عراقيون يتهمون خامنئي باغتيال هاشم الهاشمي (أرشيف)
عراقيون يتهمون خامنئي باغتيال هاشم الهاشمي (أرشيف)
الخميس 9 يوليو 2020 / 12:54

تحليل: مأساة اغتيال الهاشمي فرصة لتقليم أظافر إيران في العراق

يعتبر مقتل الباحث العراقي المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية المتطرفة هشام الهاشمي، مأساة للعراق، ولكنه في الوقت نفسه يمثل اختبار قيادة وربما فرصة سياسية، لرئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي، حسب المحلل السياسي والكاتب الصحافي الأمريكي بوبي جوش.

وأطلق مسلحون النار على الباحث العراقي هشام الهاشمي يوم الإثنين الماضي فأردوه قتيلاً. وكان الهاشمي باحثاً متخصصاً في تنظيمي داعش، والقاعدة الإرهابيين، وعمل مستشاراً للحكومة العراقية في شؤون الإرهاب والجماعات المتطرفة.

وفي العام الماضي بدأ يركز على المليشيات الشيعية المسلحة المدعوم أغلبها من إيران والمتغلغلة في النظامين الأمني والسياسي للعراق.

كراهية وتهديدات
وأثارت انتقاداته المتكررة للميليشيات غضبها وكراهيتها. ويقول أصدقاء الهاشمي، إنه تلقى تهديدات بالقتل من هذه الجماعات. ويمثل قتله جريمة اغتيال كاملة، ورغم أن لا أحداً أعلن مسؤوليته عن الجريمة، فإن المليشيات يجب أن تكون المشتبه فيه الأول.

وتعهد رئيس الوزراء العراقي الكاظمي بتقديم قتلة الهاشمي للعدالة. وتمثل الميليشيات أكبر تهديد للنظام الاجتماعي والسياسي في العراق.

فرصة الكاظمي
وحاول رؤوساء الوزراء السابقون بدرجات متفاوتة من الحماس التصدي لنفوذ هذه الميليشيات، ولكن أياً منهم لم يحقق تقدماً يذكر في هذا الاتجاه. ولكن يمكن للكاظمي النجاح فيما فشل فيه روؤساء الحكومة السابقون، إذا استطاع الاستفادة من مجموعة من الظروف المواتية، بالإضافة إلى جريمة قتل الهاشمي المؤسفة.

ويقول بوبي جوش في التحليل الذي نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء، إن خلفية مصطفى الكاظمي تجعله مؤهلاً بشكل فريد لهذه المهمة. فهو الرئيس السابق للمخابرات العراقية الذي يعرف عن هذه الميليشيات أكثر مما يعرفه أي سياسي عادي.

كما أن وظيفته السابقة جعلته يطور علاقات قوية مع واشنطن، أو بشكل أكثر دقة، مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وكذلك مع طهران.

إعادة السعدي
وهناك عنصر آخر حاسم وهو اختيار كاظمي لمن يقود عمليات مكافحة الإرهاب في البلاد، إذ أعاد تعيين الفريق عبد الوهاب السعدي الذي خفض رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي رتبته وأطاح به في العام الماضي، استجابة لضغوط من إيران فيما يبدو.

ويرى جوش الذي يعمل منذ 2017 رئيساً لتحرير صحفية هندوستان تايمز الهندية، أنه يمكن للكاظمي، الاستفادة من المشاكل التي تواجهها طهران. فبين العقوبات الأمريكية وجائحة فيروس كورونا، تجد إيران نفسها غير قادرة على مواصلة دعمها السخي لعملائها في العراق. وبالفعل خفضت إيران مدفوعاتها الشهرية للميليشيات العراقية.

خسائر متوالية
ولم تتمكن إيران من تعويض خسارة قائدها العسكري قاسم سليماني، الذي كان يدير التنظيمات الخارجية الموالية لطهران، إلى جانب رجله القوي في العراق أبو الهادي المهندس، واللذان قتلا في غارة أمريكية قرب مطار بغداد في بداية العام الجاري. ويكافح إسماعيل قآني خليفة سليماني للسيطرة على الميليشيات العراقية، ولم يتمكن من تجميعها حول زعيم محلي جديد مثل المهندس.

ومنذ توليه رئاسة الحكومة في مايو (أيار) الماضي، يحاول كاظمي بقوة تفكيك بعض هذه الميليشيات. وأمر بشن هجمات ضد جماعات بارزة مثل كتائب حزب الله، ولكن سرعان ما أطلق سراح عناصر هذه الكتائب الذين قبض عليهم. كما حذر هذه الجماعات من استمرار هجماتها الصاروخية على الأهداف الأمريكية، لكنها استمرت.

دعم برلماني
ولكن ما يفتقده الكاظمي هو الدعم البرلماني الكامل، إذ يتلقى أغلب السياسيين الشيعة العراقيين أوامرهم من طهران ومن العراقيين العاديين.

ورغم أنه تعهد بحل مشاكل المحتجين من الشباب العراقيين الذين أطاحوا بسلفه فيما يعرف باسم "ثورة أكتوبر"، فإن الشباب العراقي يشكك فيه باعتباره صنيعة للمؤسسة السياسية المشوهة.

وليتمكن رئيس الوزراء من مواجهة الميليشيات وسادتهم الإيرانيين، فإنه يحتاج إلى المزيد من دعم العراقيين، من مختلف الطوائف، ومن المجتمع الدولي.

فرصة ذهبية
والحقيقة أن مقتل الهاشمي يمكن أن يخدم موقف أي سياسي بارع. إذ كان الباحث العراقي يحظى بشعبية واسعة بين المتظاهرين الذين واجهوا رصاص وهراوات الميليشيات التي كانت تحاول فض مظاهراتهم.

ورغم تراجع زخم ثورة أكتوبر (تشرين الأول) منذ أوائل الربيع الماضي، نتيجة جائحة فيروس كورونا وانسحاب دعم القيادات السياسية والدينية الشيعية، يمكن لمقتل الهاشمي، إشعال جذوة الاحتجاجات مرة أخرى.

وأدانت الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وبريطانيا وغيرها من الدول والمؤسسات الدولية مقتل الهاشمي، ووجدت إيران نفسها مضطرة لإعلان أسفها لمقتله.

ويمكن للكاظمي دعوة هذه الدول والأطراف الدولية لتحويل أقوالها إلى أفعال، وزيادة الدعم المخابراتي لبلاده، وتشديد الضغوط الدبلوماسية على إيران.

نفوذ إيران
ولكن يظل السؤال، هل يمكن أن يفشل الكاظمي في ذلك؟ بالطبع يمكن ذلك، لأن إيران تملك نفوذاً قوياً في بغداد وستستخدمه. وحتى مع انخفاض الدعم الإيراني للمليشيات العراقية، فإن الأخيرة لا تزال قادرة على إلحاق الأذى بأي قوة عراقية أخرى يمكن أن يستخدمها الكاظمي ضدها.

في الوقت نفسه، لا يزال على الكاظمي إبراز المظلومية السياسية المطلوبة، لتحويل مأساة اغتيال الهاشمي، إلى فرصة لتقليم أظافر إيران في بلاده.