحت جسر الصين نحو أفريقيا.

واتهمت منظمة الصحة العالمية بالعمل شريكاً للصين في التكتم على معلومات عن فيروس كورونا، مع تكرار امتداح تيدروس "الشفافية الصينية" رغم إخفاء بكين لأكثر من شهر معلومات عن جذور الفيروس، وعدواه، وانتشاره ومعدل الوفيات بسببه.

ورغم مواجهة العاملين المهنيين في المنظمة لانتقادات بسبب الخضوع لإملاءات بكين حول استجابة المنظمة للفيروس، وخاصةً استبعاد المنظمة لتايوان، انصب معظم الغضب الذي طال المنظمة على تيدروس نفسه.
  
في 11 يناير (كانون الثاني) الماضي، أشاد تيدروس بمدير لجنة الصحة الوطنية الصينية واصفاً إياه بـ"الأخ"، لدوره في "تبادل معلومات حول التسلسل الجيني لفيروس كورونا في الوقت المناسب".
  
وجاء ذلك الثناء رغم تأخر بكين في نشر هذه المعلومات الحيوية عشرة أيام بعد استكمال أطباء صينيين أبحاثهم. وعندما أعلنت الصين إصابات جديدة بالفيروس بين 5 و 17 يناير (كانون الثاني) الماضي، صادقت منظمة الصحة العالمية على تلك المعلومات.

تواطؤ أم سذاجة؟
ويتساءل كاتب المقال إذا كانت المنظمة متواطئة مع الخداع الصيني أم أنها ساذجة إلى هذ الحد، الأمر الذي لا يمكن التأكد منه قبل فتح تحقيق "مستقل وحيادي" من مجلس ممثلي الدول الأعضاء في المنظمة.

لكن وبالنظر لنفوذ الصين على المجلس، واعتماد التحقيق على أدلة تسقدمها بكين، قد لا يلقي التحقيق الكثير من الضوء على هذه المسألة.

وحسب الكاتب، تشير معظم الأدلة الظرفية المحيطة باستجابة المنظمة لفيروس كورونا إلى  تواطؤ تيدروس نفسه، ذلك أنه في تلك المرحلة كانت مستشفيات ووهان تعزل المصابين، والأطباء الصينيون يتحوطون ضد العدوى المحتملة.

وفور ورود أول التقارير في 31 ديسمبر (كانون الأول) عن شيئ ما خاطئ في ووهان، بدأت هونغ كونغ، وتايوان، في إجراء مسح حراري في صالات الوصول في المطارات، وطلبت من المستشفيات التقصي عن أمراض تنفسية حادة، وحذت سنغافورة حذوهما في 3 يناير(كانون الثاني) الماضي.

ورغم ذلك، كررت منظمة الصحة العالمية، في 5 يناير (كانون الثاني) الماضي، طمأنة العالم وأكدت أن تلك الإجراءات كانت رد فعل مبالغ فيه. وفي بيان اعتمد عليه عدد كبير من دول العالم في استجاباتها الأولية ضد الفيروس، أكدت المنظمة الدولية أنه "لم تبلغ عن أي دليل على انتقال العدوى من شخص إلى آخر، وأن لا إصابات بين العاملين في مجال الرعاية الصحية".

تحذيرات
ووفقاً للكاتب، لو قرأ تيدروس تقارير نشرتها مواقع إخبارية مثل "بي بي سي"، لعرف، منذ 3 يناير(يناير) الماضي، أن السلطات الصينية عاقبت ثمانية أطباء بتهمة "نشرهم معلومات زائفة على الأنترنت دون تحقق"، بما فيها تحذيرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي الصينية تشير لتشابه المرض الرئوي في ووهان مع تفشي سارس في 2002 و 2003.

وإضافة إلى تعريف المرض الجديد، كان يفترض في منظمة الصحة العالمية أن تدق أجراس الإنذار، وأنه تتنبه من خطورته بعد معاقبة أطباء لنشرهم معلومات عنه. وعوض ذلك لم تشر المنظمة لا إلى التقرير، ولا إلى العقوبات.

ويلفت الكاتب إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأنصاره كانوا بين كثيرين انتقدوا المنظمة. وكتب في رسالة إلى تيدروس في 18 مايو( أيار) الجاري "أصرت منظمة الصحة العالمية بشكل غريب على امتداح الصين". وهدد ترامب في رسالته بقطع التمويل الأمريكي للمنظمة والانسحاب منها.

ويطالب اليوم أكثر من 110 بلدان بتحقيق في تعامل منظمة الصحة العالمية مع أزمة فيروس كورونا.

ويشير الكاتب إلى أن القرار الرسمي لجمعية الصحة العالمية التي تجري التحقيق لا يأتي على ذكر للصين التي وافقت على المشاركة في إجرائه.

كما يوحي القرار بأن التحقيق قد يستفيد من" آليات قائمة بوصفها آليات مناسبة"، ما يعني أن المنظمة قد تجري التحقيق لإعادة تقييم أدائها، ولن يندهش أحداً إذا خلا التقرير من تحميل المنظمة أو الصين أي مسؤولية عن تفشي وباء كورونا.