الثلاثاء 2 يونيو 2020 / 14:53

التغير المناخي والبيئة تسجل نجاحاً مميزاً للتجارب الأولية لزراعة الأرز في الإمارات

سجلت وزارة التغير المناخي والبيئة بالتعاون مع إدارة التنمية الريفية التابعة لوزارة الزراعة والأغذية والشؤون الريفية في جمهورية كوريا الجنوبية، وجامعة الإمارات، نجاحاً مميزاً للتجارب الأولية لزراعة أصناف من الأرز في البيئة الصحراوية لدولة الإمارات وتحت الظروف الحقلية الواقعية، وذلك ضمن الأهداف الاستراتيجية للوزارة لتعزيز التنوع الغذائي وضمان استدامته واستدامة النظم البيئية، وبما يحقق استدامة سلاسل إمداد الغذاء وتشجيع الأبحاث الابتكارية.

وتعد تجارب زراعة الأزر الإماراتية الكورية في بيئة صحراوية الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط.

أهداف استراتيجية
وأكد وزير التغير المناخي والبيئة الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وفقاً لبيان صحافي حصل 24 على نسخة منه، أن تحقيق استدامة الغذاء وضمان استمرارية سلاسل الإمداد وتعزيز المنظومة البحثية والابتكارية في الدولة تمثل مجموعة من أهم الأهداف الاستراتيجية للوزارة لذا يجري العمل بشكل دائم على تنفيذ برامج ومشاريع تضمن تحقيق هذه الأهداف بما يواكب مستهدفات الدولة وتوجيهات ورؤية قيادتها الرشيدة، مشيراً إلى أن مشروع تجربة زراعة الأزر في بيئة الدولة يأتي ضمن سعي الوزارة لتحقيق هذه الأهداف الاستراتيجية، وتعزيزاً للتعاون الدولي والاستفادة من التجارب الناجحة والمنظومات البحثية العالمية.

وقال خلال مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء وتلفزيون "بلومبيرغ" الإخباري، إن "المشروع التجريبي الذي يعد الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط سيحقق مجموعة من الأهداف الهامة يأتي في مقدمتها تعزيز منظومة البحث العلمي والابتكار والتجارب التطبيقية في الدولة، حيث سيوفر قاعدة معلوماتية يمكن الاستفادة منها في إطلاق العديد من المشاريع البحثية والتطبيقية المتعلقة بالزراعة والغذاء مستقبلاً، كما سيستفيد منها الطلبة والباحثين والمختصين في هذه المجالات في الدولة".

تنوع سلة المحاصيل المحلية
وأشار خلال المقابلة إلى أن المشروع سيسهم في تعزيز تنوع سلة المحاصيل التي يتم إنتاجها محلياً مستقبلا"، موضحاً أن اختيار الأرز لتجريب زراعته في ظروف غير اعتيادية على هذا النوع من المحاصيل عالمياً، في وقت تتواجد فيه العديد من محاصيل الخضار والفاكهة التي يتم زراعتها فعلياً في الدولة وتحقق انتاج كبير وذو كفاءة عالية، يأتي ضمن سعي الوزارة لإيجاد منظومة محلية لزراعة واحد من المحاصيل الاستراتيجية الهامة، لافتاً إلى أن الأزمة التي يمر بها المجتمع الدولي بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد وما سببته من توقف أو تذبذب في سلاسل توريد العديد من السلع والمنتجات سواء غذائية أو صحية خلق ضرورة للعمل على تأمين مصدر محلي بديل لتعزيز استدامة سلاسل التوريد.

وتمثل التجارب التي تم إجراؤها في مركز الابتكار الزراعي التابع للوزارة في منطقة الذيد في إمارة الشارقة بالتعاون بين الوزارة وإدارة التنمية الريفية الكورية الجنوبية، امتداداً لاتفاقات التعاون التي تم توقيعها في 2018 مع زيارة رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن، لدولة الإمارات ولقائه بولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وجزء من مذكرة التفاهم التي تم توقيعها في فبراير (شباط) 2019 بين وزارة التغير المناخي والبيئة ووزارة الزراعة والأغذية والشؤون الريفية الكورية وتنفيذاً لتوجهات الدولة في البحث والابتكارات الزراعية.

وشملت مذكرة التفاهم التعاون بين الجانبين في مجموعة من المجالات البحثية والتطبيقية منها توظيف التكنولوجيا الذكية نظم الزراعة المغلقة والعمودية وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، ومجال رعاية صحة الحيوان، وزراعة النخيل ومكافحة الآفات الزراعية، إضافة إلى زراعة الأرز.

الإطار العام للدراسة التجريبية
وفي يونيو (حزيران) 2019، تم خلال الاجتماع الثاني للجنة التعاون الإماراتية الكورية الاتفاق على الإطار العام لبدء العمل على الدراسة التجريبية لاختيار أصناف أرز تتحمل البيئة الصحراوية، وقادرة على التكيف والتعايش مع أجواء دولة الإمارات، وتطوير طريقة زراعتها.

وبموجب الإطار يتولى الجانب الكوري بالتعاون مع فريق العمل الإماراتي تحديد واختيار أصناف الأرز التي سيتم تجربة زراعتها في الدولة، وتقييم صفاتها الزراعية والانتاجية ومدى قابليتها للتكيف مع اجواء وطبيعة الدولة، وتحديد آلية الري والتسميد المطلوبة، وتطوير تقنيات الري، فيما يتولى الجانب الإماراتي توفير المنشآت والمواقع اللازمة لزراعة الأرز، وإدارة المنظومة التجريبية الحقلية للزراعة بالكامل، والإشراف والتقييم الميداني لعملية الزراعة والانبات وفقاً لمنهجية علمية متفق عليها.

موقع التطبيق
اختارت الوزارة بالتعاون مع الجانب الكوري مركز الابتكار الزراعي التابعة لها في الذيد، لتجربة زراعة الأرز في الدولة، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 بدأت تجارب الزراعة الأولية على مساحة 2200 متر مربع للزراعة بنظام الحقل المفتوح، وتم ريها بنظام التنقيط تحت السطحي الذي يضمن زيادة كفاءة استخدام المياه كمرحلة أولى للتجربة.

وقبل تنفيذ التجربة تم إجراء العديد من الاختبارات لتربة ومياه الري للمنطقة المختارة للزراعة لتحديد طبيعتها واحتياجاتها الصحيحة وكذلك دراسة العوامل المناخية المختلفة لضمان نجاح التجربة الزراعية، كما تم اختيار صنفين من الأزر للزراعة وهما "جابونيكا، إنديكا" واللذان أثبتا قدرة على تحمل، درجات الحرارة العالية، والتعايش مع ظروف التربة المحلية، واستمرت هذه المرحلة التجريبية الأولى حتى مايو (أيار) 2020.

شريك استراتيجي
ومن جهته أكد سفير كوريا الجنوبية في الإمارات كون يونغ وو، على عمق العلاقات بين الجمهورية الكورية ودولة الإمارات والتي تمثل الشريك الاستراتيجي الأهم لها في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

وأعرب عن سعادته بنجاح تجارب زراعة الأرز في دولة الإمارات والتي تأتي كثمرة للتعاون بين وزارة التغير المناخي والبيئة وإدارة التنمية الريفية الكورية، وبالأخص خلال الفترة الاستثنائية الحالية التي يمر بها العالم من انتشار فيروس كورونا المستجد، موضحاً أن الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من التعاون في العديد من المجالات وعلى رأسها المجالات البيئية والزراعية وبالأخص الداعمة لتحقيق استدامة الغذاء.

نظام المراقبة والتقييم لعملية النمو
ولضمان نجاح التجربة تم وضع نظام ومراقبة وتقييم لعملية النمو والذي ركز على تقييم نسبة الإنبات ومعدل النمو والتحديات التي قد تواجه التجربة ووضع الحلول الابتكارية لها، وأظهرت عملية المراقبة والتقييم لعملية الزراعة في محطة أبحاث الذيد نجاح إنبات ونمو شتلات الأرز المزروعة خلال الأيام الـ 7 إلى الـ 10 الأولى للزراعة بنسبة 100%، ومع ارتفاع درجات الرطوبة انخفض معدل النمو بشكل طفيف ليعاود النمو في الارتفاع بشكل تدريجي مرة أخرى. كما ظهرت خلال عملية الزراعة مجموعة من التحديات التي تم التغلب عليها، ومنها ارتفاع درجات حموضة التربة وملوحة المياه وانخفاض النمو في المناطق التي تقل فيها معدلات مياه الري، وتم التعامل مع هذه التحديات عبر استخدام بعض المواد العازلة الطبيعية وتركيب نظام لمعالجة نسب ملوحة المياه.

النتائج الأولية
وتم تقسيم المساحة المخصصة للزراعة التجريبية إلى 3 مناطق لتسهيل عملية المراقبة الدقيقة، وفي المنطقة الأولى نجحت عملية الزراعة بشكل كامل وتم حصاد الأرز في 5 مايو الماضي، وفي المنطقة الثانية احتاجت عملية الزراعة إلى مراقبة وتدخل مكثفة نظرا لطبيعة المياه الموجودة بها، وتمت الزراعة بنجاح وفي 10 مايو الماضي حصد فريق العمل الأرز من المنطقة. ونتائج الحصاد الأولية أظهرت نتائج مميزة من حيث النمو وانتاجية المحصول ويجري حالياً بالتعاون مع الجانب الكوري تحليل ودراسة بيانات الزراعة والحصاد والموارد المستخدمة بالكامل.

وتعد أصناف الأرز التي تم اختيارها لتجربة الزراعة في الدولة مناسبة للاستهلاك ويتم تداولها بشكل تجاري في العديد من الأسواق، لكن الوزارة ضمن حرصها على الصحة والسلامة العامة، وتأكيداً على جودة وكفاءة محصول عمليات الزراعة التجريبية وصلاحيته للاستهلاك يجري حاليا فحص عينات الأرز لاختبار مطابقتها للمواصفات القياسية.

وللتأكيد على نجاح عمليات الزراعة التجريبية للأرز في الدولة وضمان لتقييم متكامل يتم حالياً دراسة النتائج الأولية لتقييم التجربة البحثية والتجهيز لإطلاق المراحل التجريبية الجديدة خلال الفترة القادمة.

الخطط المستقبلية
وبناء على النتائج الإيجابية لعمليات الزراعة التجريبية للأرز في دولة الإمارات وخصوصاً تجربة "محطة الابتكار الزراعي في الذيد" سيتم دراسة إطلاق مراحل تجريبية جديدة على مساحات أوسع، في مناطق مختلفة على مستوى الدولة، مع تطوير نظم الري والتسميد المستخدمة، وتجريب أصناف جديدة من الأرز ضماناً للوصول إلى أفضل نتائج تجريبية.

وبحسب فريق عمل إدارة التنمية الريفية الكورية الجنوبية يتوقع أن تصل الإنتاجية لكل 1000 متر مربع من المساحة التي تطبق عليها الزراعة التجريبية إلى 763 كيلوغراماً، موضحين أن الدورة الزراعية تستغرق 160 يوماً تقريباً. وأشار إلى أن الاعتماد على تقنيات وآليات متطورة في الزراعة سيعزز بشكل متزايد خفض نسب استهلاك المياه وزيادة القدرة الإنتاجية.