السبت 6 يونيو 2020 / 13:00

قطر.. بوق الجماعات المسلحة في المنطقة

24 - إعداد: ريتا دبابنة

رغم التأثيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي عصفت بقطر جراء مقاطعة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر، لها منذ يونيو (حزيران) 2017، إلا أن سياسات نظام الحمدين لم يطرأ عليها أي تغيير يذكر، خاصة مع استمرارها بدعم الإرهاب في دول المنطقة.

من سوريا والعراق إلى اليمن، مروراً بليبيا والساحل الأفريقي، وحتى في أوروبا، تدعم الدوحة التنظيمات المتطرفة منذ "الانقلاب الأبيض" الذي قام به حمد بن خليفة آل ثاني على والده عام 1995.

سياسات ملتوية
دأبت قطر منذ ذلك الحين، على زعزعة أمن واستقرار المنطقة، والتصعيد والتحريض الإعلامي من خلال "الجزيرة القطرية" لشق الصف العربي، ودعم وتمويل التنظيمات الإرهابية لتهديد الكيان الخليجي والعربي.

إلى جانب دعمها الدائم لإيران وتركيا وإسرائيل، ارتبط اسم الدوحة ارتباطاً وثيقاً بدعم وتمويل الأنشطة والعمليات الإرهابية في كثير من الدول العربية، مثل سوريا والعراق ومصر وليبيا والصومال والسودان وموريتانيا واليمن، إضافةً إلى دعمها لجماعة الإخوان، وعلاقاتها المقربة مع ميليشيا حزب الله في لبنان، وحركة حماس في غزة المحسوبة على الإخوان.

داعش والقاعدة
على مدار السنوات القليلة الماضية، ومنذ أن أعلن تنظيم داعش الإرهابي خلافته المزعومة في العراق، توالت التقارير على صعيد عالمي، حول دعم وتمويل قطر له، وللتنظيمات الأخرى التي اتخذت من العراق وسوريا مأوى لها مثل "جبهة النصرة" التابع لتنظيم القاعدة.

ولتسهيل هذه العملية، وطدت الدوحة علاقاتها مع تركيا، اللاعب الرئيسي في الأزمة السورية، حيث أكدت  الكثير من الوثائق الأوروبية أن قطر تستثمر بشراء الأسلحة لترسلها للإرهابيين، تحت ذريعة "المساعدات إنسانية" في سوريا عبر تركيا.

وبحسب تقارير استخبارات دولية، فإن عدداً كبيراً من المؤسسات الخيرية في قطر تدعم أنشطة تنظيم القاعدة من خلال المساعدة في نقل وغسل الأموال لصالح الجماعة الإرهابية، فيما أكدت أمريكا أنها تملك أدلة حول تمويل ودعم الدوحة لتنظيم داعش الإرهابي.

شخصيات قطرية
وذكرت أن عبد الكريم آل ثاني العضو في العائلة المالكة في قطر، مول شخصياً منزل مؤسس تنظيم القاعدة في العراق أبو مصعب الزرقاوي، وقام بمنح جوازات سفر للعديد من الهاربين، وأودع مليون دولار في حساب بنكي لتمويل تنظيم القاعدة في العراق.

وإلى جانب عبد الكريم، هناك العديد من الشخصيات القطرية التي لعبت دوراً محورياً في عمليات دعم الإرهابيين مثل القطري عبد الرحمن النعيمي الذي عمل كوسيط بين داعش وتنظيم القاعدة، والذي أكدت واشنطن أنه "ييسر مرور الأموال ويقدم الدعم المادي وينقل الرسائل إلى تنظيم القاعدة وفروعه في سوريا، العراق، الصومال ثم اليمن منذ أكثر من عقد من الزمن"، بحسب بيان لوزارة الخزانة الأمريكية.

العلاقات مع مصر
جانب العلاقات الوثيقة التي تربط نظام الحمدين بالمرشد الروحي لجماعة الإخوان، والذراع الديني والأيديولوجي لسياسة قطر، وعمده إلى حض النظام القطري على معاداة مصر وحكومتها، وتمديد ودعم جماعة الإخوان على أراضيها، فإنه منذ أن بدأت مصر بشن غارات على الميليشيات المسلحة في ليبيا خاصة بعد حادثة ذبح المصريين الأقباط على يد داعش في سرت.

نددت الدوحة بتلك الغارات، عملت جاهدة على تكثيف عمليات تمويل الجماعات في ليبيا، وتواري الأحداث بعدها ما أدى بطبيعة الحال إلى إعلان القاهرة قطع علاقاتها مع الدوحة.

يد الإرهاب في ليبيا
تواصل الدوحة منذ سنوات دعمها للجماعات الإرهابية في جنوب ليبيا، خلف ستار "الأعمال الإنسانية" أيضاً، عبر منظمات مجتمع مدني تعمل بإشراف "قرضاوي ليبيا" علي الصلابي المطلوب على قائمة الإرهاب، مستغلة الظروف المعيشية الصعبة لسكان الجنوب.

وكما الحال في سوريا، فإن العلاقات القطرية التركية تلعب دوراً رئيسياً في هذا البلد الذي تمزقه الحروب منذ أزمة مقتل القذافي والتداعيات التي لحقت بها.

فتدعم تركيا هذه المنظمات التي تهدف إلى اختراق الجنوب الليبي لصالح قطر، من أجل عرقلة جهود الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

وبحسب تصريحات للمتحدث باسم الجيش الليبي، أحمد المسماري، أخيراً، فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يجند العرب لقتل العرب بتمويل قطري، وإن قطر تقوم حالياً بتجهيز قاعدة الوطية لصالح تركيا.

قواعد عسكرية ومرتزقة
وأكدت صحيفة "أوراسيا ديلي" تصريحات المسماري، في تقرير مؤخراً كشفت فيه أن تركيا نظمت جسراً جوياً إلى ليبيا في الأيام الأخيرة بالتعاون مع أمير قطر تميم بن حمد، وتم رصد رحلات جوية منتظمة لطائرات النقل العسكرية التركية C-130 "هرقل"، وأوضحت أن هذه الطائرات تنقل معدات عسكرية ومقاتلين من المعارضة السورية إلى ليبيا، كما هبطت طائرة نقل من طراز Q-17 Globemaster III تابعة لقطر في مطار مدينة مصراتة الليبية، التي أصبحت نقطة الاستقبال الرئيسية لشحنات الأسلحة القطرية.

وحول إرسال المرتزقة، أكد المسماري أن أنقرة أرسلت إلى ليبيا 2000 عسكري تركي بجانب آلاف المرتزقة بتمويل ودعم قطري، في الوقت الذي أفاد فيه المرصد السوري لحقوق الإنسان، بارتفاع عدد المرتزقة السوريين في ليبيا إلى 10100 مقاتل بعد وصول دفعة جديدة قوامها 500 مقاتل، في حين بلغ عدد المجندين الذين وصلوا المعسكرات التركية لتلقي التدريب نحو 3400 مجند.

السودان وحكم البشير
إلى جانب ذلك، فإن محور قطر تركيا المعروف بدعمه لحركات الإسلام السياسي ترك أثره في عدة دول عربية بينها السودان مثلاً، التي تمثل أرضاً خصبة لتغذية الإرهاب.

تنظر الدوحة إلى السودان على أنها دولة فقيرة فمن الممكن أن تستغل ذلك في إرسال معدات ودعم تمويل التنظيمات الإرهابية هناك عن طريق الجمعيات الخيرية كعادتها، فيما تستغل أيضاً الشباب السوداني بتجنيده كمرتزقة وإرساله إلى الدول العربية لتشكيل "حركات جهادية" مثل المنتشرة حالياً في شمال وشرق وجنوب أفريقيا، يظهر ذلك بوضوح في حركة الشباب الصومالية.

استغل نظام الحمدين ضعف حكم الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير وعلاقاته الملتوية مع الإخوان، لاقتحام النظام السياسي والحاكم في السودان، ومحاولة دس السم في العسل عن طريق تغذية الجماعات الإسلامية والإخوانية للسيطرة على ثروات البلاد والاستفادة من مصالحها المشتركة مع تركيا.

دعم الحوثيين في اليمن
أما في اليمن، وبعد أن طردت من التحالف العربي لدعم الشرعية إثر مراوفتها واستغلالها للأزمة اليمنية، لا تزال الدوحة مصرة على زعزعة أمن واستقرار المناطق المحررة في البلد الذي يعاني الأمرين سواء جراء ميليشيات الحوثي الإيرانية، أو الجماعات الإرهابية مثل القاعدة وداعش الممولة في الأل من الدوحة، وحتى جائحة فيروس كورونا الطي بدأ يظهر في اليمن مع تسجيلها عشرات الحالات يومياً.

ولم يقتصر الدور القطري في دعم ميليشيات الإخوان والجماعات الإرهابية بل أيضاً عمد إلى دعم ميليشيا الحوثي الإيرانية، حيث ذكرت تقارير إخبارية عدة أن الدوحة "تواصل تحركاتها الخبيثة في اليمن لتكريس الفوضى ونشر حالة من الاقتتال بين أبناء الشعب اليمني عبر مساعدة ميليشيات الحوثي ودعمها مالياً ولوجستياً وإعلامياً خدمة لملالي إيران"، بحسب تقرير لموقع "مباشر قطر".

وكشفت تقارير عن وثائق سرية توضح للعالم الدور القطري في دعم الخلايا الإرهابية والحوثية الإيرانية العابثة في اليمن من خلال دور العصابة القطرية فى الجنوب اليمني من خلال دعم الخلايا الإرهابية وصناعة منظومة إعلامية معادية للجنوب ودول التحالف العربي.

ومع دخول المقاطقة العربية عامها الرابع، لا يزال التعنت القطري سيد الموقف، ولا يزال نظام الحمدين متمسكاً بعباءة الملالي الإيراني والعثمانية الأردوغانية، متجاهلاً كل المحاولات الحثيثة لعودة بلاده إلى الحضن العربي، طمعاً بمزيد من النفوذ في المنطقة على حساب شعبه.