الرئيس الصومالي محمد عبد الله فارماجو وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد (أرشيف)
الرئيس الصومالي محمد عبد الله فارماجو وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد (أرشيف)
الثلاثاء 23 يونيو 2020 / 12:50

ناشيونال انترست: على الصومال إنقاذ نفسها من قطر

تحت هذا العنوان، تعرض موقع "ناشيونال انترست" الأمريكي إلى العلاقات الصومالية القطرية، من وجهة نظر المدير السابق للاستخبارات الصومالية والسفير السابق لدى تركيا وبريطانيا، عبد الله محمد علي، الذي حذر من خطر النفوذ القطري الذي هدم التقدم الأمني الذي تحقق في بلاده.

وأكد الكاتب في مقاله أن وصول محمد عبد الله فرماجو إلى سدة الرئاسة في الصومال في 2017 كانت تُمثل تحولاً إيجابياً لتطوير البلاد وإصلاح مكامن الخلل في الدولة، ولكن حكمه، كشف كم كان هذا التفاؤل مبالغاً فيه، بل ساذجاً.

واليوم وبعد تفاقم المشاكل الأمنية، وانهيار الاقتصاد والتوتر في العلاقة مع الولايات الصومالية، والسياسة الخارجية المتنافرة، أصيبت معظم مؤسسات الدولة بالشلل، بالتزامن مع اجتياح فيروس كورونا البلاد، فيما تعيش العاصمة مقديشو تحت الإغلاق المزدوج بسبب الفيروس والإرهاب المتنامي.

تحالف غير مقدس
ويعتبر الكاتب، أن مشاكل الصومال اليوم، ما يُسميه "التحالف غير المقدس" بين فارماجو،
وقطر، والتأثير السلبي للدولة الخليجية على كل السياسة والدبلوماسية الصومالية.

وينقل المقال أن الصوماليين يتحدثون الآن عن رغبة قطر في استخدام الصومال قاعدة لشن حروب بالوكالة ضد قوى إقليمية أخرى، ما سيعمق تأثيرها على السياسة الخارجية الصومالية أكثر ويورطها في مشاكل أكبر.

وفي الأشهر الماضية، تعزز التباعد بين إدارة فارماجو، بناءً على طلبات الدوحة، وشركاء الصومال الاستراتيجيين والتاريخيين، في الخليج العربي، ومصر. لتصبح الصومال أكثر اعتماداً على قطر وارتهانا لها رغم فشل الدوحة في تحقيق المشاريع الكثيرة التي وعدت بها مقديشو، إضافة إلى نسف هذه السياسة لكل المكاسب الأمنية التي تحققت في الصومال، قبل التحالف مع قطر.

رجل الجزيرة
وفي هذا السياق يُشير الكاتب إلى تعيين فارماجو، بناءً على طلب الدوحة، فهد ياسين، رئيساً لوكالة المخابرات والأمن الوطنية الصومالية، رغم افتقار ياسين للخلفية الأمنية أو الاستخباراتية، لكنه عينه فقط لأنه صحافي سابق لدى قناة "الجزيرة" القطرية.
  
ولهذا السبب عمد ياسين، بإيعاز من قطر، إلى تفكيك الركائز الأساسية لوكالة الاستخبارات، واستبدل بشكل منهجي المحترفين وذوي الخبرة بمتدربين هواة ركزوا عملهم على مساعدة ودعم عمل الاستخبارات القطرية في القرن الأفريقي.

وبدل تركيز العمليات الاستخباراتية على رصد وتتبع "حركة الشباب" الإرهابية الموالية لتنظيم القاعدة الإرهابي، بات عمل الجهاز الأمني موجهاً لاسكات المعارضة السياسية والأصوات الناقدة في المجتمع المدني الصومالي.

وبالتوازي مع ذلك قضى فارماجو على قدرة القوات المسلحة الصومالية التي كانت قبل 2017 تقترب من التحول إلى قوة متخصصة، ومحترفة قادرة على الدفاع عن  الدولة والشعب، ضد حركة الشباب والجماعات المتطرفة المماثلة لها، وتحولت اليوم إلى قوة ملحقة بجهاز الاستخبارات تحت قيادة ياسين، وغالباً ما تستخدم القوات المسلحة لمضايقة وترهيب المنافسين السياسيين و"الأعداء المزعومين" في الولايات الصومالية، التي تتهم برفض التعاون مع الحكومة المركزية.

ويشير المدير السابق للاستخبارات الصومالية في هذا الإطار، إلى أن العديد من الحوادث الإرهابية، والاغتيالات لحكام أقاليم صومالية مختلفة، تحمل بصمات قطرية واضحة.

ويُذكر الكاتب بتسجيل نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" لمكالة هاتفية في 2019 للسفير القطري في الصومال، أكد ضلوعه المباشر في عملية اغتيال مدير ميناء بوساسو الساحلية.

العودة إلى الصفر
ويرى الكاتب أن التدخل القطري في السياسة الصومالية الداخلية، يهدد بتقويض آمال الصوماليين في دولة قوية، ذات سيادة وقادرة على تأمين احتياجات الشعب الصومالي، وتحقيق أهدافه، خاصةً في ظل تشجيع قطر لفارماجو للانقلاب على النظام السياسي في البلاد، وإلغاء النظام السياسي الفدرالي، الذي ساهم نسبياً في الحد من ويلات الحرب الأهلية.

وفي هذا الإطار يكشف الكاتب دعم الدوحة المالي واللوجستي لفارماجو، ليفرض مؤيديه وأنصاره على الولايات المترددة أو غير الموالية لسياساته، كما حصل ولايتي ساوث ويست، وغالمودوغ حتى الآن، في انتظار تقويض الحكومتين الإقليميتين في بونتلاند، وجوبا لاند.

ولم تتوقف مناورات الرئيس الموالي لقطر، على المقاطعات أو الولايات، إذ تعرض العاصمة نفسها لمحاولات مشابهة، بعد تهميش مجلس الشيوخ، وإفساد الأموال القطرية، عبر ياسين، البرلمان الصومالي، الذي أطاح برئيسه المعارض محمد الشيخ عثمان "جواري"، قبل أن يتحول إلى مؤسسة موالية بالكامل لفارماجو.  

وبسبب هذه السياسة، عمد فارماجو والدوحة إلى تعزيز الديكتاتوية، وتحفيز المعارضة العنيفة للحكومة الصومالية، وتشجيع المنظمات الإرهابية على مزيد من التجنيد، في مقابل انهيار الثقة في الأجهزة الرسمية والاتفاقات التي وقعتها الحكومة مع الأقاليم، مثل "أرض الصومال" التي أصبحت تتعرض بفضل هذه الحملة الممولة قطرياً لتهديدات أمنية متنامية بعد أن كانت المنطقة الأكثر أمناً ونشاطاً في الصومال.

أجندا قطرية
ورغم أن ولاية الرئيس الصومالي تقترب من نهايتها إلا أن ذلك لم يمنع المخاوف من التسلل إلى الصوماليين، خشية محاولة فارماجو، تسميم المناخ السياسي العام في البلاد، في إطار محاولة تجنب هزيمة انتخابية مدوية، بتزوير نتائج الانتخابات المقررة في العام الجاري، أو التمديد لنفسه بشكل غير دستوري، للاستكمال المخطط الذي تموله قطر بدعوى حالة الطوارئ التي تفرضها مواجهة كورونا في البلاد.

ورغم أن أغلبية الصوماليين يرفضون مثل هذا السيناريو، لكن الأموال والنفوذ القطري على مؤسسات وجهات رسمية كثيرة، ربما يجعله ممكناً، خاصةً أن قطر متمسكة بدعم نفوذها في القرن الأفريقي، ومحاولة تطويعه لأهدافها، ولو كان ذلك بمزيد من تغذية العنف والإرهاب في المجتمع الصومالي، ما يهدد الصومال والمنطقة بأسرها بسنوات طويلة مقبلة من الفوضى والخراب.