الخميس 28 مايو 2020 / 18:33

حِرفيات "إرثي" يتبعن طرقاً إبداعية لتعزيز المهارات والإنتاجية من المنزل

في ركن هادئ من منزلها في مدينة دبا الحصن التي تقع على بعد 130 كيلومترًا من وسط إمارة الشارقة، تجلس مريم محمد أحمد الظاهري البالغة من العمر 31 عاماً منكبّةً على عملها، تنسج بكرات من خيوط القطن ذات الألوان الزاهية، التي تتداخل فيها خيوط الخوصة المعدنية اللامعة بلون الذهب والفضة.

وبخفةٍ تسحب البكرات الملونة، وتحركها ذهابًا وإيابًا بحركة إيقاعية، لتبدع بها تصاميم متقنة مثلثة ومتعرجة الشكل بألوان زاهية لتتحول إلى قطع مدهشة من التلي، وهي حرفة إماراتية تقليدية من الجدائل المنسوجة يدوياً ذات تصميم متشابك معقّد. 

وعلى الرغم من الأزمة الصحية التي يواجهها العالم اليوم مع تفشي فيروس كورونا، فإن ذلك لم يمنع مريم وزميلاتها الحرفيات في مركز بدوة للتنمية الاجتماعية التابع لمجلس إرثي للحرف المعاصرة، من مواصلة العمل بحماسة حتى بعد الإغلاق المؤقت للمركز الواقع في مدينة دبا الحصن بالشارقة، حسب بيان تلقى 24 نسخة منه.

طريقة إبداعية جديدة
مريم هي واحدة من بين 66 سيدة حرفية يعملن يومياً على إنتاج الحرف التقليدية والعالمية في مركز بدوة للتنمية الاجتماعية، قبل اتخاذ إجراءات التباعد الاجتماعي مع انتشار فيروس كورونا، انضمت اليوم هي وزميلاتها إلى 11 حرفية كنّ يواصلن عملهن مع مركز "بدوة" في الأصل من المنزل.

وتعيش شيخة علي النقبي، التي تخرجت مؤخرًا من برنامج التبادل الحرفي الذي أطلقه إرثي لتدريب المشاركات على فنون التطريز الباكستاني، تجربةً مماثلةً حيث تعمل في ركنها الهادئ يوميًا من الساعة 8 صباحًا إلى 1 ظهرًا.

وأطلق مجلس إرثي للحرف المعاصرة، التابع لمؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، برنامج بدوة للتنمية الاجتماعية في عام 2016 بهدف إحياء الحرف التقليدية ووضعها في قالب حديث من خلال توفير التدريب المهني لتمكين المرأة اقتصاديًا ومهنيًا واجتماعيًا ويساعد النساء العاملات في مجال الحرف اليدوية على إيجاد أسواق جديدة لمهاراتهنّ.

وتقول مساعد مدير – التقييم والتصميم في مجلس إرثي فرح نصري، أن حرفة "التلي" حرفةً تقليدية إماراتية أصيلة تحتفي بالثقافة الإماراتية، وكانت تمارسها السيدات الإماراتيات في منازلهنّ منذ قرون، وقد عادت الحرفيات لممارستها اليوم من منازلهنّ حتى وإن كانت بصورة مؤقتة. 

وتقول مديرة مركز بدوة، شريفة الظهوري: "بعد الاتفاق مع المصممين على التصاميم المراد إنتاجها، يتم توثيق التفاصيل بالبريد الإلكتروني، ثم تقوم مشرفات المركز بإعداد الكميات المطلوبة من المواد بقياسات محددة واختيار ألوان الخيوط التي يتم بعد ذلك وضعها بشكل فردي في أكياس معقمة تحمل ملصق باسم الحرفية التي ستعمل عليه."

وأضافت: "نرسل للحرفيات مقاطع فيديو وإرشادات إضافية من خلال مجموعة عبر تطبيق (واتساب)، لضمان تنسيق وإدارة الإنتاج بصورة فعالة، وبمجرد الانتهاء من المنتج يتولى فريق الإنتاج في مركز بدوة استلام المنتج النهائي وتوصيله إلى المركز".

وأشارت إلى أنه مع إلغاء أو تأجيل العديد من المعارض والفعاليات العالمية التي كان سيشارك فيها إرثي، يعمل المجلس الآن على التعريف بالثقافة الإماراتية أمام المصممين الدوليين من خلال إطلاق مشاريع (عن بعد)، الأمر الذي "سيتيح الفرصة أمام المجلس للمضي قدمًا في رسالته الرامية إلى الحفاظ على الحرف الإماراتية التقليدية ودعمها والارتقاء بها، وتطويرها بما يتماشى مع مفاهيم التصميم العالمي الحديث".