الإثنين 1 يونيو 2020 / 17:52

كريستو ملك تغليف النصب القماش والمنشآت الفنية العابرة

شكل كريستو الذي توفي عن 84 عاماً، مع زوجته جان-كلود، ثنائياً بارزاً يصمم منشآت ضخمة تتطلب سنوات من التصميم والتحضير وملايين الدولارات.. لكنها عابرة لا تستمر إلا أيام قليلة.

وابتكر كريستو نوعا فنيا جديدا عرف ب "تغليف المساحات بالقماش" ومن أبرز أعماله في هذا المجال لف جسر بون نوف في باريس بالقماش (1985) ومبنى رايشتاغ في برلين (1995).

وقد توفي كريستو الممشوق القامة وصاحب الشعر الأبيض الطويل "لأسباب طبيعية في 31 مايو (أيار) 2020 في منزله في نيويورك" على ما جاء في رسالة بثها معاونوه على صفحته عبر شبكة "فيسبوك".

وقد تعطي بعض الأرقام فكرة عن نطاق أعماله، فقد احتاج إلى 26 مليون دولار لنصب مظلات ضخمة في كاليفورنيا واليابان وإلى 26 عاماً ليحصل على إذن بوضع آلاف البوابات في نيويورك واحتاج إلى 650 ألف متر مربع، من القماش للإحاطة بجزر صغيرة في فلوريدا فيما أتى خمسة ملايين شخص لرؤية مقر البرلمان الألماني المغلف بالقماش.

وبدأت المغامرة العام 1958 عندما ألتقى البلغاري كريستو فلاديميروف يافاشيف الفنانة الفرنسية جان-كلود دونا دو غييبون، الذي تشاركه تاريخ الولادة نفسه، وقد تزوجا بعد ذلك.

وفي المشاريع الفنية المستقبلية بينهما كان كريستو يتولى أكثر الجانب الفني فيما تعنى هي أكثر بالتنظيم. ولطالما أكدت هذه المرأة القصيرة القامة صاحبة الشخصية القوية "هذه ليست أعمال كريستو إنها أعمال كريستو وجان-كلود"، وقد حصل الزوجان على الجنسية الأميركية وانجبا ابناً، وتوفيت جان-كلود في العام 2009.

ومن أجل تمويل مشاريعهما والمحافظة على استقلاليتهما كان الزوجان يبيعان بأسعار عالية الأعمال التحضيرية لهذه المنشآت الفنية.

وكانت منشأتهما عابرة تستمر لأيام قليلة. وكان يحلو للفنان القول "لا يمكن لأحد شراء هذه الأعمال أو تسويقها ولا يمكن لأحد بيع بطاقات لرؤيتها . عملنا يتحدث عن الحرية".

ومنذ وفاة جان-كلود، تميز كريستو العام 2016 بجسر عائم محاط بالقماش على بحيرة إيطالية ومصطبة أقامها في لندن مؤلفة من 7506 صفائح بسعة 200 ليتر مكدسة على شكل مربع منحرف.

وكان يعد لمشروع تغليف قوس النصر في باريس في سبتمبر (أيلول) المقبل إلا أن المشروع أرجئ لسنة بسبب وباء كوفيد-19.

وأكد معاونوه عبر "فيسبوك" أن هذا المشروع "لا يزال على السكة" للفترة الممتدة من 18 سبتمبر إلى الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) 2021.

وقد ارجئ أيضا معرض مكرس للثنائي في مركز بومبيدو في العاصمة الفرنسية أيضا بعدما كان مقررا في منتصف مارس (آذار).

ولد كريستو في 13 يونيو (حزيران) 1935 في غابروفو في بلغاريا وفر من هذا البلد العام 1956 في قطار شحن هربا من النظام الشيوعي والواقعية السوفياتية التي كانت تعلم في معهد الفنون الجميلة في صوفيا.

وفي باريس، راح الرجل الشاب يختلط بالواقعيين الجدد مثل إيف كلاين ونيكي دو سان-فال وتعلم الرسم التجريدي.

وقد ثار غضب الفنان من بناء جدار برلين فكدس العام 1962 براميل نفط في شارع سان جيرمان دي بري في العاصمة الفرنسية في أول عمل لافت له، في العام 1968 غلف الثنائي الفني نصبا للمرة الأولى فاختارا قاعة كونتساله الفنية في برن السويسرية.

وقال الفنان الذي كان يتحفظ على التعمق في معنى أعمالهما "كل عمل هو رحلة"، واحتاج عملهما في الرايشتاغ إلى تصويت من النواب الألمان. وقد أيده 292 نائبا وعارضه 223.

وبالنسبة لمنشأة المصطبة في حديقة هايد بارك في لندن أشار كريستو "ما من رسالة أوجهها من خلال هذا العمل فكل تفسير مشروع إن كان سلبيا أو إيجابيا".

وأوضح كريستو العام 2010 "على مدى خمسين عاماُ، رفض 37 من أعمالنا وتمت الموافقة على 22 فقط" وهو كان يرفض استقلال الطائرة نفسها مع زوجته خوفا من أن يؤدي تحطمها إلى توقف تحضيرات مشروع ما.

ولم يكن عملهما سهلا على الدوام، ففي العام 1972 أقاما ستارة ارتفاعها 120 متراً وعرضها 400 متر في كولورادو وسط واد، إلا أن الرياح مزقتها. لكنهما نجحا في المحاولة الثانية، وفي العام 1991 وقعت مظلة عملاقة على مواطنة أميركية فيما توفي عامل ياباني خلال عملية نزع هذه المظلات.

وقد تعرض كريستو لسخرية بعض النقاد. فمن باريس إلى نيويورك انتقد البعض "هذا الفنان الذي يلجأ إلى خدمات متسلقي جبال" (احتاج إلى 90 منهم لتغليف مبنى رايشتاغ)، لكن الجمهور لم يكن يتردد في المجيء بأعداد كبيرة لرؤية أعماله اللافتة.

وقال معاونوه في رسالتهم "عاش كريستو حياته بزخم ليس فقط من خلال تصور المستحيل بل من خلال تحقيقه أيضاً، جمعت أعمال كريستو وجان كلود الناس في تجارب تم تشاركها عبر العالم وسيتواصل عملهما في قلوبنا وذكرياتنا".