المحلل السياسي العراقي الراحل هشام الهاشمي (أرشيف)
المحلل السياسي العراقي الراحل هشام الهاشمي (أرشيف)
الأربعاء 8 يوليو 2020 / 12:24

بعد اغتيال الهاشمي... ترهيب الكاظمي ليس سهلاً

24 - إعداد: ريتا دبابنة

في حادثة صدمت العالم العربي، الإثنين، أطلق مسلحون مجهولون النار على الخبير الأمني العراقي البارز هشام الهاشمي وأردوه قتيلاً، لكن السؤال الأهم يبقى، ماذا الذي يمكن لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أن يقدمه في مثل هذه الظروف؟

في تقرير لصحيفة "أراب نيوز"، يقول الصحافي بول إيدون: "كان الهاشمي،47 عاماً، أكاديمياً ومحللاً سياسياً عراقياً يحظى باحترام كبير. خبرته في فترة أزمة العراق مع داعش الإرهابي، أكسبته منصب مستشار التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لهزيمة التنظيم، وبعد تدمير داعش في 2018، حول تركيزه إلى ميليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران، والتي شاركت في حملة مناهضة داعش".


مخاوف وتهديدات
أعرب الهاشمي عن مخاوفه في الأسابيع الأخيرة من وضع ناخبي الحشد المدعومين من إيران له في مرماهم. وقال مصدر طبي في المستشفى الذي نقل إليه بعد إطلاق النار عليه، إنه تعرض "لإصابات بالرصاص في عدة أجزاء من الجسم".

يضيف إيدون، المتخصص في الشأن العربي والعراقي "شهد العراق سلسلة اغتيالات طالت المثقفين، والأكاديميين، والسياسيين المعتدلين في ذروة التمرد. وقتل أكثر من 500 شخص منذ اندلاع الاحتجاجات في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، التي طالبت بوضع حد للفساد، والنفوذ الشامل لإيران. لكن مع مقتل الهاشمي، أطلقت طلقة تحذيرية لتقسم قوس الكاظمي".


استياء الميليشيا
أما المحلل البارز في شؤون العراق، والزميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى مايكل نايتس، فيلفت إلى أن "الغرض من الاغتيال، هو إبداء استياء الميليشيات من الكاظمي، ودائرته، إنهم يحذرون من كلفة مرتفعة سيدفعها فريق الكاظمي إذا اعتقل أعضاء الميليشيات وعطل مؤسسات تمويلها".

مشهد الاغتيالات لإخافة المنتقدين وأصحاب الآراء الحرة، ليس جديداً على الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط، ويقول الكاتب، إن "اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، والهجمات اللاحقة في سوريا، والاغتيالات التي نفذها حزب الله في السنوات الماضية هي أمثلة بارزة على ذلك".


رسائل تهديد
في أواخر الشهر الماضي، أمر الكاظمي باعتقال 14 عضواً من كتائب حزب الله المدعومة من إيران في بغداد، عندما كانت الجماعة تستعد لتنفيذ هجوم صاروخي على قواعد تستضيف القوات الأمريكية.

ورغم إطلاق سراح المسلحين بعدها، إلا أن الإجراء يشير إلى أن الحكومة الجديدة كانت مستعدة لاتخاذ موقف حازم ضد عناصر الحشد، حسب إيدون.

يقول مؤلف مدونة Musings on Iraq، جويل وينغ، في تصريح للصحيفة، إن حزب الله هو المشتبه به الرئيسي في مقتل الهاشمي، وأن الرسالة كانت بسيطة، فالذين ينتقدون أنشطتهم سيتعرضون للتهديد كما حدث مع الهاشمي، ويمكن قتلهم دون عقاب"، مضيفاً، أن "مجموعات مثل حزب الله العراق، تشعر أنها جزء من الدولة الآن، وبالتالي لها حرية قتل المتظاهرين والنقاد، وكل من تشعر بأنه يهددها، لأنه لا أحداً أوقفها من قبل".


خطوط حمراء
أدى الغزو الأمريكي في 2003 إلى نهاية عهد صدام المضطرب بشكل مفاجئ، ولكن ظهرت مشاكل جديدة على شاكلة تمرد، وإرهاب، وسياسات طائفية، وأخيراً داعش. واليوم أصبح العراق ممزقاً وخاضعاً لمعسكر مؤيد لإيران، يريد التخلص من آخر بقايا الوجود العسكري الأمريكي، والقوميين الذين يستاءون من النفوذ المتزايد لطهران في بلادهم.

ويرى المحلل والصحافي في صحيفة "روداو" الكردية لوك غفوري، في اغتيال الهاشمي "رسالةً واضحة لجميع الكتاب، والباحثين في العراق، بأن هناك خطوطاً حمراء، إذا تجاوزتموها، ستقتلون.. هذه خطوة إلى الوراء بالنسبة لحرية التعبير والصحافة الحرة في العراق".


ضغوط على الكاظمي
ووفقاً لغفوري "إذا كشف أن القتلة أعضاء في الحشد المدعوم من إيران، فقد يكون من الصعب الوفاء بالوعود التي قدمها الكاظمي، لأنه يواجه بالفعل ضغطاً من نفس العناصر التي رفضت اعتقال مقاتلي حزب الله. الهاشمي وبخ الحشد، من بين مجموعات أخرى، لعمله خارج سيطرة الدولة، وهو انتقاد شديد الحساسية عندهم".

وأضاف "أوضح الهاشمي بالتفصيل الهيكل الجديد والصعوبات والتحديات والقضايا الداخلية داخل الحشد الشعبي. وتحدث عن طريقة عمله، كما أوضح انقساماته، بين موالين لآية الله السيستاني في العراق، وموالين لإيران".


مزيد من الفوضى
وبغض النظر عن مسار عمل الكاظمي القادم، يؤكد الغفوري أن على العراقيين الاستعداد لمزيد من الفوضى في المستقبل. "فإذا بقيت صامتاً، فإن سيادة القانون ستكون في وضع سيئ. ولكن إذا طبقت حكم القانون، فإن الميليشيات المدعومة من إيران ستسبب لك مشاكل".

لكن، وكما يقول المحلل نايتس، "يتمتع الهاشمي بالكثير من الاحترام بين العراقيين، لأنه كان مؤيداً للاحتجاجات المناهضة للحكومة في العام الماضي. ونتيجة لذلك، قد يؤدي هذا العمل الإجرامي إلى نتائج عكسية للميليشيات".


لعبة خطيرة
وقال وينغ إن مقتل الهاشمي إلى احتجاج دولي، "لكن لعبة خطيرة لا تزال تنتظر رئيس الوزراء للرد، ففي أقصى الأحوال، قد يكون الكاظمي قادراً على تخفيف حملة الاعتقالات لأعضاء الحشد، إلا إذا تمكنت السلطات من العثور على أدلة مباشرة في عملية الاغتيال".

وتابع، أن "أي شيء آخر يمكن أن يؤدي إلى موجة من الاحتجاجات في المنطقة الخضراء، كما حدث بعد الغارة على كتائب حزب الله. وأضاف أنه يمكن أن يؤدي إلى المزيد من الهجمات الصاروخية على المنشآت التي تستضيف الأمريكيين في تحد لمطالبته بالتوقف، وحتى سقوط حكومته إذا قررت قائمة فتح الكتلة القوية في البرلمان التي تدافع بقوة عن مصالح إيران وسياساتها في العراق، أنه تجاوز الحدود".


ولا يعتقد وينغ أن مقتل الهاشمي كان رداً مباشراً على اعتقال أعضاء الكتائب، لكنه يرى أنه "خشبة أخرى في عين الكاظمي، قائلين إنهم لا يعتقدون أن لديه القوة لوقف أنشطتهم".

تحد جديد
وأضاف "عندما أصبح الحشد جزءاً من قوات الأمن، مكافأة له بعد الحرب ضد داعش، كان هناك تستر على جرائمه، ما أعطى المنتمين إليه الشعور، بأنهم يستطيعون فعل ما يريدون. وهذا أحدث مثال فقط. قبل ذلك استطاعوا الفرار بعد تدمير تكريت، والمدن المحيطة بها بعد استعادتها من داعش، واختطاف وقتل مئات الرجال في الأنبار، وتشريد الآلاف أثناء الحرب، فهل سيوقفهم، قتل محلل سياسي؟".


ومع ذلك، يعتقد نايتس أنه "عندما تشير المخابرات إلى هجمات ميليشيات مستقبلية، أو تبرر عمليات الاعتقال، فمن المحتمل أن تعتقل المزيد من مقاتلي الميليشيات"، مضيفاً "بدأ نمط الانتقام، لكن ليس من السهل تخويف الكاظمي".