مسؤولون قطريون وأتراك في صورة جماعية بقاعدة عسكرية تركية بقطر (أرشيف)
مسؤولون قطريون وأتراك في صورة جماعية بقاعدة عسكرية تركية بقطر (أرشيف)
الجمعة 5 يونيو 2020 / 12:49

تركيا في قطر.. احتلال مكتمل الأركان

24 - بلال أبو كباش

استغلت قطر المقاطعة العربية للتقارب مع تركيا وإيران، وتمكينهما من مقدرات البلاد، بل إنها ذهبت نحو جلب "الاحتلال" بدخول قوات عسكرية تركية إلى أراضيها، وبناء قواعد عسكرية على أراضيها.

ومع دخول الأزمة القطرية عامها الرابع، تؤكد التقارير، أن الدوحة باتت تحت الوصاية العسكرية التركية، مع اعتياد القطريين على رؤية عساكر أنقرة في أي وقت وأي مكان، فمن تدشين عسكري إلى آخر، أرضاً وجواً وبحراً، لتصبح الإمارة الصغيرة تحت هيمنة نظام أردوغان الإخواني، ليحقق مكاسب مالية كبيرة تدعم اقتصاده المتداعي. 

وتشير التقارير إلى أن تركيا سعت دوماً لإرساء موطئ قدم لها في قطر، حتى قبل قرار الرباعي العربي مقاطعة قطر في 5 يونيو (حزيران) 2017، وبدأت بوادر السعي التركي المباشر للتواجد العسكريّ في قطر في 2014، عبر توقيع اتفاقية للتعاون العسكري بين وزارتي دفاع البلدين التي تمخض عنها قاعدة "الريان" العسكرية التركية في قطر، ثم تطورت تلك العلاقة مع إقرار البرلمان التركي في  2017 الاتفاقية والتوسع فيها على الأرض.

استهداف أمن الخليج
كشفت الأيام الحبلى بمفاجأة الخيانة القطرية، أن البلدين خططا معاً ودوماً لضرب استقرار الخليج العربي، وتعمل تركيا على جعل قطر قاعدة ثابتة لقواتها في الخليج العربي، لتستهدف من خلالها أمن دول الخليج التي لا تتقاطع مع مشروعها في إحياء العثمانية الجديدة برداء إسلاموي إخواني، وتسعى من أجل تحقيق ذلك إلى محاصرة قطر المعزولة عن محيطها العربي والإقليمي بالاتفاقيات العسكرية والأمنية والاقتصادية، لتعزيز قبضتها عليها على المدى البعيد، وفقاً لما ذكره موقع "أحوال تركية"، يوم الأربعاء الماضي.

ويؤكد التقرير، أن حكومة أردوغان جاهدت للاستثمار في أزمة قطر مع جيرانها وبخاصة السعودية والإمارات، ووجدت فيها فرصة لضرب الصف الخليجي وشق وحدته، كما وجدت فيها فرصة مناسبة للتمدد في منطقة الخليج لتأمين موطئ قدم لها على الخليج العربي، ومنه على بحر العرب والبحر الأحمر.

سوق استهلاكي
أخذ الاتفاق العسكري المعقود بين البلدين، بعداً تجارياً، فأنقرة ترى في الدوحة سوقاً غنياً يتيح لها توسيع استثماراتها، وبيع منتجاتها، وتسمح القاعدة العسكرية التي أقامتها تركيا في الدوحة لأنقرة بعرض وتسويق معداتها العسكرية، وبما في ذلك تعزيز مبيعات دبابات "ألتا" ومدافع "الهاوتزر" ذاتية الدفع من طراز "فيرتينا" وأسلحة أخرى تركية الصنع.

اختراق الأمن القطري
يؤكد المحللون، أن الاتفاقية الموقعة بين البلدين تجعل الأمن القطري مخترقاً بشكل كامل حتى لو اعتبر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد أن تركيا بلد صديق، إضافة لكونها بمثابة فرض حماية من تركيا على قطر المعزولة عن محيطها العربي بسبب استمرار دعمها للإرهاب.

بوادر خروج أنقرة عن التزامها بالاتفاقية العسكرية الموقعة مع الدوحة تتكشف شيئاً فشيئاً، فهي بدأت وحسب التقارير بالتدخل بالشؤون الأمنية والداخلية لقطر، وتؤكد المصادر، أن هناك تململاً وتذمراً كبيراً في أوساط الجيش والشرطة القطرية من ممارسات القوات التركية الاستفزازية وتدخلاتها المستمرة في شؤون بلادهم، ويشير مواطنون قطريون إلى أن "القوات التركية غير ملتزمة بالبقاء في قاعدتها العسكرية وإنما تجوب باستمرار شوارع العاصمة القطرية في استعراض للقوة"، وفقاً لما ذكرته صحيفة "الأيام" في تقرير لها نشر في مايو (أيار) الماضي.

هيمنة استخباراتية
لم تكتف تركيا بوجود عسكري على أراض قطر وعززت هيمنتها على الدوحة بإيفاد عناصر من الاستخبارات التركية إلى قطر خلال الأعوام الماضية، وكشفت وثيقة سرية حكومية تركية، حصل عليها موقع "نورديك مونيتور" في 20 مايو (أيار) الماضي، عن قرار بتخويل هيئة الأركان العامة التركية في 2016 بإجراء عمليات الاستخبارات والمراقبة في قطر.

كما تفضح الوثيقة أنه يسمح للجيش التركي باستخدام أي أصول عسكرية، بما في ذلك اختبار أنظمة التسلح التي دخلت الخدمة حديثاً. وبحسب الوثيقة، فإن الأمر، صدر من خلال منشور حكومي سري يحمل رقم (2016/8832)، منحت فيه الحكومة التركية، هيئة الأركان العامة السلطة والصلاحيات للحفاظ على القاعدة العسكرية في الدوحة ونشر القوات والمعدات العسكرية في قطر. واشتمل المنشور على اعتماد مجلس الوزراء التركي، في 25 أبريل (نيسان) 2016، لكيفية قيام الجيش التركي بالعمليات ومهام نشر القوات في قطر وتم اعتماد المنشور كخريطة طريق لتنفيذ الاتفاقات العسكرية التركية القطرية، التي تحكم "اتفاقية وضعية القوات المسلحة" (SOFA) ودعم الدولة المضيفة للجيش التركي.

ويمنح المنشور المكون من 19 مادة هيئة الأركان العامة تفويضاً لوضع قواعد الاشتباك للقوات، وإجراء أنشطة الاستخبارات والمراقبة، وإبرام اتفاقيات مع السلطات القطرية نيابة عن الجيش التركي لإدارة العمليات اللوجستية والتخطيط والتنسيق بشأن أي مهام أخرى مطلوب إنجازها. وبموجب التفويض تقوم هيئة الأركان العامة بتحديد أنواع المعدات العسكرية والذخيرة، التي ستجلبها إلى قطر، والتدابير الأمنية التي ستتخذها لضمان سلامة القوات التركية في قطر.

تقرير "نورديك مونيتور" يؤكد ما كشفه موقع "انتليجنس اونلاين" الفرنسي العام الماضي، حول تعزيز الاستخبارات التركية وجودها في الدوحة خلال الفترة الأخيرة، من خلال زيارة قام بها رئيس جهاز المخابرات التركي هاكان فيدان إلى الدوحة، وتم الاتفاق على المساعدة في إعادة تنظيم جهاز الأمن والمخابرات القطري قبل مونديال 2022، وأوضح في تقريره أن تميم بن حمد وافق على الاقتراح بترحاب شديد، وبموجبه سيتم تدريب ضباط المخابرات القطريين في مدرسة تابعة للاستخبارات التركية بأنقرة. وبالفعل يتواجد العديد من عملاء الاستخبارات التركية في الدوحة بحجة تطوير جهاز أمن الدولة في قطر، كما أرسلت أنقرة آلاف الجنود الأتراك لقاعدة الريان العسكرية.