الرئيسان التركي والإيراني (أرشيف)
الرئيسان التركي والإيراني (أرشيف)
الجمعة 12 يونيو 2020 / 20:54

تركيا على خطى إيران.. دولة مارقة

ترى الباحثة شكرية برادوت في تقرير بصحيفة "جيروزالم بوست" أن تركيا "تتشبّه" بالنظام الإيراني، راصدة عدة مؤشرات تدعم ذلك وخصوصاً "تقليد" أنقرة لدور إيران في سوريا.. ولكن في ليبيا.

واعتبر التقرير أن الضغط الأمريكي الحالي الشديد على إيران قد أضعف الأخيرة، ما ترك المجال كي تتدخل تركيا وتدعم مجموعات عسكرية متنوعة في منطقة الشرق الأوسط.

ويقول التقرير إن ازدياد الحضور والنفوذ التركي يشبه صعود دولة مارقة أخرى في الشرق الأوسط، كي تكون بديلاً عن القوة الإيرانية المستمرة في التراجع.

وفي مقارنة بين السياسة الإيرانية المتبعة بعد 1979، عندما وصل النظام الإسلامي إلى الحكم، يمكن ملاحظة الأمر عينه مع السياسة التركية بعد ما يسمى "الربيع العربي"، حيث أصبح التشابه بين البلدين أكثر وضوحاً.

يسعى النظامان التركي والإيراني إلى إعادة الحياة إلى الإمبراطوريتين في المنطقة عبر تطويع الإسلام السياسي.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أشار في تقارير سابقة إلى أن الحكومة التركية تجنّد وتدرّب اللاجئين السوريين وتعطيهم مكافآت قبل إرسالهم إلى الحرب الدائرة في ليبيا.

وهذا النوع من القرارات يدعو لاستذكار تجربة جارتها إيران.

إذ عمدت السلطات الإيرانية إلى استغلال اللاجئين الأفغان وأغدقت عليهم بالأموال للمحاربة باسم إيران في سوريا ضمن ميليشيات مسلحة.

وهذه المقارنة تصبح واضحة بشكل أكثر عند الاستماع إلى تصاريح المقاتلين السوريين في ليبيا عندما يشيرون إلى أنهم يدافعون عن الإسلام ويريدون تحرير كامل الأراضي الليبية من قوات المشير خليفة حفتر.

وهذه الإسطوانة نفسها تم استخدامها مع المقاتلين الأفغان الموجودين في سوريا بأمر من السلطات الإيرانية زاعمين أنهم هناك للدفاع عن الأماكن الدينية والعتبات المقدسة الشيعية.

في الحالتين، تم استغلال السوريين والأفغان، أغلبهم من اللاجئين غير الشرعيين، بعد تقديم الوعود بحيوات أفضل لعائلاتهم.

وإلى جانب ما ذكر، فإن تركيا وإيران تسعيان بشكل دائم لإزاحة المملكة العربية السعودية عن عرش العالم الإسلامي.

إذ أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والزعيم الإيراني علي خامنئي يدعمان أطرافاً مختلفة داخل دول الشرق الأوسط لمحاربة السعودية، ومن المفارقة أن بعد تلك المجموعات تعمل ضد بعضها البعض على سبيل المثال في سوريا.

ويلفت التقرير إلى أن أردوغان منذ وصوله إلى السلطة، عمد إلى اتباع نفس خطوات إيران في أسلمة تركيا.

إن إبراز التشابه في حالات مختلفة في السياسة الداخلية والسياسة الخارجية يساعد على فهم خطر السياسة التركية الحالية في الشرق الأوسط.

السياسة الداخلية
بعد استفتاء 2018 الذي غير تركيا من نظام برلماني إلى نظام حكم رئاسي، دفع أردوغان بلاده نحو النظام الاستبدادي، فقد حصل على سلطات تنفيذية وسياسية إضافية، وبات صانع القرار الوحيد في كل القضايا الرئيسية تقريباً الكبيرة منها والصغيرة.

وحدثت عملية مماثلة بعد أن أجرى الحزب الإسلامي في إيران استفتاء عام 1979 لإعطاء المرشد القوة على على جميع سلطات البلاد.

ويثبت التاريخ أن الطرفين استطاعا التغلب على الحركات الاحتجاجية لتركيز نفوذهما بشكل كبير، ولا يزال النظام التركي مستمر بحملات الاعتقال التي لم توفر حتى المسؤولين المنتخبين رسمياً أو الناشطين على منصات التواصل.

الطرفان يتحكمان بوسائل الإعلام وينطبق ذلك على الأنظمة التعليمية التي تنحو أكثر إلى المدارس الدينية المتشددة، من دون نسيان عمليات قمع الأكراد في البلدين.

السياسة الخارجية
أعطى ما يسمى "الربيع العربي"، الذي بدأ في أواخر 2010، فرصة مناسبة لتركيا لتزيد نفوذها في الشرق الأوسط، بطرق مشابهة للطريقة التي اعتمدتها إيران مع "الصحوة الإسلامية" لزيادة تأثيرها في المنطقة.

وعلى خطوات النظام الإيراني، سارت إدارة أردوغان باستغلال القضية الفلسطينية للحصول على ولاء المجتمعات الإسلامية.

ويشير التقرير إلى أن تركيا وإيران تحاولان إلى جانب نشر المسلحين في عدد من دول المنطقة، تطبيق قواعد القوة الناعمة في محاولة لكسب ود سكان الدول الأفريقية، عبر توزيع المساعدات، أو عقد اللقاءات الدينية أو السياسية، وحتى تقديم المساعدات التربوية أو المنح الدراسية.

ويختم التقرير بالقول، إن مستقبل تركيا كدولة أخرى مارقة في المنطقة يعتمد على مدة بقاء أردوغان في السلطة واتباع سياسة إحياء الإمبراطورية العثمانية.