متطوعون في منظمة خيرية لبنانية لمساعدة اللاجئين والفقراء (أرشيف)
متطوعون في منظمة خيرية لبنانية لمساعدة اللاجئين والفقراء (أرشيف)
الأربعاء 1 يوليو 2020 / 19:26

تلغراف: هل سيموت اللبنانيون جوعاً؟

رسمت صحيفة تلغراف البريطانية في تقرير لمراسلتها في بيروت أبي تشيزمان، سيناريوهات سوداوية عن الوضع الاجتماعي في لبنان، متوقعة موت الناس جوعاً في هذا البلد الصغير بسبب الأزمات المتلاحقة التي تعصف به.

ونقل موقع قناة الحرة ، عن التقرير أن لبنان تعرض لأسوأ أزمة اقتصادية في التاريخ الحديث، بعد أن فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 80% من قيمتها في الأشهر الأخيرة، وتحديداً منذ أكتوبر(تشرين الأول) الماضي عندما بدأت الاحتجاجات على الفساد في البلاد.

وحسب تقرير حديث للأمم المتحدة في نهاية أبريل(نيسان) الماضي، يكافح أكثر من نصف السكان في لبنان للحصول على المنتجات الأساسية اللازمة، بعد أن ارتفعت أسعار المواد الغذائية 56% منذ نهاية أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، وتشير النتائج الأولية إلى أنها ارتفعت بين منتصف مارس(أذار) ومايو(أيار) فقط بنسبة 50%.

وساعدت أزمة فيروس كورونا في تفاقم الأزمة الاقتصادية، وارتفاع البطالة، وانخفاض قيمة الأجور، وارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى وجود حوالي 1.5 مليون لاجئ، أعلى رقم في  العالم قياساً بعدد السكان.

وقال الأستاذ المساعد في برنامج الأمن الغذائي في الجامعة الأمريكية في بيروت، مارتن كولرتس: "من المساعدة التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي، كان بإمكان اللاجئين شراء بعض الطعام في الماضي".

وأضاف "كانوا قادرين على استهلاك بعض العدس، وبعض اللبنة، وما إلى ذلك، ولكن نادراً ما كان شراء الخضار والفاكهة صعباً، وكان شراء اللحم غير وارد، ما يثير القلق الآن هو أن غالبية اللبنانيين يسيرون على مسار مشابه".

وأكد أن لبنان يتجه إلى تكرار مجاعة 1915-1918 التي مات فيها نصف سكان البلاد يومها  وتابع "بحلول نهاية العام، سنشهد أن 75% من السكان يحصلون على معونات غذائية، ولكن السؤال هو هل سيكون هناك طعام لتوزيعه".

سيناريو خطير
وتابع كولرتس "من المؤكد أننا سنشهد في الأشهر القليلة الجديدة سيناريو خطيراً للغاية يتضور فيه الناس جوعاً، ويموتون من الجوع، وآثار الجوع"، موضحاً أن احتمال انتشار الجوع على نطاق واسع في لبنان، يثير مخاوف متزايدة من الموجة الثانية من فيروس كورونا، ومن المرجح أن يموت الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.

وبدوره، صرح عبد الله الوردات المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في لبنان، للصحيفة بأن برنامج الأغذية العالمي يقدر الآن أن 83% من 1.5 مليون سوري يعيشون في لبنان بأقل من 2.90 دولار في اليوم، وهو الحد الأدنى المطلوب للبقاء البدني.

وينزلق لبنان نحو غياب الأمن الغذائي منذ عقود، إذ أهملت الحكومة القطاع الزراعي حتى أصبح لا يساهم إلا بـ3% من الناتج المحلي، ومثل كل قطاع في لبنان، أصبحت الزراعة مليئة بالفساد، والمضاربات غير الشرعية عبر تجار يستغلون المزارعين والمستهلكين، والنتيجة أن لبنان يستورد ما يصل إلى 80% من طعامه، ما يجعله عرضة لتقلبات الأسعار، والآن انهيار عملته، وما زاد الأمور أسوأ، أن معظم المستوردين يضطرون إلى استخدام الدولار عند شراء السلع بينما يدفع عملائهم داخل لبنان، بالليرة.

وأوضح المسؤول في برنامج الغذاء العالمي للأمم المتحدة أن هناك ركيزتين للأمن الغذائي، أولاً، الحصول على ما يكفي من الغذاء في البلد وثانياً الذين لديهم القدرة الشرائية للوصول إلى هذه المواد، مشيراً إلى أن لبنان يواجه ضربة مزدوج،ة مع ضرب الركيزتين معاً.

ومن جانبه، قال هاني بوشالي رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية والمنتجات الاستهلاكية والمشروبات، إن "الواردات تراجعت بالفعل بنحو 50% عن العام الماضي".

وحسب الدكتور كولرتس، يحتاج لبنان إلى حوالي 500 مليون دولار سنوياً لاستيراد المواد الغذائية، خاصة أن 13% فقط من أراضيه صالحة للزراعة، وأضاف "إذا أجريت العمليات الحسابية، فلن يتمكن لبنان من إطعام سوى حوالي 130 ألف شخص سنوياً"، مشيراً إلى أن أزمة الغذاء تحتاج إلى تدخل أجنبي فوراً، وقال إن إنقاذ هذا البلد أرخص بكثير مما سيكون عليه الأمر للسماح لدولة قدمت خدمة لأوروبا من خلال استضافة اللاجئين بالانهيار.

ظهور المقايضة
ويملك محمد شريم 60 عاماً، محل جزارة في وسط بيروت منذ أكثر من 40 عاماً، وكان يكسب نحو مليوني ليرة يومياً، عندما كان المحل مزدحماً بالزبائن طوال اليوم، وأما الآن فيدفع 200 ألف ليرة يومياً، فقط لإبقاء أبواب محله مفتوحة.

وقال: "الذين اعتادوا على الشراء بالكيلوغرام لم يعد بإمكانهم شراء اللحوم، لذلك عندما يدخلون يشترون بالغرام"، وذكر أن سعر كيلوغرام من اللحم كان 11 دولاراً، أما الآن فيبلغ 33 دولاراً، أي أنه ارتفع 3 أضعاف منذ أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، وتابع "إذا استمرت الأزمة الاقتصادية، من يدري، قد لا أتمكن من فتح الأبواب غداً".

ومع نفاد السيولة واستمرار الهبوط في القوة الشرائية لليرة، بدأ اقتصاد المقايضة في الظهور، مع وصول السلع إلى ثلاثة أضعاف أسعارها الأصلية تقريباً، فيمتلئ موقع فيس بوك بمنشورات ورسائل لأشخاص يحاولون مقايضة أغراضهم الشخصية بالطعام.