مسلح من إحدى الميليشيات الإرهابية الموالية لإيران في العراق (أرشيف)
مسلح من إحدى الميليشيات الإرهابية الموالية لإيران في العراق (أرشيف)
الخميس 2 يوليو 2020 / 23:40

كورونا والعقوبات يُقلصان الدعم الإيراني لوكلائها في العراق

ذكرت مصادر مطلعة أن جائحة فيروس كورونا والعقوبات الأمريكية على طهران، تؤثران بشدة على دعم إيران المالي والعسكري لجماعات شيعية مسلحة تعمل بالوكالة عنها في العراق، وتُعد من دعائم سياستها الخارجية الإقليمية.

وقال 3 من قادة الجماعات العراقية المسلحة، ومسؤول إقليمي على دراية بأنشطة إيران في العراق، إن "الشلل الذي تسبب فيه فيروس كورونا، بما في ذلك إغلاق الحدود لمنع تفشي الوباء، عطلت إلى حد بعيد إمدادات إيران النقدية للفصائل المسلحة في الأشهر القليلة الماضية".

وأضاف القادة الثلاثة أن الأموال التي تقدمها إيران تُخصص عادة للعمليات العسكرية المتعلقة بأنشطة الجماعات المسلحة مثل محاربة أعداء إيران، بما في ذلك شن هجمات على أهداف أمريكية.

وقال أحد القادة الذي ينتمي لجماعة مسلحة قوية، إنه "منذ تفشي فيروس كورونا في أوائل العام خفضت إيران مخصصاتها الشهرية لكل واحدة من الجماعات المسلحة الأربع الكبرى في العراق إلى ما بين مليونين و3 ملايين دولار من 4.5 و5 ملايين دولار".

وأوضح القادة أن تقليص التمويلات أثّر على عمليات الجماعات المسلحة ويضطرها للبحث عن مصادر تمويل بديلة للعمليات العسكرية والأسلحة مثل مصالحها التجارية الخاصة.

وللعراق حدود مشتركة مع إيران، بؤرة فيروس كورونا في الشرق الأوسط، وسجلت أكثر من 11 ألف بسببه. 

وقال القادة الثلاثة والمسؤول الإقليمي، إن الاضطرابات التي سببتها الجائحة تزيد من تقليص التمويل الذي تقدمه طهران للجماعات المسلحة، والذي انخفض بالفعل في العامين الماضيين تحت وطأة العقوبات الأمريكية على إيران، وأوضح المسؤول الإقليمي أن تمويل طهران لتلك الجماعات تراجع بملايين الدولارات.

وساهمت العقوبات، إلى جانب أزمة فيروس كورونا، وتراجع أسعار النفط في إجبار إيران، التي تواجه عجزاً كبيراً في الميزانية، على الحد من إنفاقها العسكري، بما في ذلك تمويل حرسها الثوري.

ويعد ارتباط إيران بوكلائها من الجماعات المسلحة محور القوة الشيعي عبر العراق، وسوريا، وحتى البحر المتوسط، أمراً حاسماً في استراتيجيتها لمواجهة النفوذ الأمريكي، مع وقوعها تحت ضغط العقوبات.

ويتفق برايان هوك المبعوث الأمريكي الخاص بشؤون إيران مع القول إن للعقوبات الأمريكية تأثير على تمويل إيران للجماعات شبه العسكرية، قائلاً إنها توفر "أدلة إضافية على أن حملتنا للضغوط القصوى ناجعة في حرمان النظام الإيراني من الإيرادات لتمويل وكلاء الإرهاب وغيرها من الأعمال المزعزعة للاستقرار في أنحاء المنطقة".

كما يأتي خفض تمويل الفصائل المسلحة بعد مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، في ضربة بطائرة دون طيار أمريكية ببغداد في يناير(كانون الثاني) الماضي.

ويرى القادة الثلاثة، والمسؤول الإقليمي، ودبلوماسي إيراني كبير أن مقتل سليماني، الذي أنشأ محور نفوذ متحيز لإيران عبر الشرق الأوسط، وقاد حلفاء سياسيين في العراق، وجه ضربة لعمليات الجماعات المسلحة، وأهداف إيران الأوسع نطاقاً في العراق.

وساعدت الجماعات المسلحة المدعومة من إيران الحكومة العراقية في هزيمة تنظيم داعش في 2017، وهيمنت هذه الجماعات على قوات الحشد الشعبي، القوة العراقية الخاضعة لسيطرة الدولة تنضوي تحت لوائها جماعات مسلحة، بما فيها جماعات شيعية صغيرة تعارض الهيمنة الإيرانية.

وأُدمجت قوات الحشد الشعبي رسمياً في القوات المسلحة العراقية، وقادت الكثير من العمليات الأمنية، ورفض مهند العقابي، مدير إعلام الحشد الشعبي، التعليق على أي أمور تتعلق بجماعات مدعومة مباشرة من إيران.

وقال العقابي، إن "هيئة الحشد الشعبي تتلقى تمويلاً ومعدات عبر قنوات رسمية، من خلال الدولة العراقية، حتى لو كان المصدر الأساسي للمال، هو إيران في الغالب".

ونفى متحدث باسم مكتب العلاقات العامة في الحرس الثوري الإيراني، تمويل طهران للمسلحين، وقال "الجمهورية الإسلامية دائماً ما تدعم المضطهدين في المنطقة وخارجها، وسياستنا لم تتغير، لكننا لا نقدم دعماً مالياً للذين يحاربون هيمنة أمريكا في منطقتنا".

ورداً على سؤال عما إذا كان دعم إيران المالي والعسكري للجماعات العراقية المسلحة قد تراجع، قال علي رضا مير يوسفي المتحدث باسم البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة في نيويورك: "هذه الشائعات رُوجت لإثارة الخلاف بين البلدين ومآلها الفشل".

وأضاف أن "إيران تؤيد تماماً الحكومة العراقية، البلدان يتباحثان عن كثب في جميع الأمور التي تهم الجانبين، لكن إيران لا تتدخل في شؤون العراق الداخلية".

ولم يتسن على الفور الوصول لمتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء العراقي للتعليق، كما لم يتسن الوصول لمسؤولين آخرين في الحكومة العراقية، أو لم يردوا على طلبات للتعليق، ولطالما اعتبرت طهران شركاءها المسلحين، وسيلة لإثبات وجودها في العراق، والتصدي لنفوذ واشنطن، حليف بغداد المهم.

وبدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معاودة فرض العقوبات في 2018، بما في ذلك إجراءات ضد الحرس الثوري، لكبح برامج إيران الصاروخية والنووية، والحد من نفوذها في الشرق الأوسط، وقالت طهران إن العقوبات الأمريكية غير قانونية وتضر بالشعب الإيراني.

وقال قائد جماعة مسلحة قوية وعضو فيها، إنه قبل أن تعاود الولايات المتحدة فرض عقوباتها كانت طهران ترسل ما بين 12 و15 مليون دولار شهرياً لحلفائها المسلحين في العراق، وهو منتج كبير للنفط في منظمة أوبك، وأحد أهم حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط.

وإضافة إلى تعطل التمويل من إيران، قال القادة الثلاثة، إن إغلاق الحدود وجائحة كورونا قللا تدفق أنواع أخرى من الدعم الإيراني، مثل الذخيرة، وتدريب مقاتلين عراقيين يُرسلون إلى سوريا لمساندة الرئيس بشار الأسد، في الصراع ضد المعارضة المسلحة.

وأوضح القائد الثاني أن التدريبات كانت تشمل حرب الشوارع، واستخدام القذائف المضادة للدروع، واستخدام الطائرات دون طيار لتحديد مواقع العدو، وقال إن كل ذلك توقف.