أجزاء مهدمة من محطة نطنز النووية بسبب انفجار غامض (تويتر)
أجزاء مهدمة من محطة نطنز النووية بسبب انفجار غامض (تويتر)
السبت 4 يوليو 2020 / 11:20

انفجاران هزا سمعة المنظومة النووية الإيرانية

24 - بلال أبو كباش

هز انفجاران وقعا خلال الأسبوع الماضي كيان طهران السياسي وأربكا الإعلام الإيراني الذي صاغ تبريرات تتلاءم مع مخططات الحفاظ على سمعة المنظومة النووية في إيران، والتي أصبحت محط سؤال بعد وقوع حوادث متكررة في جوهرها.

كان الانفجار الذي وقع في محطة نطنز النووية الإيرانية يوم الخميس الماضي آخر الهزات التي عصفت بإيران على مدار أسبوع، ورغم محاولات إيران التقليل من خطورة الانفجار عبر نشر صورة متلفزة تظهر خراباً جزئياً في أجزاء معينة من المبنى إلا أن وسائل إعلام عديدة وأقمار صناعية أثبتت أن دماراً هائلاً حل بالموقع الحساس القريب من طهران.

وهرعت إيران فور وقوع الانفجار إلى اتهام جهات خارجية بتدبير الحادث، وأشارت بأصابعها فوراً نحو أمريكا وإسرائيل، وبعد مضي ساعات على انفجار نطنز قالت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا": "إذا كانت هناك إشارات على عبور دول معادية لخطوط إيران الحمراء بأي شكل من الأشكال، خاصةً النظام الصهيوني، والولايات المتحدة، فيجب إعادة النظر في استراتيجية إيران لمواجهة الوضع الجديد بشكل أساسي".

أدلة مصورة
انفجار نطنز سبقه انفجار موقع بارشين النووي، وحينها أكدت إيران أن الانفجار وقع في مخزن للوقود، إلا أن الهالة الضوئية الضخمة التي أضاءت سماء طهران أثارت الشكوك، وتبين لاحقاً ومن خلال صور الأقمار الصناعية أن الانفجار مس جوهر مبنى لتصنيع الصواريخ دقيقة. 

وقالت صحيفة "التايمز" البريطانية في تقرير لها أمس الجمعة، إن النيران التي اندلعت من موقع نطنز حين الانفجار كانت كافية لرؤيتها عن بعد آلاف المترات، كما أنها كانت في مرمى كاميرات الأقمار الصناعية التي التقطت صوراً عديدة لها"، ونشرت أيضاً وكالة "أسوشيتيد برس" صورة التقطت عبر قمر صناعي أمس أثبتت أن خزانات الغاز والقبة المقامة فوق موقع بارشين لتصنيع الصواريخ قد احترقت بالكامل.

تكتم إيراني
وأرسلت السلطات الإيرانية فريق خبراء لتقييم الأضرار، مشيرة إلى أن الهدف من زيارتهم هو تأمين المكان والحرص على عدم إطلاق إشعاعات ضارة في الجو، وأصر المتحدث باسم هيئة الطاقة الذرية الإيرانية كمال فاندي على أن الموقع يواصل عمله، وأن الانفجار لم يتسبب بتعطل أي جزء رئيسي من المنشأة النووية. سعى المسؤول الإيراني إلى تهدئة المخاوف من إمكانية وقوع تسرب ذري، قائلاً "لا داعي للقلق، نظراً لعدم وجود نشاط في المنشأة المتضررة من احتمال حدوث التلوث".

وتؤكد التقارير، أن الموقعين النوويين الإيرانيين يحتويان على غازات تستخدم في تخصيب اليورانيوم، وقال الخبراء إن الانفجار الذي وقع في بارشين تسرب عنه غاز مشابه للغاز الذي تسرب في انفجار موقع نطنز القريب من طهران، وأشار الخبراء أن الغاز ضروري لتخصيب اليورانيوم.

يعد الانفجار الذي وقع في منشأة نطنز النووية ثاني حادث جوهري، ففي وقت سابق اخترق فيروس "استاكس نت" الموقع، وهو ما تسبب في تأخر برنامج إيران النووي.

استهداف غاز "UF6" 
من جهة أخرى، قال مصدر في منظمة الطاقة الذرية، إن "الانفجار الذي حصل في نطنز مثله مثل انفجار الأسبوع الماضي في منطقة بارشين، استهدف مخازن لغاز UF6، وعملياً أدى الانفجاران إلى خسارة ما يزيد على 80% من مخزون إيران لهذا الغاز، الذي تحتاجه محطة نطنز لتخصيب اليورانيوم"، مضيفاً أن الانفجار الثاني يؤكد وجود عمليات لمحاولة اختراق شبكة الكمبيوتر التي تسيطر على أجهزة ضغط المخازن، وفقاً لما نقلته "الجريدة" الكويتية.

خسائر كبيرة
وأشار المصدر إلى أن إيران ستحتاج إلى نحو الشهرين لتعويض الغاز الذي فقدته، وعملياً عليها تخفيف سرعة تخفيضها لليورانيوم بنسبة 80% فعلياً، مضيفاً أن الانفجار أدى إلى تصدع في مبنى المفاعل، وتوجهت مجموعات متخصصة إلى المفاعل للكشف إن كان هناك تسريب في المواد المشعة.

ونقلت "نيويورك تايمز "عن مسؤول استخباراتي شرق أوسطي، أن "الانفجار نتج من عبوة ناسفة زرعت داخل المنشأة"، مشيراً إلى أنه "دمر معظم الجزء العلوي من المنشأة، حيث تتم موازنة أجهزة الطرد المركزي الجديدة قبل تشغيلها".

وقال رئيس "معهد العلوم والأمن الدولي"، ديفيد أولبرايت، إن "عوامل عدة تشير إلى أن ما جرى كان عملاً تخريبياً". وأوضح أن الموقع المستهدف "منشأة تجميع تحصل على مكونات فرعية وتجمعها. لا تكون فيها عادة سوائل كثيرة قابلة للاشتعال (كي تتسبب في حريق كبير). عمليات التجميع ليست خطيرة في حد ذاتها. يبدو تخريباً. إنه موقع عالي القيمة للإيرانيين ومبنى بالغ الأهمية".

إسرائيل تتبنى
وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أن تل أبيب تقف وراء الانفجارين، وكان المدون الإسرائيلي إيدي كوهين نقل عن مصادر استخباراتية غربية، أمس الأول، أن تل أبيب قصفت أكبر معمل لتخصيب اليورانيوم في إيران. وكتب كوهين، عبر تويتر، أن "إسرائيل قصفت معمل تخصيب اليورانيوم الأكبر في إيران، ودمرته، وثمة حالات تسمم إشعاعي وإجلاء للسكان من موقع القصف وتعتيم شامل ومحاولة استعانة بخبراء روس".

"فهود الوطن"
في حين تلقى صحافيون من خدمة "بي بي سي" الفارسية رسالة بريد إلكتروني من مجموعة غير معروفة أطلقت على نفسها اسم "فهود الوطن"، تتبنى الهجوم قبل أن تصبح أنباء الحريق علنية. وقالت الجماعة، إنها تتألف من منشقين عن الجيش والأجهزة الأمنية الإيرانية، وإن الهجوم استهدف أجزاء فوق الأرض من المنشآت "حتى لا تتمكن الحكومة من تغطية الأضرار".