أردوغان وفائز السراج (أرشيف)
أردوغان وفائز السراج (أرشيف)
الأحد 5 يوليو 2020 / 11:58

دويتشه فيله: تركيا تحتل ليبيا.. واقتصادها

24 - بلال أبو كباش

تزيد تركيا تدخلاتها في ليبيا يوماً بعد يوم واضعة حكومة الوفاق الإخوانية تحت وصايتها التامة، لتحقيق طموحاتها وجني مكاسب مادية عبر الإسهام في مشاريع إعادة الإعمار والنفط والبنية التحتية لإنعاش اقتصاد أنقرة المترنح.

تؤكد "دويتشه فيله" الألمانية في تقرير لها نشر يوم الجمعة، أن الدعم العسكري التركي لحكومة الوفاق لم يكن ليتم لولا إيمان تركيا المطلق بتحقيق عوائد مالية جمة من وراءه، ويقول التقرير، إن تركيا أصبحت على رأس قائمة الدول المرحب بها من قبل الوفاق لتولي مشاريع إعادة الإعمار، مشيراً إلى أن أنقرة تتطلع لبدء تقديم عطاءات بعقود تبلغ قيمتها مليارات الدولارات. 

إعادة الإعمار
الشركات التركية تأمل بدورها في لعب دور رئيسي في إعادة بناء الدولة الغنية بالنفط في شمال إفريقيا، وقد أجرى المسؤولون الأتراك زيارات إلى طرابلس خلال الفترة الماضية للاجتماع مع مسؤولي حكومة الوفاق الوطني لمناقشة التعاون في مجالات مثل البناء والطاقة.

وقال مدير معهد "صادق للدراسات" في ليبيا أنس القماطي، "أعطت تركيا القوة لحكومة الوفاق الوطني عندما كانت في أضعف مستوياتها وأعتقد أن العديد من أعضاء حكومة الوفاق الوطني حريصون على رد الجميل ويبحثون عن شركاء يمكنهم إقامة علاقة استراتيجية معهم". 

وأضاف القماطي، أن "حكومة الوفاق تتطلع لبناء علاقة قوية تتعدى حدود التعاون الاقتصادي والسياسي والتجاري، هي تطمح لإقامة علاقة استراتيجية، وأنقرة تسعى لتحقيق مصالحها في تركيا ونيل أكبر حصة من كعكة إعادة الإعمار". 

تحاول تركيا العودة إلى ليبيا من جميع الأبواب، وباتت تدفع بالأوراق التاريخية حول إسهامها في حقبة السبعينات بتطوير قطاع البناء عبر مشاريع بلغت قيمتها 40 مليار دولار أمريكي. ويؤكد رئيس اتحاد المقاولين الأتراك ميثات ينيجون، أن تركيا تتطلع لجني قرابة 50 مليار دولار من عوائد مشاريع إعادة الإعمار في البلد المتهالك بسبب الحروب المشتعلة منذ2011.

وأضاف ينيجون، أن ليبيا في حالة خراب كبيرة، وتركيا تحظى بفرصة استراتيجية لدعم اقتصادها عبر مشاريع إعادة الإعمار، ويتابع قائلاً "بمجرد البدء في تنفيذ المشاريع في ليبيا سيبدأ الاقتصاد التركي بالانتعاش والتقدم".

ويقول رئيس اتحاد المقاولين الأتراك، إنه "عندما تفوز الشركات التركية بعقود إعادة الإعمار في ليبيا ستتاح لنا إمكانية تصدير المواد التركية اللازمة وهو ما سيساعد في تعزيز احتياطاتنا النقدية".

تضخم وبطالة
ويؤكد التقرير، أن التدخل التركي في ليبيا جاء في وقت تعاني في أنقرة من أزمات اقتصادية عديدة، أبرزها ارتفاع نسبة البطالة والتضخم، وهبوط الليرة إلى أدنى مستوياتها أمام الدولار الأمريكي، مشيراً إلى أن عوائد التدخل العسكري في ليبيا تمنح الاقتصاد التركي دفعة هو بأمس الحاجة إليها الآن أكثر من أي وقت مضى خاصة في ظل تفشي فيروس كورونا الذي ضاعف خسائر الحكومة التركية. 

ويوضح التقرير، أن تركيا تحاول الخروج من مأزقها الاقتصادي عبر الاستدانة من دول غنية لتعزيز احتياطياتها من العملة الصعبة الذي شهد تراجعاً كبيراً في الآونة الأخيرة، وتكثف أنقرة محادثاتها مع دول مثل بريطانيا واليابان لإنشاء خطوط تعاون اقتصادي متبادلة سعياً لتعزيز احتياطي العملات الصعبة في أسواقها. 

ودائع بالمليارات
وتفيد التقارير، أن حكومة الوفاق الليبية كانت من أوائل الدول التي تمد يد العون إلى تركيا، وأودع محافظ البنك المركزي الليبي الصديق الكبير 8 مليارات دولار في البنك المركزي التركي لمدة 4 سنوات دون فائدة للمساهمة في تحقيق استقرار الليرة التركية. 

المساهمة المالية التركية أتت بعد لقاء بين محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الإثنين الماضي، وجاء لقاء الصديق وأردوغان عقب سلسلة من الاجتماعات التي عقدها محافظ مصرف ليبيا مع مسؤولين ماليين أتراك بارزين، مثل وزير المالية والخزانة التركي براءت ألبيرق، ومحافظ البنك المركزي التركي مراد أويصال. 

حاولت حكومة الوفاق الليبية التعتيم على نتائج الاجتماعات المتكررة مع المسؤولين الأتراك إلا أن التقارير أشارت إلى أن تقديم الصديق الكبير لأموال على شكل ودائع لتركيا، جاء لضمان استمرار دعم أردوغان لحكومة فائز السراج غير الشرعية.

يوم الخميس الماضي، أكد رئيس لجنة إدارة أزمة السيولة في مصرف ليبيا المركزي رمزي الآغا في لقاء مع قناة "سكاي نيوز"، إن "الاجتماع الذي عقده الصديق الكبير مع محافظ البنك المركزي التركي ووزير المالية التركي، جاء لوضع الصيغة التنفيذية للاتفاقية الموقعة من جانب فائز السراج، والتي تدور حول تعويض الشركات التركية المتعاقدة مع الدولة الليبية إبان حكم الرئيس الراحل معمر القذافي، والتي قد تصل قيمتها لحوالي ثلاثة مليارات دولار".

واعتبر الآغا أن الصورة التي جمعت بين أردوغان والصديق الكبير، تبعث برسالة إيجابية للشركات التركية بأن الرئيس التركي قد نجح في كسب تعويضات لها، كما أنها تكشف بشكل صارخ هيمنة تركيا على موارد ليبيا وثرواتها. 

هيمنة على النفط
تطمح تركيا إلى تخفيض كلفة وارداتها النفطية السنوية التي تبلغ 40 مليار دولار، ويقول وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونمز، "نتطلع إلى خفض كلفة النفط المستورد عبر التعاون مع حكومة الوفاق في مجال التنقيب عن الغاز والنفط". 

وتوسع التعاون بين أنقرة والوفاق بعد توقيع اتفاقيتين حول التعاون العسكري وترسيم الحدود البحرية، تقدمت بعده شركة النفط الوطنية الليبية بطلب الحصول على تصاريح للتنقيب عن النفط والغاز في المناطق البحرية المعاد ترسيمها ما أدى إلى تصاعد التوترات مع قبرص واليونان، وأتت خطوة الوفاق بتحريض من الحكومة التركية التي باتت تسيطر بشكل كامل على قرارها.