الأحد 31 مايو 2020 / 13:23

هل تنجو "منارة الحوكمة" من مخططات أردوغان؟

ذكر النائب التركي السابق الدكتور أيكان إردمير أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان طالب في 12 مايو(أيار) اللجنة المركزية التنفيذية في حزب العدالة والتنمية بتسريع خطط استحواذ الحكومة على 28% من إيسبنك وهو أكبر بنك خاص في تركيا.

ليس واضحاً ما إذا كان الرئيس التركي يجس النبض في إعلانه الرابع أو أنه يحاول ببساطة تشتيت انتباه الجمهور التركي عن سوء الإدارة الاقتصادية لصهره وزير المالية بيرات البيرق

وكتب في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" أن أردوغان يعاني للحصول على الموارد وسط ركود اقتصادي عززه فيروس كوفيد-19 وأدى إلى استنفاد صافي احتياطات البلاد من العملة الأجنبية. لكن من المرجح أن يؤدي هذا الجهد إلى تآكل ثقة المستثمرين بتركيا ومفاقمة جراح تركيا الاقتصادية.

جس نبض أم تشتيت انتباه؟
أضاف إردمير أن هذه لم تكن المرة الأولى التي وضع فيها الرئيس التركي نصب عينيه استحواذ حصص البنك الرائد. في أكتوبر(تشرين الأول) 2018، طرح أردوغان فكرة تحويل أسهم إيسبنك إلى الخزانة، وهو تهديد كرره في فبراير (شباط) 2019 و 2020. أدت جميع محاولات أردوغان السابقة إلى انخفاض ملحوظ في قيمة أسهم البنك إضافة إلى احتجاجات عامة، مما منعه من المضي قدماً بأفكاره. ليس واضحاً ما إذا كان الرئيس التركي يجس النبض في إعلانه الرابع أو أنه يحاول ببساطة تشتيت انتباه الجمهور التركي عن سوء الإدارة الاقتصادية لصهره وزير المالية بيرات البيرق.

وصية أتاتورك
دوافع الرئيس التركي لاستهداف "إيسبنك" هي آيديولوجية واقتصادية بشكل متساوٍ. يعين حزب الشعب الجمهوري العلماني المعارض أربعة أعضاء في مجلس إدارة البنك. استمرت هذه السياسة منذ أن تنازل مؤسس الجمهورية التركية وحزب الشعب الجمهوري وإيسبنك مصطفى كمال أتاتورك عن أسهمه لصالح الحزب قبل وفاته سنة 1938. يعمل حزب الشعب الجمهوري كوصي على تحويل الأرباح إلى الجمعية اللغوية التركية والجمعية التاريخية التركية، وهما مؤسستان تقعان في صلب نظرة أتاتورك العلمانية إلى البلاد.

هدف الإسلامويين
بحسب التقارير، يختلف مساعدو أردوغان حول ما إذا كان بإمكان الخزانة التركية الاستحواذ قانونياً على حصص البنك عبر تخطي وصية أتاتورك. تاريخياً، برزت محاولتان قصيرتا الأجل للاستحواذ على البنك، الأولى قادتها حكومة مناوئة لحزب الشعب الجمهوري سنة 1953، بينما قاد الثانية مجلس عسكري انقلابي في 1981. فشلت المحاولتان بعدما نقضت المحاكم التركية محاولات المصادرة الحزبية تلك. لكن تحدي إيسبنك وحزب الشعب الجمهوري يبقى هدفاً لإسلامويي تركيا بمن فيهم أردوغان.

دفاع غير حكيم وغير فعال
تمثل محاولات الرئيس التركي صراعاً على روح تركيا بما أن الإسلامويين يسعون إلى تقويض إرث مؤسس تركيا وإصلاحاته ومؤسساته العلمانية. إن إيسبنك، بنسبة أسهمه ال 32% المطروحة للتداول العام، وبنسبة أسهمه ال 40% المملوكة من صندوقه للمعاشات التقاعدية، يواصل كونه منارة للحكومة الجيدة.

وهذا يناقض البنوك التركية العامة التي أحرقت 32 مليار دولار من العملات الأجنبية خلال الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2020. ولاحظت مجلة إيكونوميست البريطانية أن هذه البنوك خاضت دفاعاً "غير حكيم وغير فعال" عن الليرة التركية بالنيابة عن البنك المركزي.

لم يشترك في مخطط مساعدة إيران

تابع إردمير أن القطاع المصرفي التركي يخضع لتدقيق بارز. يواجه بنك خلق، ثاني أكبر مصرف تركي عام، اتهامات جنائية في محكمة مانهاتن لمساعدته إيران على نقل عشرات مليارات الدولارات بطريقة غير شرعية عبر واحدة من أكبر مخططات التهرب من العقوبات في التاريخ. وبرز إيسبنك كمؤسسة مالية تفادى زعيم الشبكة التي دبرت ونفذت هذا المخطط رضا ضراب إجراء تعاملاته معها. يأمل أردوغان التلاعب بدورة الأخبار التركية لبضعة أسابيع إضافية من خلال تشتيت الأنظار عن التقارير المحرجة التي تتناول اقتصاد تركيا المتعثر.

كيف رد حزب الشعب الجمهوري؟

من غير المرجح أن تنجح خطة أردوغان. قررت قيادة حزب الشعب الجمهوري عدم الرد على تهديده الأمر الذي قتل الجدال في مهده. وحض إردمير واشنطن على ضرورة دفع أردوغان إلى تركيز طاقاته على الإصلاحات الاقتصادية اللازمة عوضاً عن الخداع المالي الذي يورط بنوكاً هي أصلاً تحت ضغط عظيم.